هل انت مصاب بمرض نفسي؟!

هل انت مصاب بمرض نفسي؟!

إنتصار الماهود //
هل تعلم ان هنالك ما يقارب من المليار شخص حول العالم مصاب بإضطرابات نفسية، حسب الإحصاءات الرسمية للأمم المتحدة عام 2019، منهم 14% من المراهقين، أي إن هنالك شخص واحد مقابل 8 أشخاص مصابون بإختلال فكري وسلوكي يؤثر عليهم وعلى الآخرين.
هل تعلم أن إضطرابات القلق والإكتئاب قد زادت بنسبة 26% بعد جائحة كورونا عام 2020، وهل تعلم أن 58 مليون طفل ومراهق مصاب بإضطرابات القلق، وأن هنالك 58% من الوفيات هي إنتحار لأشخاص دون سن ال50 بسبب أمراض نفسية، و إزدادت حالات الإنتحار بين المراهقين خلال السنوات الاخيرة بسبب الأمراض النفسية.
هل تعلم بأن المصابين بالإضطرابات النفسية يموتون أسرع من أقرانهم بمعدل 10 الى 20 عاما.
أرقام مرعبة أليس كذلك؟! هذه فقط المسجلة، وربما هنالك أضعافا لم تسجل لأن الأمراض النفسية لا نولي لها الإهتمام، ودوما نربطها بالجنون والعته، وهذا ما يدفع الإنسان المصاب بمرض نفسي الى السكوت وإهماله.
كأفراد ودول هنالك بالطبع تقصير من ناحية الإهتمام بجانب الصحة النفسية مع العلم أن الأمراض النفسية تكون أخطر على حياة الأفراد إن لم تتم معالجتها بصورة صحيحة لأنها امراض مخفية وليست ظاهرة كما هو حال الأمراض العضوية.
تم تصنيف الأمراض النفسية التي تصيب الأنسان، وتسميتها حسب الأعراض التي يظهر على الأشخاص ونستطيع أن نشرح وبإيجاز عن أهمها:

  1. إضطرابات القلق، الكل ينظر للقلق الذي يصيبه بأنه أمر طبيعي، ولا يوليه أي إهتمام مع العلم إنه من الأمراض النفسية الشائعة، والتي لها أعراض خطيرة إن أهملت ومنها، ( الخوف المفرط، القلق، الإضطرابات السلوكية، القصور الجسيم في الأداء الحياتي)، حيث يصيب هذا المرض 301 مليون شخص بالغ حول العالم، ومن أبرز أمثلته القلق المجتمعي، أي الخوف والقلق المفرط في المواقف الإجتماعية، والتي نتعرض لها في حال اللقاءات والإجتماعات والتجمعات المزدحمة، والثاني هو القلق الإنفصالي، والذي يكون عادة سببه الإنفصال عن الأشخاص الذين تربطنا بهم عاطفة عميقة.
  2. الإكتآب مرض شائع بين الأفراد، حيث قدرت إحصائيّات الأمم المتحدة لعام 2019، بوجود 280 مليون شخص منهم 23 مليون طفل ومراهق، وتتلخص أعراضه ب،( تكدر المزاج، الشعور بالحزن، سرعة الغضب، والخواء، فقدان الإهتمام، ضعف التركيز، قلة التقدير، اليأس من المستقبل، التفكير في الموت، والإنتحار، إضطرابات النوم، تقلبات الشهية والوزن، قصور الطاقة)، وهو أكثر مرض نفسي يسبب الإنتحار.
  3. مرض ثنائي القطب ويصاب به أكثر من 40 مليون شخص حسب إحصائيّات الأمم المتحدة لعام 2019، ويعاني المصاب به من، ( نوبات قلق وإكتئاب، تكدر بالمزاج، الهوس، النشوة، سرعة الإنفعال، فرط النشاط والطاقة، زيادة الثرثرة بالكلام، تسارع بالأفكار، نقصان الحاجة الى النوم، السلوك المندفع)، وهو معرض أيضا لخطر الإنتحار.
  4. إضطراب ما بعد الصدمة: وهو أكثر الامراض النفسية إنتشارا خاصة في المناطق الساخنة والمنكوبة، التي مرت بنزاعات وقد تشمل أحداثا فردية تحصل لأشخاص، أو أحداثا جماعية تشمل مجتمع كامل أو ربما دولة كاملة، وأهم أعراضه: ( إسترجاع الحدث الصادم، ذكريات مزعجة، تعنيف، كوابيس، تجنب الافكار المتعلقة بالحدث، تجنب القيام بأنشطة معينة أو مواقف تدول حول الحدث، القصور الجسيم في الأداء الحياتي).
    ويعتبر الصنف الرابع أخطر الأمراض النفسية، وأقربها حدوثا في المجتمع العراقي خاصة بعد ما عانته المحافظات، من إحتلال تنظيم داعش الأرهابي وسبي وقتل رجال ونساء وتشريد مجتمعات كاملة، إغتصاب وتنكيل وحرق الأحياء، سبي وبيع للنساء في سوق النخاسة، ظروف بشعة مرّ بها البلد تركت أثرا نفسيا خطيرا على الناجين وعلى عوائلهم، مجتمعات كاملة هدمت بسبب الأرهاب الداعشي، ومن بقي على قيد الحياة تعرض لصدمات قوية وآثار نفسية، بقيت لن يتخلص منها بسهولة ولا توجد مراكز نفسية متخصصة، تعالج تلك الإضطرابات النفسية لتأهيل الناجين والناجيات، تخيل أن هنالك الآلاف من الأطفال ممن شهدوا عنف وإرهاب داعش، كيف سيكون مستقبلهم وهل يستطيعون بناء مجتمع سليم، كما لا ننسى عوائل ضحايا الإنفجارات، وعوائل الشهداء والمفقودين في مناطق العراق الجنوبية، الذي تعرضوا لعنف مماثل لعنف داعش في المناطق الغربية، مع الأسف لا يوحد إهتمام حكومي أو أممي لإنشاء مراكز صحة نفسية لتعالج وتؤهل من تعرض للصدمات، من الأفراد والجماعات كما أن هنالك أعداد ضئيلة من من الأطباء المتخصصين بالطب النفسي في العراق، لمعالجة الحالات الموجودة بسبب النظرة التجارية لمهنة الطب، في وقتنا الحالي والعزوف عن التخصص بالطب النفسي.

وفي الختام من يصاب بمرض نفسي أو علة ليس مجنونا أو معتوها، كما هو متعارف عليه مع الأسف، فسلامة الشخص لا تشمل سلامة البدن وعلاجه فقط بل سلامة نفسه وروحه وعلاجها، وهو توازن يجب أن يكون موجودا في داخل كل شخص.
كثيرة هي ضغوط الحياة ومصاعبها، من منا لا زال مقاوما صامدا لم يصاب باذى نفسي أو روحي، هل أنت متأكد من أنك لا تعاني من مرض نفسي؟!.

شاهد أيضاً

الإبادة الجماعيَّة والدبلوماسيَّة 

د. محمد وليد صالح  كاتب عراقي  بعد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة أجمعت الدول الأعضاء الـ(193) على ان …

error: Content is protected !!