تجليات إنسانية للشاعر عصمت شاهين دوسكي
* يصرخ في منفاه لعل قلبا يسمع صداه .
* المرأة تقتل وتحيا بلطف الكلام .
* باسم الله يفجرون ويخربون ويقتلون .
الأديب والإعلامي : أحمد لفته علي
حينما ينطق الشوق قد يبكي الحجر ويستبيح آهات وأنات ويضاجع الصمت وحدته ونبضه وألمه ربما يصرخ في منفاه لعل قلبا يسمع صداه ، لعل مخلصا من بعيد يرنو إليه ، هكذا تمر الثواني واللحظات والساعات والأيام والشهور والأعوام وهو في انتظار الذي يأتي أو لا يأتي او كما قيل في انتظار غودو لصموئيل بيكيت ويتغير مظهر الإنسان ويموت الضمير ويتبدل الإله السماوي إلى إله مادي يخرب النفوس والمشاعر والعواطف ويجعل الإنسان مناصرا مواليا له ، ومن هذا الوجع الإنساني يجسد الشاعر عصمت شاهين دوسكي في صوره الشعرية قصيدة .. ” حديث الشوق والحجر ” التي من خلالها عبر البحار والمحيطات والنفس تناغيها وتدغدغ آلامها لتخرج منها لحنا جميلا تحاكى الحجر والشجر والطير وما حاط بها أضواء القمر ،غني وحلق في سموات الوجع ولحن من أوجاعها لحن البشر آهات وجروح وقيح ترفضها قيم الإنسان ولا تحاكى الحجر ، الروح لا تبك ولا تبلل تبدو معك ألوان وطيف مما أبدع إنسان ليس ككل البشر ، كلنا نموت ونوضع تحت الحجر الغنى والفقير ومصائب الدنيا ماذا تريدني اشعر فما أنا بشاعر ولست كأنواع الحجر .
( آه من حديث
يعلل ما في الوصل دونه
يحتويك بُعدا عن المسافات وشقاءه
أما آن أن نلتقي بين الكلمات
حروف تناغم الشوق وآهاته ..؟
ارسميني بين أناملك طيفا
قد يلون من فرشاة حبك بألوانه
احجري عمرا
لا يهم إن كان الحجر أنت
فما أجمل الحجر بنسرينه ) .
وفي قصيدة ( أنبض بين يديك ) أتساءل أن تكويك بأية صيغة فأنت منها وهى منك كلاكما صناع الحياة فالمرأة تقتل وتحيا بلطف الكلام والحية ناعمة الملمس قاتلة بسمها والجنة مؤنثة والحرير ناعم الملمس ولكن كحبل حول العنق تقتل لأنه الحرير رغم نعومتها قوية …ولكن قيم وتقاليد المجتمعات تحجم المرأة ففي الجاهلية كانت تؤد المرأة أي تقتل ” وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ 8 التكوير الموؤدة المقتولة ; وهي الجارية تدفن وهي حية ، سميت بذلك لما يطرح عليها من التراب ، فيؤودها أي يثقلها حتى تموت ” والقرآن الكريم يورد بآية ” وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا 58 النحل يقول: وإذا بشر أحد هؤلاء الذين جعلوا لله البنات بولادة ما يضيفه إليه من ذلك له، ظلّ وجهه مسودًا من كراهته له ( وَهُوَ كَظِيمٌ ) يقول قد كَظَم الحزنَ، وامتلأ غما بولادته له، فهو لا يظهر ذلك. الشعر بدقة متناهية يهيئ المكانة المناسبة للمرأة…” أغيب عن التكوين لكي تكوني أنت تكويني وما تكوين الرجل والمرأة إلا متناغما واحدا يسند الآخر الشاعر عصمت دوسكي ليرتفع صوتكم بالإدانة لكل من يرفع صوته بوجه الأم المرأة ” وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ( اسراء24) وكن لهما ذليلا رحمة منك بهما تطيعهما فيما أمراك به مما لم يكن لله معصية، ولا تخالفهما فيما أحبَّا.
( أنا الفارس المعنى
بلظى أوجاع الدنيا
أنبض بين يديك حين تكويني
أغيب عن التكوين
لكي تكوني أنت تكويني ) .
نعم أيها الشاعر عصمت دوسكي جراحات العراق اكبر وهى تئن وبيروت تحت الأنقاض تصرخ وبعد مدة زمنية من الآن هناك مخلوقات لا زالت تحت الأنقاض تتنفس وتعلو الأصوات وأشارت وتوسلت ، كلب ضمن فريق إنقاذ تشيلى , نبح بإنقاذ إنسان معوق على عربة ويبحث وآخرين أحياء لكن موتى بلا روح بلا ضمير إلا أن هناك أرواح بين الحجر التعفن الإنساني يزكم الأنوف ومع ذلك الطغاة ووكلاء الله هناك لا يبالون لأنهم باسم الله يفجرون ويخربون ويقتلون ويدمرون ويشيعون الزواج من المرأة بالتوقيت لقضاء الوطر ويبكون الحسين ولا يطبقون أفعاله وإنما فقط ظاهريا وكذكرى وأما المبادئ تطبيقا على الأرض يهجرونها لأنها صعبة التطبيق لأنهم ليسوا مع كلمات الأمام الشهيد إن لم يكن لكم دين فكونوا أحرارا في دنياكم ….وصرخات الحسين أيضا ” لا تكن عبد غيرك وقد خلقك الله حرا ” هؤلاء عبيد الشهوات والدراهم الحرام التي تسيل له لعابهم مازال الخراب في سوريا والعراق ولبنان وليبيا واليمن وتونس كفى عويلا لقد منح الله الإنسان عقلا وإرادة لبناء جنة على الأرض وتعميرها ولكن ما أكثر العبر واقل الاعتبار الشاعر الأصيل شاعر الإنسانية عصمت دوسكي يبكى ويذرف دما لأجل لبنان وغير لبنان إنها صرخة الإنسانية .
( آه بيروت
إلى نعوش أطفالك سيرت
سبايا إلى سبايا شبهت
عيون الردى في الصحف نشرت
من رآها بالدم عيون أدمعت
سخطت ، أغضبت ، لعنت
ما بالُ الإنسانيةِ رملت ..؟
ما بالُ الرحمةِ فقدت …؟
ما بالُ الضمائرِ هجعت ..؟ ) .
الإبداع عمل إنساني قد ينطق القلب والحجر أينما كان شامل بلا حدود ولا قيود امتيازه بالمحلية هو سر العالمية فيها لأنها أمينة لأحداث وأفعال حدثت هنا ولكنها انتشرت للعالم مثل الموسيقى كل الناس يعشقها بقدر التفاعل والانسياق العاطفي ,ومن هنا البشر تجمعهم الروح والرحمة والمودة والإنسانية بغض النظر عن الألوان ,والعقائد والقوميات والمذاهب والطوائف , عصمت الدوسكى كاتب عالمي بثوب محلى ,وبلغة عربية وليست كردية لأنه تربى في الموصل ,دون أن ينكر كوردستانيته كهوية قومية وبدون تفاضل أو تمايز .ولكن بنقاء ومحبة والكل على خط واحد من المحبة والشمول في الإنسانية النقية .