تمكينهنَّ ريادة التنمية العالمية

د. محمد وليد صالح
كاتب عراقي

المساواة بين الجنسين وحمايتها يحقّقان العدالة والازدهار ويبنيان مستقبلاً مشتركًا أفضل بعد القضاء على أشكال التمييز كافة ضد النساء والفتيات. هذا لا يمثل حقاً أساسياً من حقوق الإنسان فحسب، بل هو عامل حاسم في التعجيل بتحقيق التنمية المستدامة 2030 على وفق هدفها الخامس. إنّ عنوان العام الحالي (حقوقها، مستقبلنا، فوراً) الذي اختارته مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان للاحتفال باليوم الدولي للمرأة، بذكراه الخامسة والأربعين، ما زال يؤكد أن كثيراً من نساء العالم لم يحظينَ بأن يأخذن حقوقهن كاملة رغم الانفتاح والتطور في معظم الدول. وهذا يثبت أن تمكينهن الفعلي له أثر مضاعف يساعد على دفع النمو الاقتصادي وتكافؤ الفرص في جميع المجالات.

إفادة البرنامج الإنمائي وشركائه من هذه الإنجازات تضمن المساواة في سوق العمل، ومواجهة العنف، والاستغلال الجنسي، والتحرّش، فضلاً عن قلة الحصول على الوظائف المنتظمة، مما يعرضهنَّ لخطر البطالة بشكل أكبر مقارنة بالرجال في المنطقة العربية. وفي هذا السياق، أطلقت دائرة تمكين المرأة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي الخطة الثانية لتعزيز مشاركة النساء في إعادة الإعمار وبناء السلام، وتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 1325.

تعتمد التنمية البشرية على عدة عناصر، منها الإنتاجية، والإنصاف، والعدالة الاجتماعية، والاستدامة، والتمكين، بهدف بناء قدرات المرأة لاتخاذ قرارات استراتيجية بواسطة الموارد المتاحة، وأسلوب الإدارة، لتحقيق الإنجازات.

في هذا المجال، تظهر أهمية البحوث العلمية المختصة للإسهام في الحياة السياسية والوصول إلى مواقع صنع القرار، من طريق التركيز على وضع برامج للعلاقات العامة في المجال السياسي، لبلورة صورة ذهنية إيجابية عن واقع المرأة وقدرتها على المشاركة في الشأن العام. هذا يتطلب توجيه الرسائل الإعلامية لشرائح المجتمع في التوعية والتثقيف، لأن نجاح هذه الجهود يعتمد أساساً على مدى فعالية الجوانب الإدارية والتنظيمية لها، ومعالجة المعوقات الثقافية والصحية التي تواجه المشاركة، وتوضيح حقوقهنَّ في الدساتير الحديثة والاتفاقيات الدولية.

مواكبة التطور التاريخي لمكانة المرأة ودورها في المجتمع مع إبراز مشاركتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بعد مرور الذكرى المئوية الأولى لتأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921، يعد أمراً حاسماً. إتاحة الفرص المتكافئة أمام المرأة مع الرجل في المجالات التنموية تعتمد على الكفاءة والخبرة، مع احترام حقوقها، والإسهام في إزالة الحواجز والعوائق المؤسساتية والقانونية.

إن الجهود الساعية إلى تحقيق التمكين والمساواة بين الجنسين دون كفالة حقوق متساوية في الموارد المتاحة لا يمكن نجاحها، ما لم يسبقها تعزيز السياسات المتعلقة بمفاصل الحياة اليومية، من أجل أن تأخذ المرأة دورها في تقلّد مواقع السلطة الإدارية، وإصدار التشريعات الهادفة إلى خلق فضاء جديد لمشاركتها العامة.

شاهد أيضاً

المداواةُ بالتي كانت هي الداءُ

لم يعد “فيسبوك” مجرد فضاء رقمي للتواصل الاجتماعي، بل تحوّل إلى منظومة إعلامية معقدة تُعيد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!