بقلم الاعلامية نضال ناظم
جميع الأديان توكد على أهمية الإنسان عند الله، وكلها تحث على قيم إنسانية رفيعة، وعلى الالتزام بالتعامل مع المختلفين بكل المحبة والتسامح.
كما جاء من سورة يونس قال الله تعالى في كتابه الكريم: “وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ”
وحتى لا تتأثر الشعوب بالنعرات الطائفية ومروجيها، والتى تسعد بتناحرهم وتسلط الشر عليهم؛ لابد أن يُبنى التعايش السلمى على قاعدة قوية من الثقة والاحترام، ومن الرغبة في التعاون لخير الإنسانية. وعليه، يحتفل العالم يوم 16 نوفمبر من كل عام باليوم العالمي للتسامح، الذي دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة الدول الأعضاء إلى الاحتفال به عام 1996، من خلال القيام بأنشطة ملائمة، توجه نحو كل من المؤسسات التعليمية وعامة الجمهور. وعرفت “اليونيسكو” التسامح أنه التسليم بالحقوق العالمية للإنسان وبالحريات الأساسية للغير، وهو الضامن الوحيد لبقاء المجتمعات المختلطة والمتنوعة في كل مناطق العالم، وأخذت اليونسكو على عاتقها تعزيز التسامح واللاعنف عن طريق برامج ومؤسسات تعني بمجالات التربية والعلم والثقافة والاتصال. فالتسامح فى مفهومها يعنى الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري لثقافات العالم كله. ويجيء الاحتفال باليوم العالمي للتسامح من كل عام للتذكير بالتثقيف وأهمية التسامح، ونبذ العنصرية والتمييز غير العادل على المجتمع ومعرفة مدى تأثيره السلبي على المجتمعات، فى محاولة جادة للتخلص منه ومن آثاره؛ كذلك دعت إلى أن يتم بث مبادىء التسامح والإخاء فى البرامج الإذاعية والتليفزيونية، ولم تغفل أيضًا الدور المحورى للمُعلم والمدرسة، ودعت إلى أن يقوم بعض المعلمين في ذلك اليوم بإيضاح مبادئ التسامح وحقوق الإنسان للطلاب داخل الفصول.
فعلى الجميع أن يتحملوا المسئولية بداية من المؤسسات الدينية إلى الإعلاميين والمعلمين مع التلاميذ فى المدارس، كما يجب أن تساعد أنظمة التعليم على نشر ثقافة التسامح والاعتدال وتطوير المناهج التعليمية، وإيجاد مؤسسات تقتصر مهمتها على إشاعة ثقافة التعايش السلمي وتعزيز الهوية الوطنية، والاحتكام إلى القانون في حل الخلافات والنزاعات الطائفية، وأيضا أهمية تحقيق العدالة الاجتماعية بين أبناء الوطن، والسعى إلى عدم التمييز بينهم فى مختلف الوظائف.
نحن فى حاجة أن يتمتع كل شعوب العالم بالتسامح، وذلك من أجل رفعة الإنسان وتحقيق حريته فى أى وقت، واحترام الآخرين والحوار الراقى بين جميع الأطياف دون عنصرية.
وفي تعامل الانسان مع الآخر كثيرًا ما يستعمل تعابير مختلفة ويخلط فيما بينها: المغفرة، المصالحة التسامح وغيرها. والمسامحة أو المصالحة قد تتحقق مع شخص او مجموعة حصل تجاهها إساءة. والمغفرة: هي لمن له سلطان الحل والربط أي لله. فالله فقط هو من يغفر. أما انا كعبد لله، فقط أطلب من الله أن يغفر لمن أساء إليّ. وهذا ما أعلنه يسوع المسيح وهو على الصليب: “يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ” (لوقا 23: 34). وبالتالي فطلب الغفران للآخر تصرف شخصيّ بيني وبين الله. وعند طلبي المغفرة لشخص ما، فإنني أنزل همّه عن ظهري، أي أقرر أن اتحرر من الضغينة او الحقد او التفكير الدائم بما صنعه الآخر لي وبعد ذلك يمكن ان أستريح وأكمل حياتي.
وفي الختام التسامح يكون تجاه اشخاص أعرفهم أو لا عرفهم بتاتًا، وهذا ما يجري في كثير من الأحيان تجاه أديان أو طوائف مختلفة أيضا. وهناك رأي سائد يقول: “المؤمن هو الذي لديه ايمان وهوية قويتان، ويكون متسامحًا وغير عدائيّ تجاه الأديان الأخرى”.