هل أنا ابنةٌ سيئة؟

رشا مهند 

اتصلتُ بوالدتي، لكنها لم تُجب. لم يكن الأمر مفاجئًا، فقد اعتدتُ على ذلك. في الماضي، كنتُ أشعر بالحزن، لكنني تعلمتُ بعد أكثر من ثلاثين عامًا أن والدتي ليست لي وحدي. هي أمٌ تتقاسم نفسها بيني وبين إخوتي، وبين أحفادها الذين ازداد عددهم في السنوات الأخيرة. أعلمُ هذا جيدًا، لكن لماذا يظلُّ الضمير يلاحقني؟ لماذا أشعر دائمًا أنني لا أفي بحقها؟

أحبُّها بكلِّ ما فيَّ، وأعلمُ أنها تعرف ذلك، لكن رغم ذلك، هناك غصة في قلبي، شعورٌ بالنقص، إحساسٌ بأني لم أفعل ما يكفي لأكون الابنة التي تستحقها. أعمل بجد، وأحقق النجاح، وأبذل كلَّ ما في وسعي لأكون مصدر فخرها، وعندما أكون معها، أحاول أن أملأ اللحظات بكل ما يمكنني تقديمه، ولكن نفس الشعور يلاحقني، وكأنني لم أكن هناك بما يكفي.

أسمع من صديقاتي ومن مراجعيني عن فقدان أمهاتهم، وعن الندم الذي ينهش قلوبهم لأنهم لم يكونوا قريبين بما يكفي، لم يتصلوا بها كلَّ يوم، لم يعبروا عن حبهم كما يجب. أخشى أن أكون مثلهم، أن أفقدها يومًا ما وأجد نفسي غارقةً في نفس الندم الذي يعيشونه. أعلمُ أن لدي الفرصة لفعل الأفضل، لكن ماذا لو كنتُ مثلهم؟

يترددُ السؤالُ في رأسي: هل تشعرُ أمي أنني ابنةٌ سيئة؟

أقررُ أن أواجهها بهذا السؤال، ألتقطُ الهاتف وأطلبُ رقمها، هذه المرة ليس فقط من أجل سماع صوتها، بل لأعرف الحقيقة. يرنُّ الهاتف للحظات، ثم يأتي صوتها سريعًا: “حبيبتي، هل يمكنني أن أتصل بكِ لاحقًا؟ أنا الآن مع ابنة أخيكِ.”

أجد نفسي أبتسمُ بارتياح، وكأنني تلقيتُ الإجابة التي كنتُ أخشاها. أجيبُها بهدوء: “بالطبع، نتحدث غدًا.” 

لكن ربما لا أجرؤ على سماع ما أشعر به، أو ربما هو مجرد شعور يعاني منه الجميع! في كلِّ ليلة، أعدُ نفسي بأن أكون ابنةً أفضل غدًا، وهذا ما يجعلني أشعر بالطمأنينة… أما ما تشعر به أمي حقًا، فلا أعرف، لأنها لم تقل لي يومًا أنني ابنةٌ سيئة.

شاهد أيضاً

في يومها العالمي….

 وايليت كوركيس اليوم العالمي للمرأة الذي يمتد لأكثر من قرن من التاريخ والتغيير ، حيث  اقيم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!