التمييز ضدالمرأة في التشريع العراقي , هناك الكثير من النصوص القانونية التي تهدر حقوق المرأة كما أن هناك تغاضي عن منح المرأة العديد من حقوقها وتأمين حماية قانونية لها. ونركز في هذا المجال على قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 الذي من المفترض أن يكون مشرّع لحماية الحقوق والحريات الفردية والعامة ولكنه في عدد من نصوصه كان منتهكا لهذه الحقوق والحريات بشكل خاص الحقوق الإنسانية للمرأة نوضحها بحسب الآتي:-
اولا / النصوص التي تعدّ سباباً من أسباب الإباحة
المادة- (41) من القانون:-
لا جريمة إذا وقع الفعل استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون ويعتبر استعمالا للحق:-
1- تأديب الزوج لزوجته …..في حدود ما هو مقرر شرعاً أو قانوناً أو عرفاً.
هذه المادة تنتهك حق المرأة في السلامة الجسدية وتهدر كرامتها وآدميتها فهي تسمح للزوج أن يضرب زوجته (لتأديبها) وقد يصل حدود هذا التأديب إلى درجة شديدة من الإيذاء الجسدي والنفسي إذا ما كان العرف السائد في منطقة أو عائلة أو عشيرة الزوج أو الزوجة يسمح بذلك كالضرب بالعصا أو الحزام أو الربط إلى عمود أو شجرة أو الحبس في غرفة مظلمة أو الحرمان من الطعام والى غير ذلك من أساليب ووسائل ما
يسمى بالتأديب بحسب العرف الذي سيمنع محاكمة الزوج لإباحة القانون له فعل ذلك (بغرض تأديب زوجته).
فضلا عن مقدمة المادة توحي بشكل صريح أن ما سيقوم به الزوج من فعل التأديب سيشكل جريمة عندما ابتدأت المادة بعبارة (لا جريمة).
القانون مقدماً افترض أن الزوجة وحدها من يستحق التأديب وكأنها هي دائماً المخطئة والعاصية و…… أما الزوج فلا, ولو أن الزوجة قامت بتأديب زوجها فأنها سوف تعرض أمام المحكمة ويحكم عليها بجريمة الإيذاء بموجب المواد(410-416) لان القانون لم يعطها هي أيضا أسوة بالرجل حق تأديب زوجها مهما بلغت به سوء طباعه وسلوكه الذي يستحق أن يتم تأديبه عنها.
وهذه المخاطبة التمييزية في القانون تتعارض وأحكام المادة (14) من الدستور العراقي التي تقرر (العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس ……), كما أنها تتعارض وأحكام المادة (29) من الدستور العراقي التي تقرر في فقرتها الرابعة (تمنع كل أشكال العنف والتعسف في الأسرة والمدرسة والمجتمع), ولاسيما أن هناك عملية إعداد لمشروع قانون منع العنف المنزلي فهل سيكون من المنطق قانونا أن يتم استثناء عملية تأديب الزوج لزوجته من أحكام هذا القانون؟
كما أن هذه المادة تشكل انتهاكا للمــــادة (7) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص على ” لا يجوز إخضاع احد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاانسانية أو الحاطّة بالكرامة ” والمادة (2 – ج) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة . وكلا من العهد والاتفاقية قد صادق عليهما العراق بالقانونين (193)لسنة 1970 و (66) لسنة 1986 على التوالي. كما أنها تخالف اتفاقية مناهضة التعذيب لسنة 1983 والتي قرر العراق المصادقة عليها.
وهذه الانتقادات تسري على عملية تأديب الآباء والمعلمين ومن في حكمهم الأولاد القصر المنصوص عليها في ذات المادة ونضيف لسلسلة مخالفاتها التشريعية الوطنية الدولية, مخالفتها لاتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها العراق بالقانون رقم (3) لسنة 1994.
لذا نوصي بإلغاء هذه الفقرة من المادة (41) من قانون العقوبات العراقي.