يصادف اليوم ذكرى يوم المرأة ويصادف (25) من نوفمبر اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، وهو جزء من جهد عالمي لرفع الوعي ومكافحة العنف الموجه ضد النساء. ولكن العنف لم يتوقف ضد المرأة بل استمر حتى يومنا هذا، وبقوة وقساوة أكبر، حيث أصبح هناك معدل عالمي جديد وخطير يؤكد بأن العنف الزوجي والأسري يتسبب بقتل امرأة كل 10 دقائق في العالم، وهذا رقم مذهل يجب الوقوف عنده ومعالجته بجدية، لا بالاكتفاء بالصحافة والندوات والمؤتمرات والاحتفالات والشجب والاستنكار والتصريحات الرنانة التي لم تعد مقنعة في الشارع العراقي والعربي والعالمي.
كفى شجبًا، اعملوا بجد وبصدق لوقف العنف ضد المرأة، لأن المرأة في كل مكان هي تاج رأس الرجل، شرقياً كان أم غربياً، متعلماً أم جاهلاً، فقيراً أم غنياً.
التقى عدد من شرائح المجتمع للوقوف حول مناسبة اليوم العالمي للمرأة وضرورة وقف العنف الأسري بحقها بشكل حقيقي، حيث تحدث الدكتور فاضل إسماعيل قائلاً:
بصراحة أنا أتفق معك فيما أشرت إليه من ارتفاع وتيرة العنف ضد المرأة بأشكاله المتعددة والمعروفة، سواء في العراق من شماله إلى وسطه وجنوبه، أو في الدول العربية أو دول أوروبا وأميركا. نعم، العنف ضد المرأة ما زال سارياً، فعشرات السنين نحتفل بالمناسبة ولكن فقط للنشر والدعاية، وحقيقة الأمر صعبة جداً ولم تتحقق الحلول كما هو متوقع. ومع الأسف الشديد لا تزال المرأة تعاني داخل الأسرة أو وسط المجتمع من القساوة والعنف والحقد والكراهية رغم أنها أخذت شوطاً كبيراً في العمل إلى جانب الرجل في كل الميادين، إضافة إلى اهتمامها بالعائلة من الزوج إلى الأطفال وتربيتهم كما يجب.

وأضاف: أقترح على الأمم المتحدة تغيير عنوان “وقف العنف الأسري ضد المرأة” إلى “لنعمل من أجل وقف العنف ضدها”، فكل احتفال سنوي هو استذكار للإساءة المستمرة التي تواجهها ملايين النساء في جميع أنحاء العالم. ولا أعرف كيف بدأ إحياء هذا اليوم ولماذا لا يزال مهماً، وماذا يمكننا أن نفعل للمساعدة في القضاء على العنف ضد المرأة.
المواطنة إسراء، وهي امرأة مثالية من مجتمعنا، تقول:
بصراحة ومرارة شديدة، من المؤلم أن نحتفل بهذا اليوم، لأنه لا يحمل في طياته رحمةً للمرأة في عالم يكثر فيه الحديث عن حقوقها والمساواة بين الجنسين. يعتقد البعض أن العنف ضد النساء أصبح من الماضي، ولكن واقع الكثير من نساء العراق والعالم يبرهن أن هذا غير صحيح، وأن العنف ضد المرأة مستمر كـوباء بوتيرة عالية جداً.
وتروي قصة أختها (س) التي عانت من العنف منذ زواجها من رجل عنيف وغاضب دائماً، رغم أن وضعه المادي والاجتماعي جيد جداً، إلا أنه كان يفرغ غضبه عليها بالضرب المبرح. وعلى الرغم من شكواها المستمرة لوالديها، كانا يطالبانها بالصبر وتحمل زوجها بحجة أن عمله مرهق وأن الطلاق لن يفيدها.
تقول إسراء: إن عائلتنا تغاضت عما كانت تمر به أختي، حتى عندما كُسر أحد ساعديها وتلقت العلاج في عيادة غير رسمية كي لا تُسجّل كحالة عنف أسري. واستمر الحال إلى أن قررت إنهاء حياتها بحرق نفسها هرباً من العذاب، ولم تنفعها القوانين سواء في العراق أو في العالم أو الأمم المتحدة ومؤسساتها المختصة.
الأستاذة الجامعية جنان خليل، المهتمة بشؤون المرأة، تقول:
نقولها بصراحة تامة، لا يزال العنف ضد المرأة موجوداً وقائماً وفاعلاً في مجتمعنا العراقي مع ازدياد نسبة التخلف والجهل بحقوق المرأة شرعاً وقانوناً من قبل الرجال، سواء كانوا أهلاً أم أزواجاً، رغم وجود قلة تحترم المرأة وتقدّر إنسانيتها.
وتضيف: من خلال متابعاتنا، تؤكد معظم التقارير أن ما يقارب من واحدة من كل ثلاث نساء تعرضت للعنف الجسدي أو الجنسي من الشريك الحميم أو من غير الشريك مرة واحدة على الأقل في حياتها، ولما لا يقل عن 51100 امرأة في عام 2023. وقد اشتدت هذه الآفة في أماكن مختلفة، بما في ذلك مكان العمل والمساحات عبر الإنترنت، وتفاقمت بسبب الصراعات وتغير المناخ، مع تأثير وسائل التواصل الاجتماعي والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية مثل البطالة والسكن.
وترى أن الحل يكمن في الاستجابات الحقيقية، ومحاسبة الجناة، وتسريع العمل عبر استراتيجيات وطنية جيدة الموارد وزيادة التمويل لحركات حقوق المرأة.
السيدة إشراق جعفر، وهي امرأة معنّفة أسرياً حتى من أولادها وزوجها، تقول:
بصراحة لا أعرف كيف أصف الكلمات، فالعنف يأتي حتى من النساء أنفسهن، كأن تكون “العمة أم الزوج” التي تشعل نار الحقد والكراهية وتحرض الزوج على تعنيف زوجته وأطفاله دون وجه حق، فقط لأنهم يريدون أن يعيشوا كأسرة متماسكة.
أما بالنسبة لاحتفال العالم بالمرأة سنوياً، فهو حبر على ورق، وتبقى هذه المناسبات مجرد فرصة لتثقيف الجمهور العام بشأن القضايا ذات الاهتمام، وحث الحكومات على توفير الموارد اللازمة لمعالجة المشكلات والقضاء على هذا العنف المتأصل في النفس البشرية منذ قرون.
وتضيف: هذا العام 2024 يصادف مرور 25 عامًا على إعلان اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، ولهذا ستعقد الجمعية العامة فعالية للتأمل في التقدم والإنجازات التي لم تتحقق بعد، ويبقى السعي مستمراً في سبيل القضاء على العنف القائم بحق المرأة المستضعفة.
مجلة صوتها تصدر عن منتدى الاعلاميات العراقيات