
د. مهند الخزرجي
يعد مجلس النواب العراقي السلطة التشريعية العليا في البلاد، حيث يتولى مهام سن القوانين والرقابة على أداء الحكومة وفقًا لأحكام الدستور العراقي لعام 2005. وتتمثل أهمية الدور التشريعي لمجلس النواب في كونه الجهة الأساسية التي تضع القوانين المنظمة للحياة السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية، بما يضمن تحقيق التوازن بين السلطات وضمان سيادة القانون. ومع ذلك، فإن ممارسة هذا الدور تخضع لتفسيرات واتجاهات القضاء الدستوري، الذي قد يؤثر على مدى صلاحيات المجلس وآليات عمله.
ووفقًا لنصوص الدستور العراقي لعام 2005، فإن مجلس النواب يتمتع بعدة صلاحيات تشريعية ورقابية، حيث تنص المادة 61 على أن المجلس يختص بـ:
1. تشريع القوانين الاتحادية بناءً على مقترحات اللجان النيابية أو الحكومة أو رئاسة الجمهورية.
2. مراقبة الأداء الحكومي عبر الاستجوابات وسحب الثقة من الوزراء أو الحكومة بالكامل.
3. إقرار الموازنة العامة للدولة والموافقة على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية.
كما نصت المادة 47 على مبدأ الفصل بين السلطات، مما يضمن استقلالية المجلس في ممارسة دوره التشريعي دون تدخل من السلطتين التنفيذية أو القضائية، مع وجود آليات تتيح للقضاء الدستوري مراجعة القوانين لضمان توافقها مع الدستور.
ما يتعلق باتجاهات المحكمة الاتحادية وتأثيرها على الدور التشريعي ، فلابد من الاشارة أن المحكمة الاتحادية العليا، تعد الجهة المسؤولة عن تفسير الدستور والفصل في النزاعات الدستورية، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على عمل مجلس النواب. وقد أظهرت المحكمة الاتحادية عدة اتجاهات في تفسيرها للدور التشريعي للمجلس، من أبرزها:
1. التأكيد على مبدأ الفصل بين السلطات: أكدت المحكمة الاتحادية في العديد من قراراتها أن مجلس النواب لا يمكنه تجاوز اختصاصاته الدستورية، وأن دوره التشريعي يجب أن يكون متوافقًا مع نصوص الدستور ولا يتعدى على صلاحيات السلطة التنفيذية.
2. الرقابة على التشريعات: أصدرت المحكمة عدة أحكام بإلغاء قوانين وتشريعات أصدرها مجلس النواب بحجة عدم دستوريتها، مما يعكس الدور الرقابي للقضاء الدستوري في ضبط العمل التشريعي.
3. تفسير الصلاحيات التشريعية: في بعض الحالات، قدمت المحكمة تفسيرات موسعة لصلاحيات المجلس، مما عزز من دوره التشريعي، بينما في حالات أخرى حدّت من صلاحياته، خصوصًا فيما يتعلق بسن القوانين المالية أو التدخل في عمل السلطة التنفيذية.
وعلى الرغم من الصلاحيات الواسعة الممنوحة لمجلس النواب، إلا أنه يواجه عدة تحديات، أبرزها:
1. التداخل بين السلطات: أحيانًا يحدث تداخل بين صلاحيات المجلس التشريعي والسلطة التنفيذية، مما يؤدي إلى صراعات سياسية قد تؤثر على سير العمل التشريعي.
2. دور المحكمة الاتحادية في تقييد بعض التشريعات: بعض قرارات المحكمة تحد من قدرة المجلس على إصدار قوانين معينة، مما يثير جدلًا حول مدى استقلالية السلطة التشريعية.
3. التأثيرات السياسية: قد تتأثر عملية التشريع بالتجاذبات السياسية والصراعات بين الكتل البرلمانية، مما يعطل إصدار قوانين مهمة.