الكاتبة : نورا النعيمي
التكنولوجيا عنصر أساسي في التنمية والازدهار البشري إذا استُخدمت بشكل صحيح، لكنها قد تتحول إلى كارثة إذا أُسيء استخدامها. فالذكاء الاصطناعي، رغم فوائده العظيمة، يحمل في طياته مخاطر فنية، واجتماعية، وأخلاقية، مما قد يؤثر سلبًا على القيم الإنسانية، ويتحدى الأخلاقيات الدينية والاجتماعية. فعلى المستوى الاجتماعي، يمكن أن يؤدي إلى تقليل الحاجة إلى بعض الوظائف مثل المعلمين والموظفين، مما يخلق تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة.
مخاوف العلماء والخبراء
أعرب كبار علماء الكمبيوتر والرؤساء التنفيذيون عن مخاوفهم بشأن تطور الذكاء الاصطناعي الخارق، ومن بينهم جيفري هينتون، بوشوا بنجيو، إيلون ماسك، وسام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI. وقد أظهرت دراسة استقصائية أجراها باحثو الذكاء الاصطناعي أن غالبية المشاركين يعتقدون أن هناك احتمالًا بنسبة 10% أو أكثر أن يؤدي عدم قدرتنا على التحكم في الذكاء الاصطناعي إلى كارثة وجودية.
في عام 2023، وقع مئات الخبراء في مجال الذكاء الاصطناعي بيانًا يدعو إلى التخفيف من خطر الانقراض الناتج عن تطور هذه التقنية بشكل متسارع. كما أن هناك مخاطر أخرى تتمثل في صعوبة تعديل أنظمة الذكاء الاصطناعي بعد إطلاقها، إذ تسعى هذه الأنظمة لتحقيق أهدافها بأي وسيلة، مما قد يجعلها منافسة للبشر على الموارد، وربما تصبح خارجة عن السيطرة.
فوائد الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بالكوارث
رغم المخاطر، يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي أن تساعد في التنبؤ بالكوارث الطبيعية والكشف المبكر عنها. على سبيل المثال، يمكن لهذه الأنظمة:
• تحذير السكان المحليين قبل وقوع الكوارث، مما يقلل من الخسائر البشرية والمادية.
• تحليل كميات هائلة من البيانات وإجراء تنبؤات دقيقة حول الأعاصير، وحرائق الغابات، والزلازل.
• استخدام بيانات زلزالية للتنبؤ بالهزات الأرضية، كما طورت Google نظام ذكاء اصطناعي لتحليل بيانات الزلازل والهزات الارتدادية بدقة عالية.
مستقبل الذكاء الاصطناعي والمخاوف القادمة
وفقًا لمصطفى سليمان، الرئيس التنفيذي لشركتي DeepMind وInflection AI المتخصصتين في تطوير الذكاء الاصطناعي، فإنه خلال عامين فقط، ستكون أنظمة الذكاء الاصطناعي أقوى بمئة مرة مما هي عليه اليوم. وهذا يثير تساؤلات خطيرة حول إمكانية فقدان السيطرة على هذه الأنظمة بمجرد أن تصل إلى مستوى “الذكاء الفائق” (Superintelligence)، وهو مستوى قد يجعلها أكثر ذكاءً من البشر بشكل غير متوقع.
لذلك، دعا أكثر من ألف عالم وخبير تقني إلى إيقاف تطوير مختبرات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، محذرين من أن هذه الأنظمة قد تتطور بسرعة خارجة عن السيطرة، مما يؤدي إلى انتشار “عقول رقمية” تفوق قدرة البشر على فهمها أو التحكم بها. كما طالبت واشنطن بتقييد مبيعات الرقائق الإلكترونية التي تصنعها شركة Nvidia، خوفًا من استخدامها في تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي تتجاوز السيطرة البشرية.
الخلاصة
الذكاء الاصطناعي سلاح ذو حدين؛ فبينما يمكن أن يساهم في تحسين حياتنا وإنقاذ الأرواح عبر التنبؤ بالكوارث، فإنه قد يشكل تهديدًا وجوديًا إذا خرج عن السيطرة. لذا، يجب على الحكومات والعلماء العمل معًا لوضع ضوابط صارمة لضمان أن هذه التقنية تخدم البشرية بدلاً من أن تصبح خطرًا عليها