د. محمد وليد صالح
كاتب عراقي
على الرغم من اختلاف العالم، مازالت فجوة الأجيال موجودة. تُعَرف الفجوة بأنها الاختلافات بين جيل الشباب وكبار السن، بين الآباء وأبنائهم، والتي تنجم عن فرق في القيم والتوجهات. هذا الاختلاف يؤدي إلى صعوبة في التواصل بسبب طبيعة الخبرات المتراكمة، والآراء والعادات والسلوكيات التي تختلف من جيل لآخر، مما يسبب خللاً في التعايش والثقة والتفاهم، وقد يؤدي إلى التصدع الأسري أو الفراغ العاطفي.
هذه الفجوة تتعمق خاصة في ظل تسارع التغير الثقافي في العصر الحديث، الذي يزداد بشكل ملحوظ مقارنةً بالمدتين الزمنيتين السابقتين. وتُلاحظ هذه الفجوة بشكل أكبر فيما يتعلق بالأذواق العامة، والأزياء، والثقافة، والسياسة.
تعد أسباب الفجوة كثيرة، خصوصاً في الدول النامية، حيث تركز النظم السياسية عادةً على التنمية المادية دون الاهتمام بالتنمية الإنسانية، ما يشكل الأساس لتشكيل فجوة تُعرف بـ”فجوة الشمال والجنوب”. وقد ساعدت وسائل الاتصال الحديثة على تقارب العالم، ونشرت المعرفة والمعلومة، وأدى الإعلام العولمي كسلطة تكنولوجية إلى تفاعلات بين المنظومات المختلفة.
الدول المتطورة في السياسة والاجتماع تركز أولاً على تطورها الاقتصادي والعلمي، بينما يأتي الاهتمام بالثقافة في المرتبة الثانية، ما ينعكس على محدودية تنمية الوعي الثقافي وفرض اختيارات محدودة على الجمهور. في المقابل، الدول المتقدمة تمنح العلم والاقتصاد والثقافة أهمية كبيرة، وهو ما يعد سر تميزها.
من العوامل المؤثرة في زيادة الفجوة الإعلامية هو القرب المكاني، حيث تهتم النظم الاتصالية بتغطية أحداث جغرافيتها القريبة، بالإضافة إلى تبادل البرامج بين الدول. كما ينعكس الاهتمام الإعلامي على حجم السكان، وحجم التجارة بين الدول، وحجم التبادل التجاري الذي يساهم في زيادة حجم المعلومات المتبادلة. علاوة على ذلك، فإن مستوى رفاهية الدولة في المجتمع الدولي، بما في ذلك وضعها الاقتصادي والسياسي، يؤثر بشكل كبير على حصة الدولة من المعلومات العالمية.
وبذلك، تعد سعة الانفتاح العالمي نحو المعرفة أحد العوامل الرئيسة التي تحد من ظاهرة احتكار المعلومات والسيطرة عليها، ما يعكس حاجة المجتمع المستمرة لمواكبة الأنباء والمعلومات المحلية والعالمية بسرعة.