أطفال السجينات في العراق: خارج السجلات والتعليم.. والحياة 

نشوى نعيم

سجاد ومؤمل وزهراء ورقية من دون تعليم وأوراق ثبوتية، فهم ضحية حظ عاثر وضع أمهاتهم في السجون.. 

لا يجيد سجّاد القراءة والكتابة وهو في السادسة عشرة من عمره، فقد دخل السجن عندما كان عمره بضعة أشهر، وغادره إلى دار رعاية لم يؤمّن له التعليم بسبب مشكلة أوراق. 

حُكمت والدته “رنا” بالسجن 15 عاماً بعد إدانتها بالاتجار بالبشر، وألقيت في السجن عام 2008، فاصطحبت طفلها الرضيع معها إلى السجن. 

قبل ذلك، كان والده -وهو الآخر مطلوب للعدالة- قد طلّق رنا عند رجل دين، وجمع كل أوراقها الثبوتية وتوارى عن الأنظار، ولم تفلح محاولاتها العديدة في العثور عليه من أجل استعادة المستمسكات وتسجيل طفلها في سجلات الدولة. 

وعندما ألقي القبض عليها وحوكمت وألقيت في السجن، لم يكن بحوزتها عقد زواج ولا عقد طلاق ولا هوية أحوال مدنية ولا أي شيء يثبت نسب سجاد، فبقي من دون هوية. 

احتفظت به سنتين في السجن، ثم قررت تسليمه عن طريق إدارة السجن إلى دار رعاية حكومية لعدم رغبتها في ترعرع ابنها في بيئة غير ملائمة. 

قضى ثلاث سنوات في دار الطفولة في الناصرية حيث كانت الأم مسجونة، وعندما نقلت إلى سجن البصرة نُقل هو أيضاً إلى دار البراعم هناك، وبعد عودتها إلى سجن الناصرية أعيد إلى دار البراعم في الناصرية. 

لم تتمكن الدور التي نزل فيها سجاد من تسجيله في المدرسة لعدم امتلاكه مستمسكات، وعندما حاولت دار البراعم في الناصرية مساعدته في استخراج وثائق له، اصطدمت بإجراءات قانونية زادها تعقيداً اختفاء الأب. 

لكن القاضي شوان صابر مصطفى، رئيس “شبكة عدالة السجناء”، يشرح طريقاً قانونياً لاستخراج وثائق للطفل يبدو ممكن التنفيذ. 

يقول مصطفى لـ”جمّار” إن بإمكان الأم التبليغ عن اختفاء الزوج لتصدر المحكمة إشعاراً تطلب فيه حضوره أمامها، وإذا لم يحضر خلال أربع سنوات يعد مفقوداً. 

وبعد ذلك تقدم الأم طلب تأييد فقدان هوية إلى قاضي التحقيق، حيث تخاطب المحكمة دائرة النفوس لمراجعة سجل الأحوال المدنية، وتقوم الدائرة باستخراج بطاقة وطنية لها وللطفل حتى لو لم يكن الزوج موجوداً، ما دامت لهم بيانات مسجلة في دائرة النفوس، بحسب مصطفى. 

أما بالنسبة لعقد الزواج المفقود وأهميته في إثبات أنها كانت متزوجة من هذا الرجل، فيمكن استخراج نسخة منه من أرشيف المحكمة، كما يمكن تصديق عقد الطلاق عن طريق الشهود أو رجل الدين الذي نظمه. 

وإذا كانت المرأة سجينة لا تستطيع التحرك لإنجاز هذه المعاملات، يمكنها تقديم طلب عن طريق إدارة السجن لاستخراج الأوراق المطلوبة بواسطة محام تنتدبه هي على نفقتها الخاصة أو تنتدبه نقابة المحامين أو مفوضية حقوق الإنسان مجاناً لها إذا كانت غير قادرة على دفع أجوره. 

لكن هذه المسارات كلها لم تجد طريقها إلى التنفيذ أمام رنا وسجاد، فكانت كلما تفاتح إدارة السجن بموضوع هوية ابنها يأتيها الجواب بعدم القدرة على فعل شيء لها. 

كما أن هذه الإجراءات لم تساعد الطفل مؤمل على حيازة أوراق ثبوتية بعد أن ولد داخل سجن الناصرية من أم محكومة بالسجن المؤبد بتهمة قتل زوجها. 

