«خالٍ من الغلوتين» موضة أم ضرورة صحية؟

قبل 10 سنوات تقريبا لم نكن نسمع كثيرا عن نظام غذائي «خالٍ من الغلوتين» gluten free diet، ولا حتى عن كلمة «جلوتين». اليوم انتشرت المتاجر والمنتجات التي تحمل ذلك الشعار. فلماذا اليوم اعتدنا سماع «خالٍ من الغلوتين» باعتبارها أحد صرعات الحمية الغذائية؟
تقول خبيرة التغذية التكاملية الأميركية جوانا بوشياتا Joanna Puciata لـ«الشرق الأوسط» إن عبارة «خالٍ من الغلوتين» ليست صرعة أو موضة في الغذاء للحصول على قوام رشيق، إنما هو أسلوب حياة لا غنى عنه للبعض، بل قد يكون الطريقة الوحيدة لكي يبقى البعض على قيد الحياة. ومسألة الحساسية من الغلوتين موجودة منذ زمن ولكن المشكلة ظهرت بوضوح مع انتشار أطعمة مثل البيتزا والمعجنات والباستا والكعك والحلويات. من ناحية استخدام المبيدات الحشرية لمعالجة الآفات الزراعية.
وتوضح «الحساسية للجلوتين هي جزء من إضرابات المناعة الذاتية المزمنة والتي تستمر مدى الحياة، وهو أكثر شيوعا في أوروبا وأميركا، وتمثل أمراض المناعة الذاتية ثالث أسباب الوفاة في الدول المتقدمة، ولها كثير من المظاهر والأعراض بعيدة كل البعد عن الإضرابات التي يحدثها الغلوتين في الأمعاء الدقيقة. وقد تظل معاناة بعض الأفراد لسنوات طويلة قد تصل إلى عقد من الزمان دون معرفة وعلاج المشكلة الرئيسية». وتضيف: «عدم القدرة على هضم الغلوتين، مرض يتسبب فيما يسمى متلازمة الأحشاء الراشحة Leaky Gut Syndrome، أي أنها تتسبب في أن تتسرب بعض الأطعمة غير المهضومة للدم، وبالتالي نشر السموم فيه الذي يخلق أرضا خصبة للنمو الزائد للبكتيريا والطفيليات وسوء التغذية، الناجم عن عدم قدرة الأمعاء على امتصاص المواد الغذائية المفيدة ويعاني هؤلاء الأشخاص من نقص في الفيتامينات والمعادن، مما يعني أن نمط الغذاء الخالي من الغلوتين لن يكون كافيا».
وتقول جوانا، عضو الجمعية الدولية للممارسين الصحيين: «الغلوتين هو مادة أو بروتين موجودة في كل الحبوب، مثل: القمح والشعير والجاودار، ومن الصعب جدا على بعض الأشخاص هضم ذلك البروتين». ومن السهل جدا أن تفقد بعضا من وزنك إذا توقفت عن تناول أي نوع من أنواع الكربوهيدرات البسيطة، والتي هي مكون أساسي في كل الأطعمة المصنوعة من الدقيق، مثل: الخبز والمعجنات والباستا، والتي يتم تخزينها في الجسم على أنها دهون. أما الكربوهيدرات المعقدة مثل الطحين «الدقيق» والحبوب الكاملة فهي تتحول إلى سكر. وتحديدا الحبوب الكاملة يتم توزيعها في الجسم ببطء حيث يخزنها كطاقة.
«ابتعدوا عن هذه الأشياء وستجدون فقدانكم للوزن لا مفر منه، بل سيصبح أمرا حتميا»، هكذا تؤكد جوانا، وتضيف: «يجب أن ندرك أن ترك مكون غذائي واحد سيتيح لنا الفرصة لتناول المزيد من الخضراوات والفواكه والأسماك، وكلما حافظنا على نظام غذائي صحي، حصلنا على جسد أكثر صحة».
وتؤكد جوانا على أن المرحلة الصعبة ليست في اختيار اتباع نظام غذائي صحي وإنما تكون دائما المرحلة الأصعب في الحفاظ على ذلك واتباع أسلوب حياة صحي كامل، بل عليه أن ينخرط في أنشطة إيجابية ويفكر بشكل إيجابي أيضا. وأن يعيش حياة مدفوعة بالعاطفة في كل شيء أن يحب ويغفر، عليك أن تحب مطبخك وإعداد وصفات متنوعة وأخيرا أن تغير نمط الحياة الرتيبة.
وتشير جونا إلى أنها حينما تعمل مع الناس، تحرص على مساعدتهم وإعانتهم على تغيير النظام الغذائي وطريقة التفكير وممارستهم للرياضة، وكل شيء أيضا من أجل تحقيق نتائج ناجحة. ويبدأ الطريق دائما من ملاحظة الاحتياجات الجسدية لكل شخص والتي تختلف بين كل إنسان، ومن المهم أيضا معرفة الحالة المزاجية وعمل اختبار للحساسية الغذائية من أنواع معينة من الطعام.
وتقول: «لا يوجد نظام غذائي ملائم للجميع، كما أن اتباع نظام غذائي دون الاهتمام بمعالجة الجوانب العاطفية والجسمانية والروحية والاجتماعية، ستكون نتائجه مؤقتة وغير مجدية. وترى جونا أن عدم التوازن العاطفي يتجسد في حدود عامين في مشكلة جسدية، ومن الضروري أن يعي الناس ذلك جيدا. من المهم جدا أن نعيش حياة متوازنة إذا أردنا صحة أفضل».
ولمعرفة أعراض الحساسية للجلوتين، تخبرنا جوانا مؤسسة موقع «Heal N’ Glow» بأنها تتجسد في صورة صداع مزمن، مشكلات جلدية، أو في الهضم كالإمساك والإسهال، والاعتلال العصبي والمزاجي، والتوحد، والعقم، وأمراض الغدة الدرقية، والاكتئاب، وآلام المفاصل، والتهاب المفاصل الروماتويدي، تشتت الانتباه الأنيميا، ويظل المريض متنقلا من طبيب إلى طبيب دون معالجة السبب الجذري لهذه المشكلات الصحية. فقد ثبت أن النسبة الفعلية التي يتم تشخيصها من حالات الحساسية من الغلوتين هي مريض من كل 8 مرضى، وهي نسبة ضئيلة جدا. وغالبا ما يتم تشخيص حالات الوفاة الناجمة عن حساسية الغلوتين على أنها نوبات قلبية، أمراض الأوعية الدموية، تليف في الكبد، أو أنواع مختلفة من السرطان.
وتنصح بأنه إذا كان لديك أي من الأعراض المذكورة فعليك فورا التوقف عن تناول أي مواد تحتوي على الغلوتين لمدة 3 أيام وملاحظة جسدك وهل بدأت تشعر بتحسن أم لا؟ فإذا شعرت بفارق كبير عليك فورا الابتعاد عن الغلوتين.
وتلفت جوانا إلى ضرورة التأكد من السبب الرئيسي وراء إضرابات الهضم، خصوصا إذا كان هناك تاريخ مرضي عائلي لاضطرابات المناعة الذاتية في الأسرة، أو التأكد من مسألة الاستعداد الوراثي وجيني DQ2 أو DQ8 وهما من الجينات التي تظهر في أوقات التوتر العصبي، والتي يسببها الغذاء، أو عوامل خارجية تؤدي للتوتر كما هو الحال في حالات الطلاق.

