في النجف الأشرف: أشجار الميلاد وبابا نوئيل لم تعد تقليداً غربياً

بدأت المدينة تستعيد دورها كمركز سياسي وثقافي وعلمي

صوتها – متابعات

لا تكتسي أسواق مدينة النجف العراقية عادة الأخضر والأحمر في موسم عيد الميلاد، وحين أقامت مجموعة ناشطين مدنيين عام 2013، احتفالاً بسيطاً برأس السنة فيها، وزينت شجرة يتيمة في شارع الروان، واستضافت عوائل مسيحية لمشاركتها الاحتفال، كثر الجدال في المدينة وثار نقاش بين السكان.
تلك المدينة العراقية المقدسة التي تضمّ مرقد الإمام علي “عليه السلام” وأكبر مقبرة في العالم، لا تحتفل عادة برأس السنة والميلاد.
ولم يتجرأ أحد في محافظة النجف الأشرف، على القيام بأي نشاط أو فاعلية يعتبرها البعض “تُخالف” الشريعة الإسلامية في الماضي.
لكن المشهد اختلف خلال السنوات الأربع الأخيرة. وقد كان هذا العام أكثرها وضوحاً.
ففي الأيام الأخيرة من العام 2017 في النجف، كان الوضع مختلفاً عن السنوات الثلاث الماضية: الشجرة اليتيمة التي وُضعت عام 2013 صارت الآن في كل مكان، والذين رفضوا هذا الاحتفال سابقاً أصبحوا ضمن المحتفلين هذه المرة.
ولم يكن الفرق بين شارع الروان، في محافظة النجف، وشارع الكرادة الشهير في بغداد الذي يتزين في موسم الأعياد بالزينة، كبيراً جداً الأسابيع الماضية، على عكس سنوات كثيرة، من حيث أجواء بيع أشجار الميلاد ودُمى بابا نويل وملابسه الحمر. إذ بدأت محال تجارية بيع أشجار الميلاد وملابس بابا نويل في محافظة النجف، إضافة إلى مستلزمات احتفالات رأس السنة الميلادية. لم يقتصر الأمر على بيع الأشجار، بل راحت أفران المعجنات تصنع كعكات خاصة بعيد الميلاد وتعلن عنها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
يقول بعض ناشطي المجتمع المدني في النجف: إن “المدينة شهدت الأسبوع الماضي “تعايشاً سلمياً”.
في العام 2013، طلب ياسر مكي (24 سنة) من مالك المركز التجاري، ستي مول في محافظة النجف، وضع شجرة ميلاد متوسطة الحجم داخل متجره ليتجمع الناس حولها في ليلة رأس السنة، إلّا أنه رفض. صُدم مكي وهو طبيب أسنان ومتطوع في فريق موجة للنشاطات المدنية.
لم يكن أمام طبيب الأسنان الشاب وأصدقائه في فريق موجة إلا القيام بنشاطهم في شارع الروان، والذي يُعد من أشهر شوارع المحافظة. إذ وضعوا شجرة صغيرة واحتفلوا بها، لكنهم تعرضوا لهجمة بحسب ما وصفهم مكي. لم تمر الأيام أو الأشهر التي أعقبت الاحتفال، على خير. بعض ما كان يتوقعه الشباب حدث، لكن ذلك لم يصل إلى مرحلة الاعتداءات الجسدية أو المُسلحة.
كانت التُهم التي تعرضت لها مجموعة الناشطين التي نظمت الاحتفال، “قاسية” بحسب وصفها، تراوحت بين الإلحاد والزندقة والدعم الغربي لإلغاء هوية المدينة الإسلامية، فيما وصفهم آخرون بالمثلية.
استمر فريق موجة يحتفل بالعيد منذ ذلك العام على نطاق ضيق، وبدأت الانتقادات تقل عاماً بعد آخر.هذا العام، دخل الفريق المركز التجاري (ستي مول) وتفاجأ بوجود شجرة ميلاد كبيرة داخله. هو المركز التجاري ذاته الذي رفض صاحبه قترح الشباب المتطوعين قبل أربع سنوات.
التغيير الذي حصل منذ العام 2013 لم يكن سطحياً أو آنياً، فهو كان نتيجة عمل مستمر بين الشباب الناشطين وانفتاح بعض رجال الدين على الديانات الأخرى، أبرزهم المرجع الأعلى علي السيستاني.
وفي بداية كانون الأول2017، حضّر مكي وزملاؤه في محافظة النجف للاحتفال بالعام الجديد الذي يعتبره ممارسة “حريات شخصية”.
يقول مكي: “وجود أشجار الميلاد وبيعها في أسواق محافظة النجف، رسالة إلى التطرف والمتطرفين الذين يُريدون خلق بيئة جافة وغير متعددة وبلون واحد”. وينقل عن بعض رجال الدين الذين التقاهم في محافظة النجف قولهم: “لا مشكلة عندهم في الاحتفال برأس السنة”.
بيع أشجار الميلاد بأحجام مختلفة وفي أماكن عدة لا يعني أن هناك قبولاً تاماً لمثل هذه الاحتفالات في النجف المدينة “المحافظة”، بل هناك مواقف رافضة الأمرَ، وتعتبره “تشويهاً” لهوية المدينة الإسلامية البحت.

شاهد أيضاً

المركز الثقافي للطفل في نينوى يناقش  تداعيات العنف ضد المرأة 

اقام المركز الثقافي للطفل في نينوى والتابع لدار ثقافة الأطفال ندوة بعنوان (العنف ضد المراة) …

error: Content is protected !!