واقع عمليّات التجميل في العراق… ومراكز غير مرخّصة أو قانونية

مهند فارس 

مراكز تجميلية تبحث عن وجوه وأجساد جديدة، مُشكِلة ظاهرة جديدة في المجتمع العراقي، زاد رواجها بشكل تدريجي خلال السنوات الماضية. وتزيد الإعلانات المنمقة المعلّقة في الشوارع الرئيسية، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي من انتشارها، حتى تحولت لثقافة جديدة، لها روادها ومعجبوها.

إدمان تدريجي

خلال السنوات الماضية، زاد إقبال الناس على عمليات التجميل في العراق، مراكز متعددة تتيح لهم ما تشتهيه أنفسهم من تغيير على وجوههم أو أجسادهم، هذه المراكز تنتشر في مختلف المدن، لكن تتربع العاصمة العراقية، بغداد، على قمتها. 

بحسب صاحبة أحد مراكز التجميل، فعمليات التجميل في العراق لا تقتصر على النساء، إذ ارتفع عدد مراجعيها من الرجال للخضوع لعمليات معينة، مثل زرع الشعر، وتضخيم العضلات، وتصغير الأنف، وحقن البوتكس 

تستقبل المراكز مختلف الفئات العمرية، ولكن طبقة الفتيات ما بين العشرين والثلاثين، هن الأكثر إقبالاً بحسب شيماء الأمير، وهي صاحبة أحد هذه المراكز في بغداد. وتقول لرصيف22 إن هذا الإقبال يبدأ من رغبة بسيطة في تغيير بعض ملامح وجوههن، ولكنه سرعان ما يتحول إلى إدمان، فيتسابقن إلى استخدام حقن البوتوكس ونفخ الشفاه والخدود، وصولاً إلى عمليات نحت الأجساد، وتكبير بعض مناطقه.

وتستدرك أن عمليات التجميل لا تقتصر على النساء، فمثلهن الرجال في هذا الاهتمام مؤخراً، إذ ارتفع عدد مراجعيها من الشباب للخضوع لعمليات معينة. 

إلا إن إقبال الشباب غالباً ما يتعلق بزراعة الشعر، أو استخدام حقن البوتوكس، لتضخيم عضلات الجسد، إضافة إلى عمليات تصغير الأنف وإخفاء التجاعيد، وتؤكد أن بداية هذه الظاهرة كانت محصورة ببعض عارضات الأزياء والإعلاميين الراغبين لتجميل ظهورهم أمام الكاميرات، ولكنه سرعان ما تحول خلال السنتين الماضيتين تحديداً، إلى أداة لإشباع إدمانهم على هذه الظاهرة.

ما بين الإعلام والفاشنستات

أصبحت عمليات التجميل من أكثر ما يشد المرأة لزيادة جمالها، بفعل الاندماج الاجتماعي الذي توفره تقنيات التواصل الحالية، إذ لعبت الماكينة الإعلامية في زيادة الاهتمام الشعبي بهذا النوع من الجمال، عبر امتناعها عن توظيف الفتيات والشباب بأشكالهم الطبيعية، وتفضيل الخاضعين لعمليات تجميلية، أو ما يطلق عليه اسم “الجمال الاصطناعي”.

دفعت هذه السياسات البصرية العديد من الراغبين في خوض المجال الإعلامي، إلى تلبية معاييره الجمالية الجديدة، ولكن الأمر لا يقتصر على القنوات الفضائية، بل أدى الاستخدام الخاطئ لوسائل التواصل الاجتماعي إلى اتساع هذا النمط، عبر زيادة الاهتمام، بـ”الفاشنستات” الجدد، وأغلبهن ممن خضعن لهذه العمليات. واللافت أن أغلب المعلنين على صفحات وسائل التواصل، يفضلون توظيف الـ”موديل” الخاضعة لعمليات تجميلية، أو نفخ الشفاه في أدنى حد. 

أغلب المعلنين على صفحات وسائل التواصل، يفضلون توظيف الـ”موديل” الخاضعات لعمليات تجميلية، أو نفخ الشفاه في أدنى حد. 

وبحسب الباحث الاجتماعي أوس الشمري، فإن الوجوه الجديدة، ساهمت في انتشار ثقافة تغيير الوجوه ونحت الأجساد، على حد تعبيره، مشيراً إلى أنها دلالة أيضاً، على التغيير الحاصل في عقلية المجتمع العراقي الذي ساهم بنفسه في الترويج لهذه الشخصيات أو الثقافة عبر دعمها بالمتابعة أو الإعجاب، لا سيما وأن معظم المروجين والمعلنين يبحثون عن شخصية مشهورة للترويج لأعمالهم.

هذا الجانب نشر بدوره ثقافة الفاشنستات الجديدة بدورها، وبحسب قوله لرصيف22، يرى الشمري أن وسائل التواصل زادت من إقبال الفتيات على هذه العمليات من أجل ريادة عالم الموضة، في حين انحسر الاعتماد على الموديل بجمالها الطبيعي، بشكل كبير جداً، ودفع هذه الفئة بدورها إلى إجراء عمليات تجميلية بدورهن، من أجل الحفاظ على أعمالهن.

تقليد أعمى

قد يبرر البعض خضوع المشاهير لهذا النوع من العمليات، ولكن ما سبب الانجذاب الحاصل لدى باقي الفتيات أو الشباب؟ يقول الطبيب النفسي عبد الأمير الربيعي لرصيف22 إن “عقلية المجتمع توحدت مع ما تنشره وسائل التواصل الاجتماعي، فالفئات الشبابية، مجبرة على تقليد ما يشاهدونه بدون وعي، ويحاولون تقليد الجوانب الجمالية قدر إمكانهم، ليس للتشبه بهم فقط، ولكن لاعتبارهم من آيات الجمال الحالية، مثل اعتبار الوشم على الوجه كعلامة لجمال المرأة خلال النصف الأول من القرن الماضي”.

ويضيف: “هذا التحول لن يتوقف عند هذا الحد، وهو لا يتوقف على تأثير الماكنات الإعلامية أيضاً، بل أصبح ظاهرة لن تتوقف حتى الحد أو الملل منها داخل المجتمع، لظهور علامات جمال جديدة”.

شاهد أيضاً

ارتفاع التلوث البيئي في العراق.. وانتشار الكبريت ينذر بكارثة صحية

من أصل 18 محافظة في العراق، هناك 12 محافظة ذات بيئة “غير صحية” وست محافظات …

error: Content is protected !!