د. عباس العطار
يعد موضوع حقوق الانسان من اكثر الملفات التي تثير قلقا لكثير من الحكومات في بلداننا، بل حتى في البلدان التي تدعي تطبيق الديمقراطية شعارا وممارسة وينعم مواطنيها بهامش كبير من الحريات لوجود قوانين ضامنة لحماية الناشطين وبيئة ثقافية واجتماعية واقتصادية تسهم في حماية الافراد والعاملون في مجال حقوق الانسان.
ولعل هناك شيء من اللبس الواضح عند اغلب العاملين في مجال حقوق الانسان في العراق بانها اي – حقوق الانسان – مجردة من السياسة، ويمكن للناشطين العمل في بيئة آمنة تمكنه من الاعلان للرأي العام ووسائل الاعلام والمؤسسات ذات العلاقة عن اهم الحقائق التي توصل لها في قضايا تمس الانتهاكات بعيدا عن مراقبة ورصد ومتابعة الاجهزة الامنية ذات العلاقة.
والحقيقة ان هذا الملف سياسي بامتياز كونه يؤثر على بقاء الانظمة السياسية ويشارك في سقوطها في آن واحد، وهذا ما شاهدناه في ملف امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل والانتهاكات الكبيرة لحقوق الانسان التي كانت سببا في الاطاحة بالنظام السابق والامثلة كثيرة في بلدان المنطقة والعالم.
ويعد العراق ساحة مليئة بالصراعات السياسية المؤثرة في التقلبات الاجتماعية والثقافية وحتى في حركة السوق والاقتصاد، لذا ووفق هذه المحركات (السياسية، والاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية) يتأثر الناشطون في حقوق الانسان وتقف امامهم حركتهم الحقوقية ومطالبهم تحديات كبيرة وكثيرة ومتشعبة ومعقدة ومتداخلة.
فعلى الصعيد الامني ما زالت هناك تهديدات تمس أمن وسلامة الناشطين وتعيق حركتهم وتلحق بهم الاذى جراء الممارسات التتابعية من الاجهزة الرسمية والتي بموجبها يتاح للسلطات اعتقال اي ناشط حقوقي او مدني بتهمة المساس بالأمن القومي للدولة او تحريض الراي العام او تسريب معلومات لجهات خارجية او نشر معلومات كاذبة يتعرض عبرها الناشطون الى المساءلة والمحاسبة والسجن او عقوبات شديدة .. الخ.
أما على الصعيد الشعبي وفي ظل غياب الاستقرار السياسي والامني فقد مارست الجماعات المسلحة والتنظيمات الارهابية ابشع الممارسات بحقهم تبدأ من الملاحقة واقتفاء الاثر وتنتهي بجرائم عديدة تمثلت في تكرار حالات الاختفاء القسري والقتل والاختطاف والتعذيب ووسائل وحشية متنوعة طالت الافراد العاملين في منظومة حقوق الانسان والمدافعين عن هذا الحق .
ولم تستثني هذه الجماعات المسلحة النساء المدافعات والناشطات في منظومة حقوق الانسان، بل تعرضت بعض الناشطات الى انتهاكات عديدة وممارسات بشعة لا تختلف عن الانتهاكات التي تعرض لها الناشطين والمدافعين عن حقوق الانسان.