* إليكم قائمة الأطعمة المسموح بتناولها للأفراد الذين يرفعون شعار «خالٍ من الغلوتين» في نظام حياتهم:
1 – الفاكهة: يُنصح بتناول معظم أنواع الفاكهة وشرب عصائرها، وتجنب فطائر الفاكهة المحشوة والجافة. والفواكه الخالية من الغلوتين هي التفاح والتوت، والموز، والعلّيق، والكرز، والتين، والعنب، والجوافة، والليمون، والمانجو، والبابايا، والبطيخ والفراولة.
2 – الخضر: الأفوكادو، والفاصوليا الخضراء، والقرنبيط، والملفوف، والخيار، والثوم، والبصل، والبازلاء، والفلفل، والسبانخ واللفت.
3 – الحليب: يُمكن تناول جميع أنواع الحليب والألبان الطبيعية، ولا يجب تناول الحليب ومشتقاته التي أُضيف إليها مواد تحتوي على الغلوتين مثل حليب المالت، الزبادي بالمنكهات إلخ..
4 – اللحوم: يُنصح بتناول جميع أنواع اللحوم والدواجن والأسماك والصدفيات والبيض لكن لا يجب تناول اللحوم المحضّرة بدقيق القمح أو الشعير أو الشوفان، أو المقدّمة في ساندويتشات. كذلك، وجب تفادي السجق المحشي واللحوم المعلبة وبعض بدائل البيض والصلصات واللحوم المتبلة بالخبر أو الكريمات.
5 – الزبدة والمرجرين والحلويات المصنوعة من المكوّنات المسموحة (السكر، العسل، الجيلو، الكاسترد، الحلوى العادية كالشوكولاته التي لا تحتوي على إضافات، جوز الهند)
6 – القهوة، والشاي، والمشروبات الغازية ومعظم أنواع التوابل.

*نظام غذائي 3 أيام دون جلوتين:
1 – الإفطار: كوب عصير برتقال أو جريب فروت + بيضة مسلوقة، أو حبة بطاطا مسلوقة ومتبلة بالبهارات (كمون وزعتر)، أو +كوب من الشاي أو القهوة.
2 – الغداء: سمكة مشوية أو 300 جرام فراخ ملسوقة + نصف كوب أرز مسلوق أو على البخار+ثمرة فاكهة+سلطة خضراء. (يمكن تقطيع الفاكهة ضمن السلطة)
3 – وجبة خفيفة: كوب عصير فاكهة أو ثمرة تفاح أو يوسفي

4 – العشاء: 200 جرام جبن قريش (متاح إضافة الزعتر وزيت الزيتون) أو100 غرام لبنة+خبز ذرة أو كوب زبادي دون نكهات+ سلطة خضراء

شاهد أيضاً

تجميد أنسجة المبيض يحمي مستقبل الأمومة

تجميد أنسجة المبيض يوفر خيارًا للنساء اللواتي يواجهن تحديات في الخصوبة، مثل المصابات بالسرطان، للمحافظة …

error: Content is protected !!