فمؤمل حتى الآن بلا بيان ولادة ولا أي أوراق، وقد بلغ عمره هذه الأيام ست سنوات وأرسل إلى دار البراعم من غير أي شيء سوى اسمه الذي اختارته أمه له. 

ومع أن الحقوقي محمد راضي بحر يوضح أن السجينة الحامل ترسل إلى المستشفى عندما تحين لحظة ولادتها ويستخرج هناك بيان ولادة للطفل وفقاً للقانون، لكن هذا لم يحدث مع والدة مؤمل. 

اعتُبر الطفل كريم النسب وأهمل تسجيله، وهو حالياً في سن التسجيل بالمدرسة ولكن لم يتم قبوله لعدم امتلاكه مستمسكات. 

كسل وتقصير 

يشكل سجاد ومؤمل أنموذجين لأطفال كثيرين ولدوا أو رافقوا أمهاتهم في السجون وأبقتهم ظروفهم من دون مستمسكات، على الرغم من أن المتخصصين في القانون يجمعون على أن القوانين النافذة عالجت هذه الحالات ورسمت مسارات واضحة لها. 

فالقاضي مصطفى يؤكد أن على المستشفيات منح شهادات الولادة للأطفال الذين يولدون في السجون حتى لو لم يكن الأب موجوداً، وعلى وزارة العدل ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية إصدار توجيهات تنص على استخراج أوراق ثبوتية لهم إذا كانت أوراق الأم ضائعة أو غير مكتملة، إذ أن بإمكان إدارة السجن مخاطبة دائرة نفوس السجينة من أجل تزويدها ببيانات وصورة قيد وخلال مدة وجيزة لاستكمال إجراءات إصدار المستمسكات. 

لكنه يقر بوجود تقصير في الأداء الإداري داخل السجون، وتحديداً في الشعب القانونية لاستخراج المستمسكات الرسمية للأطفال المصاحبين. 

وكذلك يشير الحقوقي بحر إلى وجود كثير من الحقوق للنزيلات أو المودعات وفقاً لقانون إصلاح النزلاء والمودعين رقم 14 لسنة 2018، منها حق الطفل المولود داخل السجن بصدور شهادة ولادة له من دون ذكر أنه ولد في السجن. 

ويبين أن الفقرة الخامسة من المادة الثالثة من القانون أوضحت أهم أهدافه المتمثلة بدراسة أحوال أسر النزلاء والمودعين وتقديم المساعدة لهم، وهذا مفهوم عام يشمل أفراد الأسرة كافة سواء الأطفال المرافقين لأمهاتهم أو الموجودين خارج أسوار السجن، وذلك ما لا يمكن تحقيقه من دون التزام إدارة السجن بتوفير المستمسكات الضرورية للأطفال. 

غير أن إدارات السجون تبدو متكاسلة عن أداء هذه المهام. 

تقول مسؤولة في سجن الناصرية لـ”جمّار” مشترطة عدم ذكر اسمها لأنها غير مخولة بالتصريح، إن “إدارة السجن غير معنية باستخراج أوراق ثبوتية للطفل المصاحب للسجينة، سواء كان الأب معروف الهوية أو غير معروف، بسبب عدم إمكانية البحث عن الأب وتصديق عقد الزواج والبحث عن السجلات المدنية للسجينة التي قد تكون في محافظات أخرى”. 

وتضيف “نحن لا نخوض في أمر صعب كهذا، وكذلك ليس من مهام إدارة السجن استخراج أوراق للنزيلة، ولكن في حالة امتلاك السجينة هوية أحوال مدنية وعقد زواج فمن الممكن استخراج بيان ولادة لطفلها”. 

وعندما تلد السجينة داخل السجن لا تحصل على بيان ولادة، بل تكتفي الإدارة بإصدار إذن للخروج إلى مستشفى الولادة، بحسب المسؤولة ذاتها. 

ولا تحصل على المستمسكات سوى السجينات اللواتي يتواصلن مع عوائلهن أو أزواجهن، فهم يتكفلون بمتابعة الإجراءات، أما قاطعات الصلة بأهلهن وأزواجهن فلا يحصلن على مساعدة من أحد “لأن المخاطبات طويلة والإجراءات معقدة” كما تقول المسؤولة في سجن الناصرية. 

