ماذا لو وجهت دعوة رسمية للشرع لحضور قمة بغداد؟

د. نبراس المعموري

أعلن وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، على هامش مشاركته في مؤتمر باريس بشأن سوريا، أنه سيتم توجيه دعوة إلى الرئيس السوري أحمد الشرع لحضور قمة جامعة الدول العربية في بغداد، مشيرًا إلى أن العراق ليس لديه أي تحفظات على التعامل مع القيادة السورية الجديدة.

فما الذي سيترتب على الحكومة العراقية إذا قامت بتوجيه دعوة رسمية؟ وما هي التداعيات السياسية والدبلوماسية المحتملة لذلك؟

على الصعيد العراقي الداخلي

يمكن لهذه الدعوة أن تعزز دور العراق كوسيط إقليمي، خاصة أن الحكومة العراقية، ضمن استراتيجيتها في السياسة الخارجية التي اعتمدتها مؤخرًا، تسعى إلى لعب دور الوسيط بين الدول العربية. ودعوة الشرع قد تعزز مكانة بغداد كعاصمة للحوار.
إضافة إلى ذلك، هناك بُعدان أمنيان واقتصاديان لهذا القرار؛ إذ يشترك العراق وسوريا بحدود طويلة وتحديات أمنية مشتركة، مثل مخلفات تنظيم داعش والتهريب. وقد يساهم تعزيز التعاون مع دمشق في استقرار الحدود، كما أن إعادة إعمار سوريا قد تفتح فرصًا اقتصادية للشركات العراقية.
إلا أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى انقسام داخلي في المشهد السياسي العراقي؛ إذ قد تعارضها بعض القوى السياسية، خصوصًا المقربة من إيران، بينما قد تؤيدها القوى التي ترى ضرورة بناء علاقات متوازنة مع الدول العربية والخليجية.

على الصعيد العربي والإقليمي

قد تنظر بعض الدول العربية، مثل السعودية والإمارات ومصر، إلى هذه الدعوة بإيجابية إذا اعتبرت خطوة نحو إعادة سوريا إلى الجامعة العربية وفق رؤية توافقية. خاصة أن مصادر دبلوماسية مصرية صرحت بأن القاهرة تلقت إشارات إيجابية تفيد بأن الشرع سيحضر اجتماع القمة العربية ممثلًا عن سوريا. لكن في المقابل، قد تتحفظ بعض الدول على هذه الخطوة إذا رأت أن الشرع لا يمثل تغييرًا حقيقيًا في المشهد السوري.
أما على المستوى الإقليمي، فقد تثير هذه الدعوة ردود فعل من إيران أو تركيا، خصوصًا إذا اعتُبرت تدخلًا في الشأن السوري أو محاولة لتغيير التوازنات الإقليمية.
إن حضور الشرع قد يكون نقطة خلافية داخل القمة العربية؛ إذ قد ترفض بعض الدول المشاركة في الجلسات معه، بينما قد ترى دول أخرى أنها فرصة لإعادة سوريا إلى الساحة العربية.

على الصعيد الدولي

قد تنظر الولايات المتحدة وأوروبا إلى هذه الدعوة بحذر، خاصة إذا لم تكن هناك خطوات واضحة من قبل النظام السوري الجديد تجاه الإصلاحات السياسية أو الابتعاد عن النفوذ الإيراني والروسي.
من جانب آخر، قد تؤيد موسكو هذه الخطوة، خاصة إذا رأت أن الشرع قادر على الحفاظ على النفوذ الروسي في سوريا مع تحسين العلاقات مع الدول العربية.

ختاماً.. دعوة العراق للشرع ستكون خطوة جريئة تهدف إلى تعزيز دوره كوسيط إقليمي، لكنها بذات الوقت قد تخلق خلافات داخلية وعربية تؤثر على علاقاته مع القوى الدولية. إن نجاح هذه الخطوة يعتمد على كيفية إدارتها دبلوماسيًا ومدى استعداد الدول العربية للتعامل مع النظام السوري الجديد.

شاهد أيضاً

قنبلة أينشتاين جرس المسؤولية الأخلاقية

د. نبراس المعموري قدر لي أن اشاهد فيلم وثائقي يتحدث عن سيرة العالم ألبرت أينشتاين، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!