ضياء محسن الاسدي
إن اللغط الذي رافق مناقشة تعديل فقرات من قانون الأحوال الشخصية لعام 1959 ميلادية والذي مضى عليه أكثر من ستين سنة ولم يُعدل إلا في الآونة الأخيرة وبشكل ملفت للنظر من حيث التوقيت والأسلوب ونوع الفقرات التي يُراد تعديلها حيث سببت كثيرا من المناقشات الجدلية الرافضة والقابلة لها وهذا الدفاع المستميت من قبل كثيرا من رجال الدين والذين لم ينتبهوا إلى خطورة هذه التعديلات الاستفزازية للمجتمع الذي يسير نحو المدنية ومحاولة التعايش مع الواقع الجديد الذي يفرضه التطور الحاصل في العالم والحياة العامة للأمم الأخرى وهذا ما أدلت به الجهات الرافضة لهذه التعديلات فقد سبب هذا المشروع شرخا اجتماعيا في النسيج العراقي ومؤسساته المدنية والأسرة التي ترى من وجهة نظرها أنه مجحف للمرأة والطفولة ومكونات الأسرة العراقية مما دعت إلى ارتفاع الأصوات المدافعة عن حقوق المرأة والطفولة بعد محاولة رجال الدين وبعض مؤسساته السيطرة والهيمنة من جديد على رسم سياسة الدولة والمجتمع التي باتت أفكار هذا التيار بعيدا عن طموحات الشارع العراقي والمجتمع وصعوبات العيش فإذا كانت هذه القرارات من وجهة نظر رجال الدين أنها من الشريعة الإسلامية ومبادئها وقيمها فقد قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز وعلى نبيه الكريم محمدا صلوات الله عليه وسلامه (أحكم بالعدل وأمر بالعرف) وأن الأعراف الاجتماعية لا تبيح لهذا السن الصغير والمحرج الزواج لأسباب عدة منها فسيولوجية ونفسية وعقلية وأخلاقية وليس هناك سند منطقي وتشريعي معتبر لهذه الفئة العمرية من الزواج والتي أثارت الجدل مؤخرا بين أوساط المجتمع العراقي وأما الحضانة للرجل والمرأة فأنها مسألة تُدرس من قبل مختصين واختصاصي القانونيين والاجتماعيين واساتذة علم النفس والاجتماع يمكن أن يدلوا بدلوهم بهذا الصدد .
أن هذه التعديلات تثير جدلا واسعا في أوساط المجتمع وعدم الإجماع عليها ليس بحاجة للمجتمع العراقي لها أو إلى هكذا قوانين خلافية في الوقت الحالي والتي تزيد من المشاكل بين المجتمع الذي يترنح تحت وطأة السلبيات والمشاكل التي تعصف به أن هذه الآراء يحكم بها العرف ضمن تطورات المجتمع بالإضافة إلى أن المرجعيات الدينية المعتبرة لم تدلوا بآرائها حول هذا الموضوع وتركته للأصحاب الاختصاص ولم ترفضه أو تقبله وتركته للدولة ومؤسساتها المدنية . كان من الأولى على المشرع العراقي المهتم لشؤون المرأة وحقوقها والدين والذي طرح هذا المشرع للمناقشة أن يكون أكثر جرأة واهتماما بالواقع العراقي المتردي كالاهتمام بمكافحة آفة المخدرات التي أصبحت تفتك بالشباب والجيل الجديد أو استيعاب البطالة والخريجين وسحبهم من الشارع أو قوانين لتطوير ورفع مستوى التعليم والتربية أو قوانين مهمة ورادعة للحد من الفساد الأخلاقي والمادي والوظيفي وضرب رؤوس الفاسدين الذين عاثوا في العراق وثرواته وأعطوا شرعية مفهوم الفساد في الدولة العراقية وغيرها من المشاكل التي تعصف بهذا البلد المظلوم وأن تكون القوانين بمستوى التحدي الذي يعانيه الشعب العراقي والمسؤولية تتحملها كافة فئات الشعب وأطيافه وهذا ما يرتجيه المواطن من المشرع العراقي.