ومن يحالفه الحظ من الأطفال، تصل إليه منظمة من منظمات المجتمع المدني لتساعده في الانتقال إلى دار إيواء واستخراج أوراق ثبوتية له. 

تقول منظمة “النجدة الشعبية” إنها عملت مع منظمات شريكة أخرى والحكومة المحلية في محافظة البصرة، على نقل 23 طفلاً مصاحباً لنساء في سجن البصرة إلى دور أيتام مع استخراج أوراق ثبوتية لهم هيأت لهم فرصة الالتحاق بالمدارس. 

لكن هوگر جتو، رئيس المنظمة، يعد نقل الأطفال إلى دور الأيتام حلاً غير مجدٍ، مشدداً على ضرورة بناء الحكومة دور إيواء تخصص لهم.  

وعلاوة على كل ذلك، يشير القاضي مصطفى إلى وجود فراغات تشريعية لم يلتفت إليها المشرع العراقي ولم يعالجها، ومنها إذا كان الطفل المصاحب للسجينة مجهول الأب، لافتاً إلى عدم وجود تشريعات بهذا الصدد وعدم تقديم أي جهة مقترح مادة قانونية لمعالجة هذه التفاصيل. 

حالات غامضة 

ثمة أطفال لا يولدون داخل السجون ولا يدخلون السجن مع أمهاتهم، لكنهم يواجهون أيضاً مشكلة عدم امتلاكهم مستمسكات وتصعب حياتهم إلى حد كبير عندما تلقى أمهاتهم في السجون، ومن هؤلاء الأطفال الأختان غير الشقيقتين زهراء (16 سنة) ورقية (عشر سنوات). 

اُدخلت زهراء ورقية إلى دار الزهور للرعاية في محافظة ذي قار عام 2020 بناء على قرار من قاضي الأحداث، بعدما أدينت أمهما بتعاطي المخدرات وحكمت بالسجن سنتين. 

ولم تتمكن إدارة الدار من تسجيلهما في المدرسة لأن المدارس ترفض تسجيل أي تلميذ وتحت أي ظرف من دون أوراق ثبوتية. 

وتقول نور علوان مديرة الدار لـ”جمّار” إن الطفلة زهراء غالباً ما تكون منزوية وتبكي بسبب مصيرها المجهول وعدم عيش حياتها كبقية الفتيات، وتمر بأزمة نفسية تسوء يوماً بعد يوم. 

ولا يُعرف على وجه التحديد سبب عدم استخراج هوية أحوال مدنية للطفلتين على الرغم من بلوغ الأولى 16 سنة، فالأم لا ترغب في رفع قضية إثبات نسب زهراء وتمتنع عن تقديم أي معلومات عن أبيها لأنها تتخوف من أن يأخذها منها. 

أما رقية فقد ولدت من زواج ثان غير مصدق في المحكمة، وبحسب الدار فإن الغموض يكتنف حياة الأم. 

قامت الدار بزيارة الأم في السجن الإصلاحي واستفسرت عن سبب عدم حصول الطفلتين على هوية أحوال مدنية، فتبين أن زواجها الأول كان في محافظة كربلاء، وعلى الرغم من وجود عقد زواج، لم تستخرج هوية للطفلة بسبب الانفصال قبل الولادة وادعائها باحتراق وثائقها الثبوتية وعقد الزواج، خوفاً من أن يسلب الزوج ابنتها منها، لذا انتقلت إلى محافظة ذي قار. 

وتظن باحثة اجتماعية في الدار تتواصل مع السجينة، أن الأخيرة تدعي احتراق أوراقها حتى لا يعرف الأب مكان البنتين ويسلبهما منها. 

وبعد انتهاء مدة محكومية الأم وخروجها من السجن، رفضت الدار تسليم البنتين لها لعدم امتلاكها مقومات العيش من مأوى أو دخل شهري أو وثائق ثبوتية، فبقيت مسألة المستمسكات عالقة. 

“واحدة من مشاكل غياب مستمسكات الأطفال أنهم لا يستطيعون السفر إلى محافظة أخرى أو إلى خارج العراق من أجل العلاج إذا مروا بأزمة صحية” تقول مديرة الدار. 

ويُعتقد أن بعض الأطفال ممن تحيطهم أمهاتهم بروايات غامضة، ولدوا من علاقات خارج إطار الزواج، وهو ما يزيد التعقيدات القانونية والإدارية في تسجيلهم. 

