الاستراتيجية الأمريكية وتعقيدات المشهد السوري

د. نبراس المعموري

تناقلت وسائل الإعلام خبر إلغاء الولايات المتحدة الأمريكية المكافأة المالية المخصصة لإعتقال أحمد الشرع (المعروف بأبو محمد الجولاني)، زعيم هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا)، وبررت بار برا ليف مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط التي التقت الشرع في دمشق؛ إصدار القرار ب”الرسائل الايجابية” التي أعرب عنها الشرع خلال المحادثات معه والتي تضمنت تعهداً بمحاربة الإرهاب.

يمكن تفسير القرار الأمريكي بفتح صفحة جديدة مع الشرع من عدة زوايا سياسية وأمنية. خاصة ان القرار يظهر تطورات في موقف واشنطن تجاه التنظيمات المسلحة في سوريا وتحديدًا تجاه هيئة تحرير الشام.
والتحول في العِلاقة نابع من الاستراتيجية التي اعتمدتها هيئة تحرير الشام في السنوات الأخيرة ومحاولتها تقديم نفسها ككيان معارض محلي يسعى للابتعاد عن ارتباطه بالقاعدة، وبدأت تركز على إدارة المناطق التي تسيطر عليها في إدلب بشمال سوريا. مما دفع واشنطن إلى إعادة تقييم سياستها تجاهها، واعتبارها لاعبًا أقل تهديدًا مقارنة بتنظيمات أخرى مثل داعش.

من وجهة نظرنا هناك أولويات للاستراتيجية الأمريكية نابع من :

  • التركيز على تهديدات أكبر وأكثر مباشرة لأمنها القومي وكذلك أمن إسرائيل، المتمثلة بإيران وبعض الفصائل المسلحة والمقاومة، اضافة إلى المجاميع الإرهابية المتمثلة بداعش.
    -تحييد بعض القِوَى المحلية في سوريا أو استخدامها ضد أعداء مشتركين.
    -إيصال رسالة إلى أطراف إقليمية ودولية تفيد بأن هيئة تحرير الشام لم تعد على رأس قائمة الأهداف الأمريكية، مما يفتح المجال أمام تفاهمات جديدة أو تهدئة مع الفاعلين المحليين في سوريا.

وعلى الرغم من ان القرار يظهر براغماتية أمريكية في التعامل مع تعقيدات المشهد السوري. إلا ان هذا التحول قد يُثير تساؤلات أخلاقية وسياسية حول ازدواجية المعايير الأمريكية في التعامل مع التنظيمات المسلحة، خصوصًا أن الهيئة لغاية الان متهمة بانتهاكات لحقوق الإنسان وقمع
المدنيين في مناطق سيطرتها.

الموقف الإيراني
يتضمن القرار الأمريكي برفع اسم الشرع من قائمة المستهدفين أبعاداً استراتيجية تؤثر على التوازنات الإقليمية والمشهد السياسي في سوريا، وهو ما قد يدفع إيران وحلفاءها إلى التحرك بطرق مباشرة أو غير مباشرة للتعبير عن رفضهم أو إعادة ترتيب أوراقهم.
و قد ترى إيران وفصائل المقاومة في القرار الأمريكي فرصة لتعزيز خطابها الرافض للوجود الأمريكي في سوريا والمنطقة بشكل عام. ومن الممكن ذلك ان يساعدها في زيادة شرعيتها كطرف أساسي في “محاربة الإرهاب”، مقابل وصف واشنطن بأنها تسعى لتفكيك وحدة الأراضي السورية ، مع استثمارها للتصعيد الإعلامي.

شاهد أيضاً

منبر ديني .. نساء غير شريفات !!

د. نبراس المعموري  يرتبط مفهوم الشرف في العديد من المجتمعات الشرقية، بما في ذلك العراق، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!