
د. مهند الخزرجي
يُعَدّ المختار حلقة الوصل بين أجهزة الدولة والمواطن، إذ يضطلع بمهام حساسة تشمل تزويد الأجهزة الأمنية بالمعلومات الكاملة عن المحلة، وتأييد وجود المواطن في محلته، من خلال توفير قاعدة بيانات دقيقة، فضلًا عن تسهيل الحصول على تأييدات السكن والمطالبة بالخدمات، ومراقبة الآداب العامة. ولا يمكن إنكار أهمية دور المختار في تعزيز الاستقرار المجتمعي وتقديم الخدمات. وقد بلغ عدد المختارين في بغداد وحدها نحو 1600 مختار، ما يعكس مدى اتساع مهامهم وأهميتها.
الإطار القانوني والتعديلات المطروحة
في عام 2011، أقرّ مجلس النواب قانون المختارين رقم 13، متضمنًا 11 مادة حددت مهام المختار وصلاحياته، إلا أن القانون لم ينصف المختارين بشكل كامل، إذ لم يمنحهم الامتيازات والحقوق التي تتناسب مع طبيعة عملهم، خاصة أن دورهم يتقاطع مع الجهات الأمنية والإدارية والقضائية على مدار الساعة، دون توفير ضمانات اجتماعية أو حقوق تقاعدية لهم.
وعلى الرغم من إجراء تعديل في عام 2017، إلا أن التعديلات انحصرت في بعض الشروط المتعلقة بتعيين المختارين، مثل المؤهلات التعليمية، دون معالجة التحديات الأساسية التي تواجههم.
و مع استمرار التطورات السياسية والتشريعية في العراق، عاد ملف تعديل قانون المختارين رقم 13 لسنة 2011 إلى الواجهة كقضية ذات أولوية. وقد وافقت رئاسة مجلس النواب على عرض مشروع التعديل للقراءة الأولى، حيث أحيل إلى لجنتي الأقاليم والمحافظات والقانونية، مع إمكانية إشراك لجنة الأمن والدفاع لإبداء الرأي.
وبهذا الصدد، عقدت رئاسة المجلس وعدد من اللجان البرلمانية اجتماعات موسعة مع ممثلي المختارين، ركزت على ضرورة إنصاف المختارين وتعزيز دورهم في تقديم الخدمات للمجتمع، إلى جانب منحهم حقوقًا قانونية واضحة.
أبرز التعديلات المقترحة
يتضمن مقترح التعديل – الذي لا يزال قيد المناقشة داخل مجلس النواب – تطوير عمل المختارين وتفعيل دورهم كحلقات وصل فعّالة بين المواطن والحكومة. ومن أبرز النقاط التي يجري العمل عليها:
1. تعزيز دور المختار بحيث يصبح عنصرًا فاعلًا في الإدارة المحلية، مع منحه صلاحيات واضحة في متابعة القضايا الخدمية والأمنية.
2. تحديد راتب شهري يمنح المختارين حقوقًا تقاعدية لضمان استقرارهم الوظيفي.
3. رفع مستوى المؤهلات المطلوبة للمختارين بما يضمن أداءً أكثر كفاءة.
4. إشراك المختارين في التخطيط المحلي ليكونوا مساهمين حقيقيين في رسم السياسات الخدمية للمناطق.
ختاما .. إن المسؤولية الملقاة على عاتق مجلس النواب تتطلب الإسراع في إقرار التعديلات التي تضمن للمختارين حقوقهم وتوسع صلاحياتهم، بما ينعكس إيجابًا على الخدمات المقدمة للمواطنين. كما أن تحسين البيئة القانونية للمختارين سيساهم في تعزيز ثقة المجتمع بهذه المؤسسة المجتمعية، ورفع مستوى التنسيق بين المواطن والدولة. ويمثل خطوة ضرورية نحو تحسين الأداء الخدمي والإداري في العراق، وهو ما يستدعي تضافر الجهود التشريعية والتنفيذية لضمان تحقيق هذه الإصلاحات على أرض الواقع. ونحن مستمرون في العمل على تحقيق هذه الأهداف لما فيه مصلحة المجتمع والدولة.