صابر حجازي يحاورالشَّاعرةِ والاديبةِ والتشكيليَّة اللبنانية كيتي عقل

 في إطار سلسلة اللقاءات التي أقوم بها  بقصد اتاحة الفرصة امام المهتمين بالشان الثقافي والابداعي والكتابة الادبية بشكل عام والذين قد يعانون من ضائلة المعلومات الشخصية عن اصحاب الابداعات الثقافية عبرانحاء الوطن العربي الكبير،لذلك فان اللقاءات بهم والحوار معهم يتيح للجميع التعرف عليهم من قرب والتواصل معهم مستقبلا  ويأتي هذا اللقاء رقم ( 139 )  ضمن نفس المساروفي ما يلي نص الحوار
س – كيف تقدمين نفسك للقراء؟ أنا أشبه بكوكب شاهق الطفولة، ترتطم النيازك بي بالصدفة وأنا في درب ممارسة الإنتحار الفلسفي فنا، نحتا، وكتابة. أو سمني أنثى ناقصة التكوين تضع بيض نتاجها في رحاب المبصرين وكل من يجيد اشتمام رائحة الشعر المفرز من غدد قلم شاذ الرحم. سيدة أربعينية الطفولة بابتسامة نخرها السوس، إحترفت ومنذ دهر، ترتيب زوبعة الجمل المليئة بالغبار بأكثر من لغة المواربة.

س -حدثينا عن بداياتك مع الرسم، متى بدأت تمارسين هذه الهواية؟ كنت في التاسعة  حين اكتشف أساتذتي في المدرسة موهبتي الغريبة في الرسم.معرضي الأول كان في سن 12 بمشاركة مدرستي ضمن معارض (فبريانو) كأصغر طفلة تؤهلها لوحاتها للمشاركة.وفعلا فزت يومها بالمرتبة الثانية. ومنحة دراسية.
 س -هنالك عدَّةُ مدارس وأساليب في الفنِّ التكشيلي، مثل: الكلاسيكي، التكعيبي، والواقعي  والسريالي  والتجريدي. إلخ … لأيّةِ  مدرسةٍ أنتِ تنتمين  ولماذا ؟ حين تطول حبال التجربة الفنية وتتضخم تفاحة الأعمال الأكثر من مصقولة، مع إحترامي لكل المدارس، لا بد للفنان الخلوق فرض مدرسته الخاصة، لذا كلمة إنتماء بحد ذاتها أكرهها فهي تذكرني بالعبودية أكثر ما أكرهه. أظنني سيدة مدرستي الخاصة وهذا ما يكتشفه رواد معارضي وأصدقاء الصفحة.

 س -هل الموهبةُ  الفطريَّة  الربَّانيَّة هي العنصرُ الاساسي  للإبداع   وتكفي لوحدها أم أنَّ الموهبة بحاجة لتعبٍ وجُهدٍ   وممارسة  لصقلها  وتطويرها ؟؟ الموهبة الربانية طبعا أساس، ولكن أظن كي يصل الفنان لمرحلة الإبداع لا بد له أن يقاتل نفسه ويحاربها كالإنسان الذي بداخله صراع ليحقق الفضيلة، وحتى لو خلق بأعماله جحيمه لنفسه بنفسه.

