
يُعد شهر رمضان المبارك في العراق مناسبة روحانية واجتماعية غنية بالعادات والتقاليد التي تعكس ترابط العائلات وكرم الضيافة. تحافظ الأسر العراقية على طقوس خاصة تميزها خلال هذا الشهر، حيث يجتمع الأهل والأصدقاء حول موائد الإفطار، وتزداد أجواء المحبة والتواصل.
تحضيرات رمضان
تبدأ التحضيرات لاستقبال الشهر الفضيل قبل حلوله بأسابيع، حيث تقوم العائلات بشراء المواد الغذائية الأساسية مثل التمر، العدس، الحمص، الرز، والتوابل المستخدمة في تحضير الأطباق الرمضانية التقليدية. كما تتزين الأسواق بالمأكولات الخاصة بالشهر، وتزدحم المساجد بالمصلين استعدادًا لأداء صلاة التراويح.

هلال السوق: وهو الذي لم يتغير ولم يتبدّل ولم يطرأ عليه جديد، فقد اعتاد الناس على استقبال هلال رمضان في الأسواق قبل ظهوره في السماء، إذ ليس من الصعب التعرف على أن الشهر الفضيل بات على الأبواب، حيث التركيز على أنواع محددة من المواد الغذائية.
استقبال رمضان.
مع الانتشار الهائل لوسائل الاتصال ووسائل الاعلام لم يعد العراقيون يهتمون كثيراً برؤية الهلال في آخر أيام شهر شعبان، فهناك جهات دينية تتولى إعلان ذلك.
لكن ظاهرة إطلاق العيارات النارية عند رؤية الهلال، بكل مخاطرها، عادت للظهور بكثافة منذ عقدين بعد أن تلاشت في عقودٍ ماضية.
مدفع الإفطار : ما يزال مدفع الإفطار له حضور في الذاكرة، حيث تطلق قذائفه معلنة حلول وقت الإفطار، فيما تسبقه حملات تبضّع يومية من مراكز التسوق الحديثة أو من الأسواق الشعبية أو الباعة الجائلين.
مائدة الإفطار العراقية
تحمل مائدة الإفطار في العراق طابعًا مميزًا يجمع بين الأطباق التقليدية والمأكولات الشعبية. يبدأ العراقيون إفطارهم غالبًا بالتمر والماء أو اللبن، اقتداءً بالسنة النبوية. ومن الأطباق الأساسية التي تتصدر المائدة الشوربة ، البرياني ، الكبة ،السمبوسة ، الزلاطيمية: وهي سلطة مكونة من الطماطم والخيار واللبن، أما الحلويات الرمضانية، فتتصدرها الزلابية والبقلاوة والدهينة، إلى جانب المشروبات التقليدية مثل التمر الهندي واللبن الرائب.
التقاليد الاجتماعية في رمضان
يتميز رمضان في العراق بأجواء عائلية دافئة، حيث تُقام التجمعات العائلية والولائم الجماعية، خاصة في الأيام الأولى من الشهر. وتحرص العائلات على زيارة الأقارب وصلة الرحم، كما يتبادل الجيران أطباق الطعام، في تعبير عن روح التعاون والتكافل الاجتماعي.
المسحراتي لا يزال حاضرًا في بعض المناطق، إذ يجوب الأزقة في السحور ليوقظ الناس بقرع الطبول وإنشاد الأناشيد الرمضانية.
المحيبس (الخاتم)
لازلات لعبة “المحيبس (الخاتم)” ذات حضورٍ ملحوظٍ في بغداد خاصة رغم انتشار الألعاب الإلكترونية ووسائل التسلية الأخرى حيث تجري هذه اللعبة الشعبية بين فريقين، حيث يودع الخاتم في يد أحد اللاعبين وعلى الفريق المقابل أن يستدل بمهارته وخبرته على مكانه، فيما يدفع الخاسر ثمن الزلابية (حلويات شعبية) التي توزع على أعضاء الفريقين والمتفرجين .
لعبة (الماجينه)
كان الأطفال يجدون متعتهم الكبرى في لعبة (الماجينه) المشهورة، حيث يدورون على البيوت ليمنحهم أصحابها بعض النقود، وفي نهاية الجولة يقوم زعيم الفريق بتوزيع المال المتجمّع على مجموعته، أو يشتري لهم بثمنه الحلويات، لكن هذا الطقس الطفولي اختفى من بغداد وباقي المحافظات على نحو تام تقريبا.
أما الذي استجدَّ في أماسي رمضان العراقية هذه السنوات فهي السهرات النسائية في المقاهي والمطاعم إلى وقت متأخر من الليل وربما حتى السحور، بعد أن كانت تلك الأماسي فرصة لتبادل الزيارة بين الأقارب أو نساء الحي ولا تدوم طويلا.
العبادات والأنشطة الروحانية
يُقبل العراقيون خلال الشهر الفضيل على أداء العبادات، حيث تمتلئ المساجد بالمصلين لأداء صلاة التراويح والتهجد. كما يحرص الكثيرون على تلاوة القرآن وتقديم الصدقات وإفطار الصائمين. وفي العشر الأواخر، تتزايد العبادات استعدادًا لاستقبال ليلة القدر.
المائدة المجانية اليومية. أعظم طقوس رمضان الاجتماعية تتمثل بالمائدة المجانية اليومية، وهذه المائدة لها شكلان، شكل نراه في ما يتبادله الجيران قبيل الإفطار على غير اتفاق فتتنوع الموائد بأنواع الأكلات، وآخر وهو الأهم حيث تستقبل العوائل المحتاجة صحوناً من كل الأنواع وبما يفيض عن حاجتها، لأن الجميع يحرص على إهداء صحونه للعوائل الفقيرة دون انتظار مقابل منها، وهو عرف ديني واجتماعي وأخلاقي لا يمثل عبئاً ولا يلحق ضرراً نفسياً بالمحتاجين.