الإبرة في كومة القش… أم بجانبك؟!

وفاء الفتلاوي

كثيرًا ما نجد أنفسنا عالقين وسط دوامة من المشكلات، نبحث عن حلول تبدو مستحيلة، كأننا نحاول العثور على إبرة في كومة قش. ومع ذلك، الحقيقة أن الحلول قد تكون أقرب مما نتصور. أحيانًا تكون هناك درزينة من الإبر بجانبنا، لكننا ببساطة لم نلتفت إليها بعد. ما يجعلنا نغفل عن الحلول القريبة هو انشغالنا بالتفاصيل غير المهمة، أو نظرتنا المحدودة للمشكلة.

عندما نواجه أي تحدٍ، نتجه عادة إلى التركيز على تعقيداته بدلاً من التفكير بهدوء ومحاولة رؤية الصورة الكاملة. لكن عندما نأخذ خطوة إلى الوراء، نغير زاوية النظر، ونسمح لأنفسنا بالخروج من إطار التفكير التقليدي. يصبح من السهل العثور على مسارات جديدة للحل.

في الحياة اليومية، كثيرًا ما نواجه مشكلات تبدو معقدة في البداية، سواء كانت شخصية، مهنية، أو حتى مجتمعية. لكن التجارب تثبت أن العقبات ليست سوى فرص متنكرة. على سبيل المثال، قد نشعر بأن هناك طريقًا واحدًا فقط لتحقيق هدف معين، وإذا تعطل هذا الطريق، شعرنا بالعجز. لكن ماذا لو نظرنا حولنا؟ ماذا لو فكرنا خارج الصندوق؟ ربما نجد أن الحل لم يكن أبدًا في الطريق الذي ظننا أنه الوحيد، بل في طرق أخرى لم ننتبه لها.

تخيل شخصًا يبحث عن عمل، ويركز كل جهوده على تقديم طلبات لوظائف معينة يرى أنها الأنسب لمؤهلاته، لكنه لا يحقق أي تقدم وقد يشعر بالإحباط. لكن إذا توقف وفكر بمرونة، ربما يدرك أن تطوير مهارة جديدة أو النظر إلى مجالات أخرى يمكن أن يفتح له آفاقًا جديدة.

على الصعيد المجتمعي، نجد أمثلة لا حصر لها على حلول ظهرت ببساطة بسبب تغيير طريقة التفكير. مشروعات ناجحة انطلقت من أفكار صغيرة وبسيطة، ومبادرات اجتماعية بدأت بحلول محلية لتصبح نموذجًا يحتذى به.

الحكمة ليست في تعقيد الحلول، بل في بساطتها. قد تكون أكبر التحديات التي تواجهنا قابلة للحل بخطوات بسيطة، لكن هذا يتطلب منا شجاعة لتجربة الجديد، واستعدادًا لرؤية الأمور من منظور مختلف. إذاً، المشكلة ليست دائمًا في حجم العقبات، بل في قدرتنا على التعامل معها بوعي وإبداع.

في النهاية، الحلول ليست بعيدة، ولا تتطلب منا الكثير سوى أن نمنح أنفسنا فرصة لإعادة التفكير والبحث بطريقة مختلفة. فالمعضلات التي نخشاها هي في الحقيقة دعوة للابتكار، وإثبات على أننا قادرون على تجاوز كل ما يعيقنا عندما نؤمن بأن الحل أقرب مما نعتقد. “وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون”.

شاهد أيضاً

بغداد والسياحة العابرة للحدود

د. محمد وليد صالح كاتب عراقي تظهر أهمية توافر المعلومات لبناء الثقافة السياحية واستمرار تحديثها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!