ويقترح القاضي مصطفى أن يعامل الطفل مجهول الأب معاملة الطفل “اللقيط”، على الرغم من أن ذلك يحرم الأم حقها في تسجيل الطفل باسمها. 

“هذا هو الحل الوحيد حتى يحصل الطفل على أوراق ثبوتية” يقول القاضي. 

وتنص المادة الثانية من الدستور العراقي على “منع سن أي قانون يتعارض مع ثوابت الشريعة الإسلامية”، لذلك لا يمكن أن ينسب الطفل للأم لأن إلحاق نسب الطفل إلى الأب المسلم يعد من الثوابت التي أقرتها الشريعة، بحسب مصطفى. 

كما يشدد جتو على دور الادعاء العام ومفوضية حقوق الإنسان في التقصي عن السجينات اللواتي لديهن أطفال “غير شرعيين” وتحريك دعوى قضائية عن طريق محاميها إذا كانت السجينة لا تملك عقد زواج، فيُجبر الأب على الاعتراف بالطفل. 

حياة السجن 

يعيش الطفل المصاحب لأمه داخل السجن كسجين، كما يقول باحث اجتماعي يعمل في سجن الناصرية رفض الكشف عن اسمه. 

لكن إدارات السجون “تحاول الاهتمام بالأطفال عبر توفير احتياجاتهم من حليب وملابس وأطعمة، حتى وإن كانت عن طريق تبرعات من الموظفين، مع توفير أماكن للعب والتشمس لهم” يضيف الباحث. 

ولا تخصص وزارة العدل أموالاً لتوفير احتياجات الأطفال المصاحبين، فيُعتمد على ما تقدمه المنظمات الإغاثية من أموال ومواد، كما تفيد المسؤولة في سجن الناصرية. 

قبل سنتين، كان عدد الأطفال المصاحبين في سجن الناصرية يصل إلى 20 طفلاً تتجاوز أعمارهم ثلاث سنوات، أما حالياً لا يتجاوز عددهم خمسة أطفال تحت عمر سنتين. 

ولا تملك وزارة العدل إحصائية بعدد النساء اللواتي يرافقن أطفالهن في السجون، لكن “شبكة عدالة السجناء” تقول إن قرابة 80 بالمئة من السجينات يصطحبن أطفالاً بحسب متابعات أعضائها لواقع السجون في مختلف المحافظات. 

يعيش هؤلاء الأطفال ظروفاً قاسية، فمعظمهم لا يحصلون على التعليم، ويترعرعون في بيئة غير سليمة، ما يضع مستقبلهم على حافة الهاوية. 

وفي محاولة لإنقاذهم، اقترح باحثون في سجن الناصرية إنشاء بيئة مصاحبة للأطفال، واستجابت منظمة “التواصل والإخاء”، إحدى منظمات المجتمع المدني، لهذا المقترح، فأنشأت قبل سنتين وبدعم من اليونيسف بيئة مصاحبة تضم قاعة ألعاب، وباحثين يقدمون الدعم النفسي ومراقبين يصححون بعض السلوكيات الناجمة عن تقييد الحرية التي تولّد سلوكيات عدائية لدى الأطفال نتيجة تأثرهم بالبيئة المحيطة. 

ويبدو ذلك ضرورياً لأن بعض الأطفال يتجاوزون عمر البقاء مع أمهاتهم داخل السجن المحدد بثلاث سنوات وفقاً لقانون إصلاح النزلاء والمودعين. 

وتشير منظمة “النجدة الشعبية” إلى أن بعض الأطفال تبلغ أعمارهم 12 عاماً وما زالوا مرافقين لأمهاتهم في السجون، عادّة عدم وجود دور لإيوائهم حجة غير مقنعة. 

ويقول الباحث في سجن الناصرية إن سبب بقاء بعض الأطفال أكثر من ثلاث سنوات يعود إلى تعلق الأم بطفلها أو معاناته من مشاكل صحية تستدعي بقاءه تحت رعايتها، أو أن ذوي الأم يتبرؤون منها ومن طفلها ويرفضون تسلمه. 

وفي العادة، يتواصل الباحثون الاجتماعيون مع عوائل السجينات لإقناعها بتسلم الأطفال، وفي حال عدم الاستجابة يرفعون طلباً عبر الشعبة القانونية في السجن، وبعد ذلك يصدر قرار قضائي بتسليم الطفل إلى إحدى دور الأيتام التابعة للدولة، بحسب الباحث. 

