مسلسل(رحيق) في لعبتِهِ الدرامية ثلاثُ نساءٍ … وَرَجُلٌ واحدٌ

رضا المحمداوي
(( إنَّ الحُبَّ لا يأتي على حصان أبيض،وإنّما يأتي حين تحضر تلك اللحظة التي لا تتنظرُهُ فيها،وفجأةً تجدُ نفسَكَ غارقاً في ترف لا ينتهي.))

يضعنا مسلسل(رحيق)لمؤلفه:أحمد هاتف ومخرجه:علي أبو سيف مباشرة في عالمه العاطفي من خلال تايتل البداية والنهاية بطبيعتِهِ الغنائية الراقصة بين أثنين من الراقصين(رجل وامرأة)والذي صمَّمتْهُ المخرجة اللبنانية(رندلى قديح)ليكوِّن ذلك التايتل الراقص دلالته التعبيرية الواضحة في تحديد دائرة العلاقة الدرامية بين الرجل والمرأة في المسلسل ورسم إطارها الخاص داخل المنظومة الإجتماعية التي شهدتْ غياباً تاماً لهويتها وعناصرها ومكوناتها.
وليس هنالك ما هو أكثر دلالة على تلك الثنائية وقصة الحب المطروحة فيها من حوار إحدى الشخصيات الرئيسة في المسلسل والذي وضعتُهُ في مستهل مقالتي هذه.
ولا يكتفي المسلسل بعلاقة الحب فقط وإنما ينفذ من خلالها إلى قضية الزواج ومن ثم الطلاق وكيف يمكن للحب أن يبقى مُعلّقاً في تلك العلاقة المُعقّدة بين الحبيبين وهما يواجهان الإنفصال.
وقد بدا المسلسل وكأنّهُ مشاريع لقصص حُبٍّ وعلاقات عاطفية تحوم حولها الشخصيات وتقف على حافاتها العاطفية الحرجة لكنها تتهيب وتخشى الدخول إلى تلك العلاقة والإنغمار بها.
نعم إنها دراما عاطفية تتبنى موضوعة الحُبّ وكيفية نمو بذرته داخل النفس البشرية بكل إندفاعها وغموضها وحاجتها إلى الآخرحيث تندفع لترتمي في احضانه.
ولقد شاء المؤلف أن يكون(رحيق)مسلسلاً رومانسياً حيث المشاعر والمخاوف والإنفعالات والأفكار والعاطفة المشبوبة لتكتوي الشخصيات بنار توقها،وبسبب ذلك حضرتْ المزاجية العالية للشخصيات الرئيسة وشهدنا تقلب الأفكار والمواقف مع شيوع التأملات الرومانسية والحوارات الداخلية(المونولوج)والشرود الذهني.
مثلّث نسائي …
وبملاحظة مهمة عامة يمكن الإشارة إلى أنَّ المؤلف أحمد هاتف لا يدفع   بشخصياته للتصادم والصراع الحاسم لكي يكون بناؤه الدرامي أكثر إحتداماً وقوةً،بل يبقيها على هامش الحدث متوجسة ،وحذرةً في الخوض بتفاصيله ومحركاته وبواعثه.
فمسألة الطلاق بين باسل(سعد محسن)و(رشا)( نجلاء فهمي)لمْنتعرفْ على أسبابها على نحو واضح ودقيق لتكون مقنعة ومبررة للمتلقي،ولمْ نجدْ مشكلة حقيقية مُحدّدة حَدَثَ بسببها الطلاق رغم الإشارة إلى معاناة(رشا)جرّاء المزاجية العالية ل(باسل)الذي وَجَدَنفسَهُ بعد ثلاث سنوات من الزواج منها يعاني من القلق والحيرة بين حريتِهِ الشخصية وقيود الزواج وقد إنتهى الأمر به إلى طريق مسدود مثلما سبق له أن خاض تجربة فاشلة سابقة في الزواج والطلاق.
وعلينا هنا أن نبحث عن الخيط الواهن الذي يفصل بين الحب والكراهية فقد إنفصل الزوجان عن بعضهما رغم أن أحدهما يُحبُّ الآخر مثلما تعترف(رشا) بذلك وتفصح بانها تعيش في فراغ عاطفي كبير،في حين أنَّ (باسل) يعاني من إزواجية واضحة في عواطفه وتصرفاته وسلوكه العام فما أنْ يختلف مع(رحيق)(آلآءحسين)وهديل(مها النمر)حتى يرجع ويقضي ليلته في بيتطليقته(رشا) متجاوزاً  بذلك الكثير  من المحاذير والتحفظات الإجتماعية المعروفة في هذا الجانب!!وفي مثل هذا الوضع العاطفي والإجتماعي الشائك والمُلتَبس يتساءل الإثنان إن كان ما فعلاه خطأً أم صواب ؟؟
وفي الطرف الثاني من علاقة الحب بين (باسل)والفنانة المُطلّقة(رحيق) بدتْ لنا العلاقة وكأنها انتهتْ قبل أنْ تبدأ فلماذا لا يخوض الإثنان علاقة الحُبّ لنتبيَّن مدى التباين والإختلاف في مستوى التفاهم والإنسجام ونكتشف مشاعرهما على حقيقتها بدون مواربة أو غموض.
وكتنويع عاطفي جديد تدخل(هديل) بعد(رحيق)و(رشا) في اللعبة الدرامية العاطفية لتتكامل أضلع المُثلّث النسائي ويقف(باسل) وسط ذلك المُثلّث وسوف يزيد دخول( هديل)تلك اللعبة الدرامية إرتباكاً لا سيِّما أنها شخصية هوائية وعائمة وغير مستقرة وبدون أية جذور أو إرتباطات إجتماعية وبظهورها أصبح المسلسل بمثلّثِهِ العاطفي عبارة عن ثلاث نساء ورجل واحد؟!
الأماكن..والإيقاع
وحتى منتصف المسلسل المُتكوّن من (17) حلقة طغتْ الرتابة على إيقاعه فلا حدث كبير يحدث ولا فعل درامي حاسم يُحرّك الحياة الساكنة للمسلسل،فقد تمَّ طرح جميع الشخصيات والنسائية منهاعلى وجه الخصوص والتي كان من الممكن أنْ تكون أكثر فاعلية وتأثيراً وتحريكاً للأحداث في هذه الدراما الناعمة والهادئة ذات الصراع الساكن،وفي  الكثير من الحلقات والمشاهد طغتْ الحوارات الثنائية الصوتية بين الممثلين والتي بدتْ أقرب إلى المقاطع الإذاعية ذات الطبيعة الشاعرية .
وقد ساهمتْ محدودية الأماكن التي دارتْ فيها تلك الحلقات والمشاهد والحوارات الثنائية من ثقل إيقاع المسلسل حيث(المول)و(الكافتيريا)أو(الكازينو)ومبنى القناة التي تعمل بها جميع الشخصيات.

شاهد أيضاً

دار المأمون تضع الأساس لمشاريع تبادل ثقافي رصينة مع الجانب الروسي 

بحثت مدير عام دار المأمون للترجمة والنشر السيدة إشراق عبد العادل مع الدكتور ألق علي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!