
آلا طلباني، امرأة قيادية كردية من طراز فريد، جمعت بين النضال السياسي والدفاع عن الحقوق، فسطّرت مسيرة حافلة بالعطاء. انتُخبت عضوةً في المجلس الوطني الانتقالي العراقي عام 2005، وفي العام نفسه دخلت البرلمان، حيث استمرت ممثلةً للشعب لثلاث دورات متتالية.
في انتخابات 2014، أثبتت مكانتها كصوت لا يُستهان به، فكانت المرأة الوحيدة في كركوك التي نالت ثقة الناخبين. لم يكن حضورها في البرلمان مجرد تمثيل سياسي، بل كان تأثيرًا ملموسًا، حيث ترأست كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني، وكانت صوتًا قويًا وحضورًا فاعلًا، نقش اسمه في تاريخ العمل النيابي بعد 2003.
آمنت بالعراق وتعدديته، وسعت لتكون رمزًا للسلام في أروقة السياسة والاقتصاد والمجتمع المدني.

لمجلة صوتها كان هذا هذا الحوار مع النائب السابق آلا طلباني
- البيت والأهل: ما الذي تبقى من ذاكرة ماضي الأب والأم والإخوة؟
الأسرة كانت دائمًا مصدر قوتي ودعمي. ما تبقى من ذكرياتهم هو القيم التي غرسوها في داخلي: حب الوطن، الالتزام بالمبادئ، والوقوف بجانب الحق مهما كان الثمن. تأثيرهم حاضر في قراراتي وتوجهاتي، وأشعر بأن إرثهم يعيش في كل خطوة أخطوها.
و لا أنسى ان اذكر أن لاحقا زوجي بالمرتبة الاولى واولادي كانوا دوما خير داعمين لمسيرتي السياسية . - بالرغم من أنك كردية، لماذا جمهورك ومحبوك من القومية العربية أكثر بكثير؟
أنا أؤمن بوحدة العراق وتنوعه. ربما يكون ذلك لأنني لطالما دافعت عن قضايا وطنية تمس جميع العراقيين، وليس فقط قضية قومية محددة. قناعاتي تتجاوز القومية والعرق، وأعتقد أن هذا ما جذب جمهورًا أوسع يشمل العرب والكرد وكل مكونات الشعب العراقي. وكوني من عائلة دينية صوفية قبل لا اكون من عائلة سياسية فهذا الجانب الصوفي اثر جدا و عكس على عملي الانساني كثيرا . - أيهما الأحب إلى قلبك: القيادة السياسية أم النشاط النسوي؟
كلاهما مرتبط ببعضه، فالنشاط النسوي كان دائمًا قريبا إلى قلبي، لأنه يمس قضايا العدالة الاجتماعية والمساواة، وهما جزء أساسي من رؤيتي السياسية. القيادة السياسية منحتني منصة أوسع لأدافع من خلالها عن حقوق المرأة. - ما الذي تعلمتهِ من الغربة والعمل في المعارضة؟
تعلمت أن النضال من أجل العدالة لا يتوقف عند حدود معينة، بل يمتد أينما كان هناك ظلم. الغربة علمتني الصبر وأهمية التواصل مع الجاليات والمجتمعات المختلفة. أما المعارضة، فقد أكسبتني خبرة التعامل مع الضغوط السياسية والتفاوض من أجل مصلحة الجميع. - كيف تصفين تجربتك السياسية: الحزبية أم النيابية؟ وأيهما كانت الأفضل؟
لكل منهما طابع خاص. التجربة الحزبية منحتني القدرة على فهم آليات العمل السياسي والتعامل مع الخلافات و احتواء الأزمات ، أما التجربة النيابية فأتاحت لي خدمة الشعب مباشرة وتمثيله تحت قبة البرلمان. إذا كان عليّ الاختيار، سأقول إن العمل النيابي كان الأقرب إلى الناس. - هل تأثر أولادك بأفكارك واندفاعك السياسي والمجتمعي؟
بالتأكيد، تأثروا بشكل ما، لكنني دائمًا كنت حريصة على ترك مساحة لهم ليكون لهم رأيهم الخاص واختياراتهم في الدراسة والعمل ، أعتقد أن رؤية والدتهم تدافع عن قضايا عادلة جعلتهم أكثر وعيًا بحقوق الإنسان وأهمية المساهمة في تحسين المجتمع. - هل تعتقدين أن المرأة تُنتهك حقوقها بسببها أم بسبب الواقع المجتمعي والسياسي؟
الواقع المجتمعي والسياسي هو العامل الأكبر. هناك منظومة من القوانين والتقاليد التي تعيق تقدم المرأة. لكن في بعض الأحيان، عدم الوعي بالحقوق أو الخوف من المواجهة يمكن أن يساهم أيضًا في استمرار هذا الانتهاك. - لماذا كنتِ من أكثر النساء معارضة لتعديل قانون الأحوال الشخصية؟
لأن التعديلات ستؤدي إلى تراجع حقوق المرأة بدل تعزيزها. القانون الحالي، رغم عيوبه، يظل أفضل من تشريعات قد تكرّس التمييز ضد المرأة باسم العادات أو الدين. معركتي كانت دائمًا من أجل الحفاظ على حقوق المرأة وتعزيزها، وليس المساس بها. - لماذا لم يتحقق ترشيحكِ لمنصب رئيس الجمهورية؟
كانت هناك معادلات سياسية معقدة ومصالح حزبية طغت على الكفاءة والمهنية. لم يكن الأمر متعلقًا بشخصي بقدر ما كان مرتبطًا بتوازنات القوى في المشهد السياسي العراقي. - كيف تصفين العمل النيابي عبر السنوات الماضية؟ وأي رئيس كان الأفضل في إدارة مجلس النواب؟
العمل النيابي كان مليئًا بالتحديات، خصوصًا مع الظروف السياسية الصعبة التي مرت بها البلاد. كسبتني خبرة واسعة و علاقات واسعة محلية و دولية ، أما بالنسبة للرؤساء، كل منهم كان لديه أسلوبه الخاص، لكن الأفضل بالنسبة لي هو من استطاع أن يحافظ على استقلالية البرلمان ، لم يستخدم المنصب لاغراض وصراعات شخصية ، و عمل بشفافية لصالح الشعب. - لماذا انتقلتِ مؤخرًا للعمل في المجال المصرفي؟
كان الوقت مناسبًا لخوض تجربة جديدة في مجال مختلف. الاقتصاد جزء لا يتجزأ من بناء الدول، وأردت أن أكون جزءًا من هذا التغيير من خلال العمل على تمكين المرأة اقتصاديًا والمساهمة في تطوير النظام المصرفي. - هل تعتقدين أن الإعلام النسوي أداة مهمة في التغيير الإيجابي؟
بكل تأكيد. الإعلام النسوي يلعب دورًا محوريًا في تسليط الضوء على قضايا المرأة والتحديات التي تواجهها. هو ليس فقط وسيلة لرفع الصوت، بل أيضًا أداة للتوعية والتغيير الاجتماعي. - كلمة أخيرة لمجلة “صوتها”:
أتمنى أن تستمروا في هذا الدور المهم الذي تقومون به في دعم المرأة وإبراز قضاياها. نحن بحاجة إلى إعلام جريء ومسؤول يسلط الضوء على نجاحات النساء وتحدياتهن في كل المجالات.