يقال العين التي لا تدمع تفقد بريقها وجمالها، فما بالك بفن نحت الحجر لابتكار منحوتات  وجداريات إسلامية غير تقليدية؟
  س -ما هي المواضيع  والأمور والقضايا  التي  تعالجينها  في رسوماتكِ ولوحاتِكِ الفنيَّة ؟ دعني هنا أجيب حضرتكم باختصار في كل عمل فني أقدمه، أترك ميكانيزم اشتغال عقل المتلقي ينتج معرفة ما، وسر ما مخفي وراء لوحتي سواء أكانت جدارية إسلامية، منحوتة ما أو لوحة فنية فرغم استخدامي لكافة المواد المتاحة وغير المتاحة في الفن لا زلت أثق بعقلانية المتلقي وحدقته الناشطة في تلقي عملي.باختصار أقول: أعمالي لا قواميس لها لأنها تحيا في عقول من يتلقاها. وثق بأن كل حركة من إزميلي أو ريشتي تعكس حركة فكري وإرادتيأما الطريقة الوحيدة لاكتشاف حدود أعمالي فهي تخطي كل الحدود وصولا الى المستحيل.
س – لننتنقلَ إلى موضوع آخر وهو الأدب والشعر لأنك  أنت أيضا  كاتبة  وشاعرة  مبدعة  ومتميِّزة   فحدثينا عن  مسيرتكِ  ومشواركِ  الأدبي  وأهم المحطات في هذه المسيرة ؟؟ في البداية، وبعد 24سنة من الكتابة والتشكيل والمعارض والمنحوتات والبحوث المطبوعة لا زالت أشعر بأنني مجرد يرقة تبحث عن معرفة ذاتها ولا أريد أن أتحول أبدا الى فراشة (اندريه جيد). فمسيرتي جد متواضعة أستاذي، (24)سنة من الإجتهاد الفكري والعملي والانتاج المتواصل، كونت لي شخصية مستقلة عن سواي، وحتى اللحظة أظن أن اقترافاتي المجيدة في عالم الكتابة لم تنتهي بعد لأن حدود لغتي تعني حدود عالمي، وعالمي كبير.

س -ماهي القصائد التي تعتبرينها محطات هامه في انتاجك الشعرى مع ذكرها ؟ كثر تتجاوز 800 قصيدةسأذكر لكم بعض العناوين :_النبية المقنعة في سحلية الوقت. _الأرضية المثلثة للكلمات. _بصمة شاعر. _برج العنكبوت. _ولادة قيصرية. _المجدلية. _يهوذا الماعز. _سم الذاكرة المتقيحة. _أنتروبيا الكتابة. _الوحي الشيطاني. _قوادة. _الرجيمة. _ذات إباضة. إلخ..

س -ماذا تمثل الكتابة بالنسبة لك؟ وهل لك طقوس معينة في الكتابة؟ الكتابة بالنسبة لي أشبه برحلة بحث عن لؤلو نادر، ولكن هذه رحلة لا فطام فيها. أما بالنسبة لطقوسي:حتى لو أنها لا تكتب، أعتر بأنني لو تقاسمت الخبز والملح في القصيدة مع كل أهل الكار الواحد ، تبقى مشكلتي الأساسية: مشارط الإقتراب من فتحات التنفس في أنف معجمي الغليظ. لأنني أتعمد زرع الغضاريف بين السطور وعمدا قد ينحرف أسلوبي حتى تستقيم المعاني وقد أقوس عظام ركب المتلقي حتى حروف الإحتكاك. وقد تجدني من النوع غير الآبه لحماية أوراقه من التقدم في السن او سرطان الجلد لذا بعيدة أنا كل البعد عن الواقي من أشعة الجمل وعاشقة نهمة للضرر من طبقة أوزون المسطلحات.

   س -أحلامك على المستوى الشخصي ؟ وعلى المستوى الأدبي ؟على المستوي الشخصي أؤمن ولا أحلم بتخطي حالتي المرضية ونهائيا، والله على كل شيء قدير.وبعدها لو ارزق بطفل ولو بعد ال40 ستكون أعجوبة من الله عز وجل. أما بالنسبة لأحلامي الأدبية سأكون صريحة؛ ما كتبت يوما بهدف الربح المالي أو كي أعتاش من الكتابة، لذا كتاباتي موزعة وبالمجان على صفحات التواصل الإجتماعي، كل ما أخشاه فقط ألا أرحل تاركة ما لا يكتب، فالكتابات المدفونة حتى الآن في قاعي هي الحقيقة هي الأساس.

    س -في حياة كل منا لحظات لا تنسى ، قد تكون لحظات سعيدة أو مؤلمة فما هي أهم اللحظات في حياة كيتي عقل والتي لا تنساها؟بصدق اللحظات السعيدة قد ننساها أما اللحظات المؤلمةستظل تنخر وتمك أحاسيسنا حتى نلتقي، كلنا نحيا على قيد الموت لذا اللحظات التي لا انساها أكثرها كانت خسارة أحبتي : عمي اولا ثم عمتي فأبي  ثم عرابي ثم خالي ثم خالتي. كلهم سبقونا الي ديار الحق.

