الحظر يفتح باب التنافس للعراقيين على المطبخ.. والمرأة: شكرا كورونا!!


صوتها:وفاء الفتلاوي

يعد المطبخ في العراق مملكة المرأة؛ لأنها تقضي فيه غالبية وقتها كما أن الطبخ كان مرادفا أساسيا لمهام المرأة في الحياة العائلية وخاصة لدى المجتمعات العشائرية التي تتمسك بالتقاليد والعادات على مر العصور.
لكن في ظل الحظر الوقائي المفروض على مناطق العراق جراء تفشي جائحة كورونا (كوفيد-19) بعد اعلان أول حالة إصابة بالفيروس في الـ24 من شباط 2020 وتعطيل الدوام دخل الرجل كمنافس قوي للمرأة في المطبخ مما اشعل روح التحدي لدى الكثيرين بعد ان كان البعض يعتقد دخول المطبخ (إهانة).
وقررت الحكومة الاتحادية فرض حظر تجوال كامل في 17 آذار حتى 18 من الشهر الجاري، وتعطيل الدراسة، إغلاق الأماكن العامة، كالمتنزهات والمقاهي ودور السينما والمساجد، ووقف الرحلات الجوية بالإضافة الى فرض غرامات مالية على المخالفين للحظر، وحجز المركبات المخالفة طيلة مدة منع التجول.
وأعلن مجلس الوزراء، تمديد حظر التجوال في كافة المحافظات لغاية 11 من شهر نيسان الجاري بعد ارتفاع حالات الاصابة بكورونا في العراق، فيما قررت اللجنة العليا للصحة والسلامة لمكافحة كورونا، تمديد حظر التجوال لغاية 18 من شهر نيسان الجاري، وتقديم الدعم المالي للعوائل المتضررة من حظر التجوال، وتسهيل عودة العراقيين العالقين وتوفير أماكن للحجر الصحي.
وتتميز المجتمعات العراقية خاصة في المحافظات الجنوبية والفرات الأوسط والغربية بعادات وتقاليد توارثتها الأجيال وتعتبرها خط أحمر منها دخول الرجل الى المطبخ وتنظيف المنزل؛ اذ يعتقد انها اعمال تعود للمرأة ومن المعيب عليه تبادل الادوار، (فمجتمعنا ذكوري في ثقافته الاجتماعية على الرغم من حضارته العاتية) بحسب تقرير نشرته جامعة بغداد.
لم يكتفي العراقيون بهذا التحدي بل بدأ الكثير منهم بنشر طبخاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، والطريف في الامر ان المرأة هي من تعلق بعد ان كانت اغلب التعليقات تعود للرجال، ناهيك عن نشر مقاطع فيديوية تحمل طابع الفكاهة (تحشيش بالعراقي) لرجال يدعون نسائهم الى تبادل الأدوار في المطبخ واخرون يدعون امهاتهم الى الراحة بعد توجيه أكثر من 100 سؤال لهنَّ على الأماكن الأدوات ومحتويات الطبخة.
وعند الاتصال بـ(ام رائد) احدى النساء العراقيات من بغداد متزوجة منذ 30 عاماً ولها أربعة أولاد قالت مازحة” والله لو أني ادخل الى المطبخ بدل سؤالي عن مكان البهارات واواني الطبخ (الجدر والجفجير بالعراقي) وكيفية عمل الطبخة؛ لكان افضل لي بكثير؛ لكني سعيدة جداً بأولادي وهم يجوبون المطبخ لإعداد الطعام”.
لكن رأي هدى جعفر موظفة في احدى المؤسسات الحكومية كان مختلفاً تماماً عن ماقالته (ام رائد) اذ اكدت مدى سعادتها بوجود الزوج في المنزل ” سعدت كثيرا بدخول زوجي الى المطبخ وأصيب أطفالي بالذهول وهم فرحين فهذا الامر لم يحدث مسبقاً، بل أصبحوا يشجعون طبخات والدهم ويطلبونها دوماً، وانا في نفسي اشكر كورونا على الرغم من انها وباء قاتل الا انها جعلتني اكتشف مواهب لدى زوجي كانت خافية وجعلته يقدر ماكنت أقدمه لأسرة”.
البعض من النساء اشرنَّ الى إمكانية تأثير وجود الرجل على المرأة في المنزل لفترات طويلة اما سلياً او ايجاباً، وهذا ما أكدته رئيسة منتدى الاعلاميات العراقيات نبراس المعموري، بالقول ان” وجود الرجل في المنزل وسلوكه وتأثيره مرهون بطبيعة العلاقة الزوجية، هل هي متوافقة ام علاقة تشوبها القلق والرتابة وعدم الاتفاق؟، ومدى استيعاب المرأة لغضب الرجل واحتياجاته وهذا مرهون ايضاً بمدى التوازن الفكري والثقافي بين الطرفين”.
وأشارت المعموري، الى ان” بقاء الرجل في البيت كنقمة على المرأة تتعلق بالرجل نفسه ومدى وعيه واهتمامه بعائلته واحترام المرأة، وايضاً تتعلق بسلوكيات المرأة تجاه الاسرة فهي ان وازنت في ترتيب الاشياء المتعلقة بالمنزل سينعكس ايجاباً على الرجل وينتج نوعاً من الحميمية بين الطرفين وعلى الاسرة”.
هذه السعادة التي غمرت النساء لم تجدها بعضهنَّ عند الرجال لان هناك منهم ما زال يعيش قصة الرجل المتسلط (سي السيد)، ثائر عبد الرحمن يقول” لم ادخل المطبخ في حياتي ولن ادخله وزوجتي هي من تعد لي كل شيء وحتى الطعام فهذه واجاباتها ومن واجبي تامين المعيشة لأسرتي”.
وتتعرض المرأة العراقية الى الاضطهاد وهذا ما أكده رئيس الجمهورية برهم صالح بالقول، ان المرأة تعرضت الى اضطهاد وحرمان طيلة الحقب الزمنية الماضية، وآن الأوان اليوم، لحمايتها من جميع اشكال العنف والتمييز الطبقي والاجتماعي، وانصافها والعمل من اجل مشاركتها الحقيقية لأخيها الرجل في ادارة شؤون الحياة اليومية، وتسنمها المسؤوليات واتخاذ القرارات في ادارة البلاد.
ونصح رئيس الجمهورية، بضرورة اصدار القوانين والتشريعات التي تكفل لها ممارسة مسؤولياتها وواجباتها ونيل حقوقها الكاملة.

وفاء الفتلاوي

شاهد أيضاً

ارتفاع التلوث البيئي في العراق.. وانتشار الكبريت ينذر بكارثة صحية

من أصل 18 محافظة في العراق، هناك 12 محافظة ذات بيئة “غير صحية” وست محافظات …

error: Content is protected !!