ويقول جتو لـ”جمّار” إن المنظمة سبق وأن عقدت اجتماعاً مع أعضاء لجنة حقوق الإنسان النيابية وممثلين عن وزارة العدل في أيار الماضي طرحت فيه عدداً من المعالجات منها إنشاء دور إيواء لبقاء الأطفال في أماكن قريبة من سجن الأمهات ليتمكنن من رؤيتهم بشكل دوري. 

وقدمت المنظمة مقترحاً بالاستفادة من تجارب ناجعة لدول أخرى مثل فرنسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا والهند والسويد، التي تتضمن إيقاف تنفيذ الحكم إذا كانت المحكومة حاملاً، على أن تبقى تحت رقابة الأجهزة الأمنية، وبعد الإنجاب بسنة أو سنتين يتم اعتقالها. 

“وبذلك تُحل مشكلة اكتظاظ السجون العراقية وانعدام وجود دور إيواء” يقول جتو. 

إلى الدار 

بالنسبة للناصرية، توجد ثلاث دور لإيواء الأيتام في محافظة ذي قار، يدخل الأطفال إليها وفقاً لقرار قضائي هي دار الطفولة المختلطة ودار الزهور للإناث ودار البراعم للذكور. 

وبحسب هند صادق الدليمي، الباحثة الاجتماعية في دار الطفولة، تستقبل الدار الأطفال حتى عمر ست سنوات، في حين تستقبل دارا الزهور والبراعم من عمر ست سنوات حتى 18 سنة. 

وتوفر هذه الدور الرعاية الأسرية والصحية والاجتماعية للأيتام، وتشمل خدماتها إرسال الأطفال إلى المدارس والترفيه وجميع المستلزمات الحياتية. 

“دار الطفولة تحتضن حالياً ستة أطفال تحت سن خمس سنوات، وهم أبناء سجينات” تقول الدليمي لـ”جمّار”. 

وتشير إلى أن صعوبة استخراج الأوراق الثبوتية للأطفال ازدادت بعد فصل دور إيواء الأيتام عن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وتحويل الإشراف عليها إلى الحكومة المحلية في المحافظة، ما قلل من التسهيلات المتاحة وأدى إلى نقص في الخبرات اللازمة. 

“كانت مخاطباتنا الرسمية تُرسل مباشرة إلى وزارة العمل ويتم الرد عليها بسرعة وكفاءة، أما الآن تضيع الطلبات المرسلة إلى ديوان المحافظة بين جهات عدة وتتعطل الإجراءات” تضيف. 

كما أن الدار كانت تضم باحثين معتمدين من الوزارة يقيّمون الحالات بدقة، “ولم يكن أي طفل يبقى من دون أوراق حتى الأطفال مجهولي النسب بفضل الإجراءات المنظمة، بالإضافة إلى قيامنا بإجراءات التبني بكفاءة عالية” تقول الدليمي. 

وبخصوص كفاءة الأداء في هذه الدور، يقول علي الناشي، مدير منظمة التواصل والإخاء في الناصرية، إن الخدمات التي تقدمها دور الأيتام جيدة إلى حد ما، حيث تتوافر أسرّة للأطفال وألعاب ورعاية طبية وفعاليات تعليمية، ولكن بعض الأطفال يواجهون صعوبة في التسجيل بالمدرسة لأنهم لا يملكون أوراقاً ثبوتية لأسباب متعددة. 

ويلفت إلى أن محامي هذه الدور لا يرغبون في التورط بالإجراءات الطويلة من أجل استخراج مستمسكات للأطفال، فضلاً على كونهم مقيدين بالضوابط والروتين الإداري. 

وقد نجحت منظمته في استخراج أوراق ثبوتية لعدد من الأطفال عن طريق محاميها. 

أما سجاد ومؤمل وزهراء ورقية وغيرهم أطفال كثيرون، لم يسعفهم ضعف القوانين وتطبيقها في الحصول على أوراق ثبوتية، ولم يحالفهم الحظ في وصول منظمات مدنية إليهم. 

شاهد أيضاً

ارتفاع التلوث البيئي في العراق.. وانتشار الكبريت ينذر بكارثة صحية

من أصل 18 محافظة في العراق، هناك 12 محافظة ذات بيئة “غير صحية” وست محافظات …

error: Content is protected !!