نورا النعيمي
تُعدّ المرأة ودورها في العملية السياسية موضوعًا محوريًا يثير الكثير من النقاش والجدل، إذ يمكن اعتباره فرصة حقيقية لتحقيق التغيير الإيجابي والمساهمة في بناء مجتمع أكثر عدالة ومساواة. ومع ذلك، تواجه المرأة العديد من التحديات والعوائق التي تحدّ من فاعليتها في هذا المجال.
تُعتبر مساهمة المرأة في العملية السياسية من المسائل الحيوية التي تهمّ المجتمعات الحديثة، إذ تسعى العديد من الدول إلى تعزيز دورها وتحقيق المساواة بين الجنسين. فالمرأة تضفي على الساحة السياسية منظورًا مختلفًا وخبرات متنوعة، ما يسهم في اتخاذ قرارات أكثر شمولًا وابتكارًا.
ورغم الفرص التي تتيحها مشاركة المرأة في الحياة السياسية، إلا أن الطريق ما زال محفوفًا بالصعوبات والتحديات.
من أبرز التحديات التي تواجهها المرأة في المجال السياسي التمييز القائم على النوع الاجتماعي، وما يرتبط به من تحيزات اجتماعية وتصورات نمطية تقلل من فرصها في الترشح للمناصب القيادية والمشاركة الفاعلة في صنع القرار. كما يؤدي نقص الوعي المجتمعي بأهمية دور المرأة السياسية إلى ضعف تمثيلها في المؤسسات المنتخبة.
وفي العديد من الدول، ما تزال النساء ممثلات تمثيلًا ناقصًا في الهيئات السياسية، ويبرز هذا الواقع بوضوح في منطقة الشرق الأوسط. فقد شهد العراق منذ مطلع الألفية الثالثة تحولات كبيرة عقب عام 2003 نحو بناء نظام ديمقراطي جديد. خلال هذه المرحلة، حصلت المرأة العراقية على فرصة الدخول إلى ميدان السياسة عبر تمثيلها في مجلس الحكم الانتقالي ومن ثم في الجمعية الوطنية ومجلس النواب العراقي، بفضل تطبيق نظام الكوتا الذي هدف إلى تمكينها من المشاركة الفعّالة في المؤسسات القيادية والسياسية.
وفي عام 2005، عزّز الدستور العراقي هذه الحقوق، إذ نصّت المادة (49/رابعًا) منه على ضرورة أن لا تقل نسبة تمثيل النساء في مجلس النواب عن 25% من إجمالي عدد الأعضاء. وقد انعكس ذلك إيجابًا على واقع المشاركة السياسية للمرأة العراقية، حيث تجاوزت نسب تمثيلها هذا الحد الأدنى في الدورات اللاحقة، لتصل في الدورة الخامسة إلى (97) نائبة، أي ما يعادل (28.9%) من مجموع الأعضاء.
ويُعدّ هذا التحول النوعي مؤشرًا على تطور دور المرأة في العمل السياسي، وعلى رغبتها الجادة في المساهمة الفعّالة في الحياة السياسية وصنع القرار.
إن وجود المرأة في مجلس النواب العراقي يُمثّل ركيزة أساسية في دعم العملية التشريعية، خاصة في ظل النظام الجمهوري النيابي (البرلماني) الديمقراطي الذي يتبناه العراق، والذي يتيح للنساء المساهمة في صياغة السياسات العامة واتخاذ القرارات التي تمسّ حياة المواطنين.
وفي إطار تمكين المرأة سياسيًا، أُطلقت العديد من المبادرات الوطنية التي تهدف إلى تعزيز قدراتها من خلال برامج تثقيفية وتدريبية تُعنى بتنمية مهاراتها القيادية والسياسية. وتشمل هذه المبادرات أيضًا تقديم الدعم القانوني والسياسي للنساء المرشحات أو المشاركات في الانتخابات، لضمان حصولهن على فرص متكافئة في الترشح والتصويت.
كما تعمل هذه المبادرات على نشر الوعي المجتمعي بأهمية مشاركة المرأة في الحياة السياسية، وتشجيع المجتمع على دعمها ومساندتها لتحقيق دور فاعل ومؤثر في صناعة القرار.
ختامًا، يمكن القول إن مشاركة المرأة في العملية السياسية تمثّل عنصرًا أساسيًا في تعزيز الديمقراطية وتحقيق المساواة بين الجنسين. ورغم ما تواجهه من تحديات ومعوقات، فإن أمامها فرصًا واسعة للتأثير والمساهمة الفعّالة. ومن خلال العمل الجاد، والدعم المؤسسي، والإرادة المجتمعية، يمكن تحقيق تقدم ملموس يعزز من حضور المرأة في الحياة السياسية، ويسهم في إحداث تغيير إيجابي على مستوى المجتمع بشكل عام، وعلى واقع المرأة بشكل خاص.
مجلة صوتها تصدر عن منتدى الاعلاميات العراقيات