
تتواصل في العراق حملات التبرعات ومساعدة الفقراء خلال شهر رمضان، حيث تنشط الفرق التطوعية ومنظمات المجتمع المدني، إلى جانب بعض التجار وأصحاب الأموال، مما يجعل هذا الشهر مميزًا بروح التكافل الاجتماعي. وتلقى هذه الحملات دعمًا إعلاميًا واسعًا من الصحافيين والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، مما يساهم في توسيع نطاقها وزيادة عدد المساهمين فيها.
تنظيم الحملات وآليات جمع التبرعات
تضم الحملات التطوعية فرقًا من الجنسين، يرتدون ملابس موحدة وينسقون جهودهم بطرق متعددة، مثل تشكيل فرق جوالة لجمع التبرعات، أو نشر دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إضافةً إلى التواصل المباشر مع رجال الأعمال وأصحاب الفنادق والمطاعم والشركات التجارية لحثهم على المساهمة في المبادرات الخيرية. وتلقى هذه الجهود استجابة كبيرة تسهم في إنجاح المبادرات واستمرارها.

يقول أحمد عبد الرزاق، وهو متطوع في منظمة “شبكة صوتها”: “أبواب التبرع والتكافل مفتوحة خلال رمضان، وتشمل التبرعات كل ما يمكن تقديمه، سواء الغذاء أو المال أو حتى الأجهزة المنزلية وغيرها من المستلزمات”. كما يشير إلى أن “هذه الحملات تحظى بتغطية إعلامية واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مما يساعد على جذب عدد أكبر من المتبرعين”، لافتًا إلى أن بعض السياسيين والمسؤولين يساهمون في التبرعات، إلا أن بعضهم يشترط ذكر أسمائهم، وهو ما ترفضه بعض الفرق التطوعية حفاظًا على روح العطاء الخالص.
مبادرات تتجاوز الغذاء والمال
تتصاعد وتيرة هذه الحملات مع اقتراب عيد الفطر، حيث لا تقتصر على تقديم الغذاء، بل تشمل توزيع الملابس للأطفال وتقديم مبالغ مالية للأسر المحتاجة. كما تشمل بعض المبادرات اصطحاب الأطفال وكبار السن الفقراء إلى صالونات الحلاقة ومحلات الملابس، ثم إعادتهم إلى منازلهم، مما يعكس أبعادًا إنسانية أعمق لهذه الجهود.

وتأتي هذه الحملات في ظل أوضاع اقتصادية متدهورة، حيث تعاني نسبة كبيرة من العراقيين من الفقر نتيجة التضخم وانخفاض قيمة الدينار، ما جعل حتى بعض الموظفين غير قادرين على تأمين احتياجات أسرهم، خصوصًا أن رواتب البعض لا تتجاوز 200 دولار شهريًا، وهو مبلغ لا يكفي لتغطية نفقات أسبوع واحد.
التحديات والدور الحكومي
رغم أن الدستور العراقي ينص على دعم منظمات المجتمع المدني والفرق التطوعية من خلال تخصيص جزء من الإيرادات المالية لهذه المؤسسات، إلا أن الحكومة لا تلتزم بهذا النص، وفق ما تؤكده إنسام، رئيسة إحدى منظمات المجتمع المدني. وتشير إلى أن ارتفاع معدلات الفقر، التي أقرت الحكومة بأنها تصل إلى 25% من إجمالي السكان، ربما يكون في الواقع أعلى، خاصة في المناطق التي عانت من الحروب والمعارك شمال وغرب العراق.
وقد اتخذت الحكومة بعض الإجراءات لدعم الفئات الهشة، مثل رفع رواتب المشمولين بالرعاية الاجتماعية، وتوسيع شمول الأسر الفقيرة، وتحسين البطاقة التموينية. لكن خبراء اقتصاديين يرون أن هذه الإجراءات غير كافية، ويؤكدون أن الحل الحقيقي يكمن في إعادة تشغيل المصانع والقطاعات التي يمكنها استيعاب أعداد كبيرة من العاطلين عن العمل، والذين تصل نسبتهم إلى 50% في بعض المدن.

نسب الفقر والتحديات المستقبلية
تقاس نسبة الفقر في العراق بناءً على معدل الدخل اليومي للأسرة، والذي لا ينبغي أن يقل عن 8 دولارات يوميًا. ورغم ذلك، تشير إحصاءات برنامج الغذاء العالمي إلى أن 2.4 مليون عراقي بحاجة ماسة إلى الغذاء. ويرى الخبراء أن العراق بحاجة إلى مسح اقتصادي دقيق يحدد أكثر المناطق تضررًا، حيث إن التقديرات الحكومية تفتقر إلى الدقة وتعتمد على بيانات غير محدثة، ما يجعل الأرقام الفعلية للفقر أعلى مما تعلنه الجهات الرسمية.