تحتوي هذه الصورة على سمة alt فارغة; اسم الملف هو image-5-793x1024.png

س -لنتوقف قليلا عن الاسئلة ودعينا ننصت الي قصائد مختارة من كتاباتك ؟
تحت عنوان بصمة شاعرالوحي الشيطانيواحتي الخضراء وحدتي، يرممني فيها السقف بلا جدران، بلا بيت،تهرول فيها روحي بلا جسد،وعصافير ذاتي تنحت ظلالها في غفلة عن عين الشمس.هنا حيث الماء لا يبحث عن شجر،هنا اقطن أنا.هنا حيث الإغتراب اعتاد على تأملي في سحابة خصبة الزرع،هنا أقطن أنا،وهنا التقتني حقيقتي التي أضعها في ركام التناقضات، ألملم ذواتي المتمزقة وسط زحام خيبات الوجود.هنا روضتي أنا، حيث تكف فيها الحياة عن الحياة، أغادر طاعون التجارب، فتبتلعني لؤلؤة الحزن في محارة اللحظة لمرة واحدة فقط وإلى الأبد.فدع عنك لومي بوداعة حروف لا تعذيني.دع عنك لومي بصخب ضجيج لا عدت أعنيه ولا عاد يعنيني، واسمعني في صوتك أسمعك في صوتي فلا ننصت لبلهاء النغم قبل القلم.
هنا حيث أقطن أنا،أهجر جرحا يسكنني في روتين السطور، وأترك أغنام الحروف ترعى في صوري،وحين يهطل علي الوحي الشيطاني،عندها سأدعو الناس للكفر بملكوت الورق..

سم الذاكرة المتقيحة
حين تفاقم شعوري قبل شعري بالخراب، أذكر بأنني تعثرت بطريقة لائقة للغرق، فكتبت وأحببت وأحببت وكتبت، وكي لا أذهب الى مقبرتي مع لحم متدل ومهمل لعجوز شاءت أن تسخر من الحب حتى النهاية،إختبرت كوردة الغردينيا، كيف يتبدل البياض بوريقاتي عندما لامسني البشر. فلا شيء ،أصعب من نص مبتور الأطراف، لا بالحذف، بل بم لا يكتب عندما تكون الغيوم ثقيلة.

وحين احترفني الموت كفن تجيده الحياة في الصور، إكتملت تدريجيا بنيتي التحتية للكلمات، هنا ما عدت أخشى لو باشر الخراب ترميمي، كيف لا والسطور تقلمني كأصابع البامياء. وعلى مرأى من نعشي، غرفة موت إعتيادية لطالما انتظرت فيها مراسم تأبيني في فصل تغيب فيه الشمس، ويموت فيه القداس في خدمة الجنازة. وحين توقعت من الحياة أفضل بكثير من حصولي على بشرة شعرية صافية، تطفلت الأنوثة على أفكار القراء لتمنحني الشعور بالغثيان، كلما موجة مالحة العبور حاولت الطفو فوق جنون أفكاري،لطالما كان الصعود نزولا رغم الأعماق المصطخبة.أأسجنني بين قوسين؟ أاتلف يومياتي أو اتعمد رخاوة خصري مصفقة لجمل ترقصني في إيحاء الجرح؟ نعم أنا من فعل كل هذا كي لا أترك للضحية الفرصة في لعب دوري.
ههنا كمادة من الحبر المثلج، سيباركها الراهب المولع بردائه الأسود والمسطحات المالحة أيضا.وأنا كلما انصهرت مع كل ما في العالم من نور، فمي الوحيد سأظل أرغب بأن أكون لسانه، فكل الأموات يجرؤون على الإحتضار، وانا الحياة تشتهيني بنسيج شاء أن يسخر من كل صلعة شعر (بكسر الشين) مستعار. لا ولادة جديدة إلا بعد الموت. وحدها الأسماك المولودة خارج الظلمات تحدث محن البحار.

