الحمى النزفية تسجل حكايات عراقية “ساخرة” وأسباباً “خيالية” لإفلاس القصابين

صوتها/تحقيقات وتقارير

مرض الحمى النزفية أضحى حديث القاصي والداني في العراق، التردد والخوف والامتناع جميعها أصبحت ملازمة للمواطن حالما يفكر بشراء اللحوم من محلات القصابة، ففي الوقت الذي تنفيوزارة الزراعة صلة الحمى النزفية باللحوم سرعان ما تعاود تأكيدها على وجوب شراء هذه اللحوم من الأماكن التي تشرف عليها الصحة.

المواطن بات في حيرة من أمره في شراء هذه اللحوم التي تعد من الأطباق الرئيسية في المائدة، فتأكيدات وزارة الصحة بإصابات في محافظة الديوانية، وما تلاها من شائعات بانتشار المرض بأكثر من مكان جعل المواطن يتردد وفي كثير من الأحيان يمتنع عن شراء اللحوم.

قصابون: مبيعاتنا تقلصت إلى أقل من النصف
أكد عدد من القصابين أن “الشائعات” بوجود مرض الحمى النزفية أدت إلى تخوف الناس من شراء اللحوم، وبالتالي أدى إلى انخفاض مبيعاتهم إلى أقل من النصف.

ويقول أحد بائعي اللحوم ويدعى سليمان حكمت في حديث السومرية نيوز إن “الشائعات بشان إمكانية انتقال مرض الحمى النزفية عن طريق اللحوم أدى إلى تردد الناس وامتناع الكثير منهم من شرائها مما انعكس ذلك على انخفاض مبيعاتنا إلى أقل من النصف”.

ويضيف ضاحكا، أن “احدى زبوناته طالبته بأن يحلف باليمين بان اللحوم التي لديه تم جلبها من أماكن تم فحصها من قبل الصحة”.

بائع آخر يدعى حيدر صاحب يقول في حديث لـ السومرية نيوز، إن “الكثير من زبائنه المعروفين والذين يشترون اللحوم منه مرتين أسبوعيا على الأقل لم يعاودوا الشراء منه خوفا من المرض”، ماضياً إلى القول، “البعض منهم بات متخوفا من دخول حتى المحل”.

ويتابع ساخراً، أن “بعض الاصدقاء بات متخوفا حتى من ركن سيارته بالقرب من محله خوفا من أن ينتقل هذا الفيروس عبر الدم إلى داخل السيارة”، ويشير إلى محله بابتسامة لم تخف معالم الحزن في داخله “هذا هو حالنا اللحوم على حالها”.

ويشير صاحب إلى أن “الناس اتجهوا لشراء السمك وأيضا الدجاج المستورد”، فيما لم يستبعد “وجود مؤامرة لمافيات من التجار قامت بنشر بمثل هذه الاشاعات”.

الزراعة: حروب تجارية
من جانبها تعتبر وزارة الزراعة أن انتشار الحمى النزفية لا علاقة له بتناول اللحوم، وأن اللحوم ليسن ناقلاً للفيروس، وتؤكد أن حالات الإصابة المعلن عنها تعتبر فردية، وأن الفايروس مسيطر عليه.

وتؤكد الوزارة، أن “هناك اشاعات وتنوعاً لاشكال الحروب في السوق التجارية وتاأثيرها على حياة المواطنين اليومية”، داعيةً المواطنين إلى “عدم الإكتراث لهذه الانواع من الحروب التي تطلقها جهات مستفيدة من صراع السوق والبعيدة عن المنافسة الشريفة”.

نائب: المواشي المستوردة وراء انتشار المرض
ويقول عضو لجنة الصحة والبيئة البرلمانية بالبرلمان السابق عبد الهادي السعداوي في حديث لـ السومرية نيوز، ان “انتشار المرض حصل نتيجة ارتفاع المواشي المستوردة دون رقابة أو فحوصات خلال العامين الماضيين”، مبيناً أن “الأمر بحاجة إلى متابعة من الجهات المعنية لمنع استيراد اللحوم المصابة بالمرض، إضافة إلى منع الذبح العشوائي”.

ويؤكد السعداوي، أن “مرض الحمى النزفية ليس حديثا وجرى تهويله كما حصل سابقا بمرض انفلونزا الطيور وهو مسيطر عليه”، داعياً وزارة الداخلية إلى “اتخاذ الاجراءات الرادعة بحق الذبح العشوائي للمواشي والرعي لها داخل المناطق السكنية”.

ويستبعد السعداوي، “وجود لعبة تجارية خلف انتشار الحديث عن هذا المرض بهذه الفترة”، مشيراً إلى أن ذلك هو “تركيز اعلامي يشابه إلى حد كبير التركيز الإعلامي خلال فترة انتشار انفلونزا الطيور دون وجود جوانب اقتصادية أو تجارية خلفه”.

مواطنون: الحكومة لا تنقل الحقيقة كاملة
يقول المواطن محمد نايف في حديث لـ السومرية نيوز، إن “الحكومة لا تنقل الحقيقة كاملة عن هذه الأمراض، مما يتيح للإشاعة أن تنتشر بسرعة ومرعبة بين الناس”.

ويضيف نايف، أن “أكثر ما يؤرق الناس هو عدم وجود العناية والخدمات الصحية الجيدة لمثل هذه الأمراض في مؤسساتنا الصحية، مما يجعل الناس تتخوف لظهور مثل هكذا امراض”.

فيما يعزو المواطن جمال سعيد في حديث لـ السومرية نيوز “ظاهرة انتشار الامراض إلى الجزر العشوائي للاغنام بعيدا عن رقابة الصحة”، مؤكدا ان “معظم القصابين يشترون اللحوم من ساحات جزر غير مجازة”.

ويشير سعيد إلى ان “هذه الساحات صارت تباع فيها الاغنام المستوردة والتي يتم ادخالها للعراق بدون رقابة وبدون خضوعها للفحص الصحي وهي حاملة لامراض خطيرة”.

وكانت وزارة الصحة قد اكدت في 7 تموز ان عدد الحالات في الحمى النزفية حتى الان بلغت ثماني حالات، توفيت ست منها وحالة تماثلت للشفاء واخرى ما تزال تتلقى العناية الطبية.

والحمى النزفية الفايروسية مرض يصيب الحيوانات بصورة رئيسية إلا أنه يسبب أحياناً أمراضاً للبشر، وقد يسبب مرضاً شديداً لكل من الحيوانات والبشر مما يؤدي إلى اعتلالات شديدة ومن ثم الوفاة ، وغالباً ما تؤدي وفاة المواشي المصابة بحمى الوادي المتصدع إلى خسائر اقتصادية كبيرة .

شاهد أيضاً

ارتفاع التلوث البيئي في العراق.. وانتشار الكبريت ينذر بكارثة صحية

من أصل 18 محافظة في العراق، هناك 12 محافظة ذات بيئة “غير صحية” وست محافظات …

error: Content is protected !!