عصمت شاهين دوسكي
هناك شعوب تتطور تتعظ من ماضيها لتقدم أفضل ما لديهاللبشرية .. وشعوب تبكي على ماضيها وتنوح وتلطم .. ولا تقدم شيئا لحاضرها ومستقبلها … وشعوب مغلوب على أمرها على رأسها الفاسدون والمخربون والحاقدون والأنانيون والذين يخلقون الأزمات رغم كل النعم التي وهبها الله لهم على أرض الواقع … نعم بعض الشعوب اتجهت باتجاه معاكس ولم تختار جوهرها وتوظفه للتقدم للتطور بل أسلمت للمآسي والضعف والانكسار والحروب الداخلية والخارجية فدمرت معها معالم الحضارة الجمالية والارتقائية والعلمية والأدبية والصناعيةوالثقافية ومن هذا كله يخلق الجهل والضعف والفساد والمخدرات والعري والانحدار والانكسار … نعم كانت أدوات الضعف الإرهاب النفسي والفكري والروحي والمعنوي إضافة إلى القتل والسجن والتعذيب والجوع والعطش والتهجير والنزوح واللجوء والتشريد وتدمير البنية المدنية الأساسية… فاعتلى الفاسد وأصبح سيدا … واعتلى الجاهل وأصبح قائدا …. واعتلى الباطل فأصبح حقا …. فباعوا كل شيء خفية وظاهرا .. باعوا البلاد والعباد .. بثمن بخس .. كأن الأرض والإنسان سلعة رخيصة …
تراث الشعوب يصبح ثقلا كبيرا وحملا منهكا إن لم يوظف فيعالم عصري بصورة سليمة ففي الحضارات لعبوا على وترالدين ولباس الدين ليس من أجل الدين ونصرته بل من اجلأهداف تصب في المصالح الذاتية ولبسوا جلباب العفة وهماشد من البغاء وركبوا الباطل ولونوه بالحق ،فالنفاق والشقاقأداة للوهن والسيطرة بطريقة فرق تسد وهذا يخلق الفروقاتوالطبقات والتناحرات والطوائف والأحزاب المختلفة في المجتمع” مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (الرّوم – 32( ” فالقوي يأكل الضعيف خوفا منالضعيف أن يرتقي ذات يوم وينافسه في القوى ( وهذا ليسفي جوهر الضعيف ) وهكذا يكثر الضياع والتسول والانتقاموالسرقات بفارق الطبقات وعدم البحث عن الحلول حينما لاالعدل عدلا ولا التربية تربية ..لو استغلت النعم والخيرات فيمكانها السليم لما سمعنا عن ثورة الجياع وصرخة البطالةوصرخة الحرية والعدالة وغيرها من الثورات الإنسانية … وهنايتجلى ضعف الطالب والمطلوب … كون الإرادة الحقيقيةوالمستقلة في التقدم والارتقاء والتغيير نحو خير الإنسانية غيرمستقرة مهزوزة ضعيفة وغير حاضرة … فلا جديد ولا تغيير ولاحلول للأزمات …. ولا خطة سنوية ولا خمسية ولا عشرية …. فيظل هذا الواقع ينتج الجهل والوباء والنفاق والرياء والكذبوالفساد ولا يكونوا تلامذة الشيطان بل تفوقوا على الشيطاننفسه ……..
الرحمة من الصفات الإنسانية وهي تأتي للتواصل الإنسانيونشر المودة والمحبة ولولا تجبر وتسلط الغني إلا ما ندر لما كانهناك فقير ويتيم جائع وفي الحديث القدسي ” ارحموا من فيالأرض يرحمكم من في السماء ” فهل رحمنا الجائع والفقيروالسائل وذو حاجة ..؟ هل وضعنا كل شيء في مكانه الصحيح..؟ هل أنصفنا السائل والمسؤول ..؟ هل وزعنا السنابل علىبطون خاوية ..؟ هل قسمنا رغيف الخبز بإنصاف ..؟ تساؤلاتوتناقضات على العيون البصيرة والعقول الحكيمة أن تنهل ماهو مفيد للوجود والموجود .. أم تجددت صورة الأسياد والعبيد لكن بصورة عصرية جديدة يقول المتنبي ” الظُلمُ مِن شِيَمِ النُفوسِ فَإِن تَجِد ذا عِفَّةٍ فَلِعِلَّةٍ لا يَظلِمُ “
كل التناقضات والأزمات تجسد الضعف الذي سرى في جسد البشرية كسرطان يمشي دون مبالاة بكيان الإنسان ..وكل الزيف والبهتان صورة للعمالة والتوسل للبقاء على كرسي الجماجم الفقيرة ..كون الباطل يتحكم بالضعفاء يقتل يهدم يهجر يسرق يجوع يرمل ويخلق الأزمات والفوضى ، يهون على الباطل أن يبيع كل شيء وأولها يبيع نفسه وإن باع نفسه … هان عليه أن يبيع البلاد والعباد …نعم مات الضمير لقاء دراهم معدودة … متى اتعظ الفراعنة الطواغيت الأباطرة ..في ظل المخدرات والعري والسرقات والرشاوي والتسول والفقر والجوع ..؟ هذا نشيدهم الوجودي لكي يبقى أكثر فترة مظلمة وحين الخروج يعلن براءته من كل ما مضى كأنه لم يكن … وكان ..
كأن الصحوة في عالم بعيد غفوة ما بعدها غفوة … نحن في زمن أصبح للكلاب قصور وجنان وورث كبير وحقوق الحيوان أصبحت أكثر طلبا من حقوق الإنسان … والإنسان يباع والأوطان تباع … والإنسان بطبعه فهو لا يختار مكان ولادته ولا يختار والديه ولا يختار دينه ولا يختار شكله فعندما تفرض عليه قوانين الأرض يحاول أن يطبقها ويتساير معها قدر الإمكان … ربما تاركين دستور السماء المنزل على الأرض لإقامة العدل وطريق الحق … والإمساك بدستور المصالح والمادية المسلط على الرقاب فعاثوا في البلاد وداسوا على العباد فلا قدسية ولا حرية ولا شيء من الإنسانية .. ومهما كان الأمر من المعاناة …غائب عن الذهن وعن العروش لا سائد أبدا ولا جنان مخلدا …فالكل على رحيل …. فبقاء الحال من المحال … وعسى القادم يكون أفضل … ويكون الصبح قريب …اقرب مما نتخيله… لو خليت قلبت … ولا يصح إلا الصحيح .. وعسى أن يتعظ الحاضرون من الماضي …