س -لو طلبنا منك أن توجهي رسالة للمبدعات العربيات ماذا تقولين لهن؟أولا أطلب منهن الإبتعاد قدر الإمكان عن الرتابة فهي عامل ممل في الشعر يكمن بغموضه وتنفس الدماغ ولا يمكن في رأيي أن يكون الشعر شعرا إذا كان مباشرا وصريحا. لذته تكمن بشعور الإكتشاف. فلا بد من سيمفونية لغوية أدبية وفنية تعبر عن الذات الإبداعية في الخلق عند  الشاعرة. وطلب أخير أن يسقطن المقارنة ويستمتعن بحياتهن لأقصى حد.

س -مشروعك المستقبلي، كيف تحلمي به وما هو الحلم الأدبي الذي تصبو الى تحقيقه؟لو أكرمنا الله وتخلصنا قريبا من هذه الجائحة وبقيت على قيد هذه الفانية أحلم بإكمال مشروعي الفريد على الصعيد العربي.مشروع كامل متكامل يجمع بين سي دي بصوتي لأشعاري مع عزفي على الكمان ويتضمن جدارياتي وأعمالي المنحوتة مع توقيع لكتاب مجموعة قصائد ما بعد حداثية.

تحتوي هذه الصورة على سمة alt فارغة; اسم الملف هو image-8.png

 س -أنت عضو في العديد من المنتديات الثقافية والادبية ولك موقع خاص باسمك- فهل استطاعت الشبكة العنكبوتية تقديم الانتشار والتواصل المستهذف بما تاسست من اجلة وصنع علاقة بين الاديب والمتلقي ؟صحيح اننا  في زمن كهذا الزمن الصعب، تتحول أجنة الأدب الى أمشاج مشوهة بفعل نطف جادت سفاحا بعيدا عن الخلق الصحيح المعافى وباتت الشبكة العنكبوتية تسهل للكثر الكتابة او التعبير. ورغم قناعتي بان لا شي يشبه رائحة الورق  اود أن أقول زنزانة شعر الشبكة العنكبوتية ايضا تتسع وسع دنيا العرب وحده المتلقي صاحب الحدقة النشطة يجيد الغربلة. المهم ما تهضمه هذه الشبكة لا ما تبتلعه وبعد هذا الجائحة فللنظر لحسنات الموضوع، صحيح أحيانا أخشي على نصوصي ان تقع تحت حدقة تقر بثبات المعنى، لأنني أتقصد بأسلوبي منح المجال أمام القارئ لتعددية في المعاني واختلافها وربطها بسياقات متعددة لأن نصي ينمو بحركة نباتية فأنا ارفض ضمنيا الوعاء المملوء في النص والكتل الطينية التي ما ان تأخذ شكلها تنتهي صلاحيتها. إلا أنني أقر لولا الشبكة العنكبوتية ما كنا تعارفنا وتواصلنا وكتبنا وانتشرنا أكثر وأكثر.

 س – واخيرا ما الكلمة التي تقوليها في ختام هذة المقابلة ؟أود اولا ان شكرك على هذه المقابلة  الاديب المصري د.صابر حجازي وكأديبة أتمنى علي المهتمين بمقدرة اللغة على الإرتقاء في مجال إبداع الصور: وهذا يشمل الجميع وانا منهم فعلينا العناية البالغة بقضية تكوين المصطلحات العلمية في مجال المكتشفات والمخترعات الحديثة وإلا ستبقى الكتابة مكانك راوح لا بل الى الوراء ودر.

ولكم مني كل الإحترام والمودة لقلبكم العاجي مع غابات إمتنان. ..

الكاتب والشاعر والقاص المصري د. صابر حجازي

شاهد أيضاً

علياء الحسني.. الكتابة سري الكبير وعشقي الذي كلما غادرته رجعت له بحماس

ابنة الاختصاص كما يطلق عليها فتفوقها بالعمل الحقوقي والقانوني جعلها متميزة بين قريناتها المحاميات ، …

error: Content is protected !!