د. نبراس المعموري
في تصريح صحفي لمستشار القائد العام للحرس الثوري الإيراني، حجة الإسلام طائب حسين “أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريد تحويل هزيمته أمام حماس إلى حرب إقليمية” واضاف “ان الرد على اغتيال إسرائيل لرئيس المكتب السياسي لحركة (حماس) إسماعيل هنية في طهران جديدا ومفاجئا”!!!.
بالمقابل رفعت اسرائيل حالة التأهب إلى الدرجة القصوى، بعد اغتيال هنية ؛ فالتجارب أثبتت أن الاغتيالات التي طالت قيادات المقاومة الفلسطينية لم تفتّ في عضد هذه المنظمات، بل إنها زادت من أعمالها وقوتها. خاصة ان الاغتيال جاء في لحظة المفاوضات الحاسمة بين حماس وإسرائيل، من جانب، وبين محاولة ترميم المشهد الفلسطيني من جانب آخر.
وعند قراءة سيناريوهات ما سيترتب عن اغتيال هنية نجد ان العملية الأخيرة أعطت مبررات اكبر لمواصلة الحرب، وقد تتعداها إلى توسيع نطاقها لتشمل مواجهة عسكرية مباشرة مع إيران، بدلا من التضييق عليها أثناء استمرارها في تطوير برنامجها النووي.
يقابل ذلك موقف حماس بعد فقدانها رمز من رموزها بين عقدة البحث عن جغرافيا آمنة وقيادة ذات رمزية عالية ، وبرنامج سياسي يأخذ بنظر الاعتبار ما حصل وكيف تلافيه دون خسائر إضافية مع تعزيز قدرتها على بسط قوتها مجددا بعد أن تم استهدافها ضمن اقرب محيط لها آمن في عقر دار الحليف !!! .
وامام معادلة نتنياهو التي طرحها في ديسمبر 2023 عندما قال “أمام حماس الاستسلام أو الموت ” والتي أعاد طرحها وزير دفاعه غالانت بعد اغتيال هنية مباشرة، ما يعني بالضبط العودة إلى نقطة الصفر في المفاوضات من حيث الهدف الإسرائيلي البعيد ومن حيث التفاصيل.التي ستعتمدها حماس وفق المتغيرات الحاصلة .
ان زيادة التوترات بين حماس وإسرائيل، قد تؤدي إلى تصاعد العنف في قطاع غزة والمناطق المحيطة. وللأسف ان ردود الفعل الدولية لا تنسجم وحجم وتيرة المخاطر المترتبة حيث تلونت أشكال الردود ، بين ادانة او صمت، بينما اعتبرته أطراف أخرى جزءًا من الصراع المستمر.
تبقى مسألة الرد الإيراني ، من حيث عنصريّ (المفاجأة و جديد ) حسب التصريحات الإيرانية الأخيرة ، فهل سيناريو الرد وضع اعتبارات المتغيرات الحاصلة وفق رؤية مختلفة، و أن عملية الاغتيال كانت ضمن الدار وليس خارجه وهذا يتطلب من ايران اعادة تقييم لمنظومتها الأمنية ؟ .. كما هل سيكون السيناريو واضعا في اعتباراته ان الهدنة ومسألة غزة والحرب لم تعد كما كانت قبل عملية الاغتيال، علماً أن إسرائيل لم تتبنّ رسمياً الاغتيال، لكي تُسقط مبررات الرد الإيراني الذي من الممكن يمنحها مساحة من الوقت والمراوغة بعد ان اصبح نتنياهو لا يفكر بالرهائن والمفاوضات فقط بل يفكر بالأوراق الإضافية التي لابد من ان يعيد خلطها ويستثمرها سياسيا .. فهل وضعت إيران في حسابتها تشكيلة نتنياهو الجديدة ! وكيفية تطويع ما حصل لصلاحها وليس العكس .
ان السيناريوهات الافتراضية، والأوضاع الفعلية قد تختلف بناءً على العديد من العوامل والمتغيرات في الساحة السياسية ومدى امكانية قراءتها من عدمه .