ظاهرة الزواج في المجتمع العربي قبل الإسلام

سـمير النشـمي

في العصر الجاهلي قبل الإسلام كانت بعض القبائل لها أساليبها وعاداتها في الزواج وقد حدد  المؤرخون عن تلك الفترة عدة أنواع سنذكرها إجمالاً وربما نفصلها مستقبلاً في مقالات أخرى ، 

علماً بأنّ المؤرخين كانوا يطلقون لفظة ( نكاح ) على ظاهرة الزواج ، والجمع ( أنكحة ) ومن هذه الأنكحة أو الزواجات ما أطلقوا عليه ( الإستبضاع ) ومنها ( زواج الرهط ) ومنها ( زواج أهل الرايات ) ومنها ( زواج الشغار ) ومنها ( تعدد الزوجات ) وفي هذه المقالة ، سنتناول بالحديث

في هذا المقال ( زواج الرهط ) فما هو زواج الرهط هذا .؟ بداية علينا أنْ نفهم كلمة الرهط ، فكل ما زاد عدده على إثنين من الرجال فهو الرهط ، وهذا يعني أن الرهط هم الجماعة ، ولذلك قالوا:- ( الرهط ما دون العشرة أشخاص ) وهذا النوع من الزواج يطلق عليه ( زواج تعدد الأزواج ) للمرأة الواحدة ، والأصل فيه دائماً هو قلة عدد النساء ، ولا يحدث هذا الزواج إلّا برضا الزوجة ، وبتواطوء وإتفاق بين المتقدمين للزواج منها ، ومثالاً على ذلك ، أنّ بعض الأخوة كانوا يشتركون في كل شيء ، في المال وفي الزوجة ، فللأخوة جميعهم زوجة واحدة ، تكون في النهار لهم وهم يحملون العصي معهم ، فإذا دخل عليها أحدهم وضع عصاه عند الباب ليدل على وجود أحدهم معها أمّا في الليل فتكون الزوجة مِن نصيب الولد الأكبر ..!

    ولمْ يكن هذا الزواج مقتصراً على العرب ، بل كانت تمارسه بعض قبائل التبت ، إذ كان يشترك

فيها بعض الأخوة فيساكنها كل منهم شهراً بالتبادل ، ولكنهم لا يقيمون معاً في منزل واحد ، وفي جزر كناريا كان لكل إمرأة حتى القرن الخامس عشر ثلاثة أزواج يحوزها كل واحد منهم شهراً ، وكان على الذي يحوزها في الشهر الثاني أنْ يمدها ويمد الزوجين الآخرين بالطعام ..! فالتشابه

واحد في هذه البيئات في مسألة تعدد الأزواج ..! وفي حالة الحمل والولادة فإنّ للمرأة الحق في

نسبة وليدها إلى واحد منهم ، فمما يروى عنها في هذه الحالة أنها تقول لهم:- قد عرفتم الذي كان مِن أمركم وقد ولدتُ فهو إبنك يا فلان ، فتسمي مَن أحبتْ بإسمه ، فيلحق به ولدها فلا يستطيع أنْ

يمتنع به ذلك الرجل ، إنّ ظاهرة تعدد الأزواج للمرأة الواحدة ، كانت مترسخة في عقلية أناس تلك

البيئات بحيث لم يستهجنوها ولم يعترضوا عليها ، ثم أنّ القدماء كانوا يجعلون فرقاً في المولود ، 

فإنْ كان المولود ذكراً إلحق بوالده ، وإنْ كانت إنثى فإنّ تلك المرأة المتعددة الأزواج لا تنسبه لأحدهم لِما عرف عن بعض قبائل العرب من كراهتهم للبنت ، فعقلية مجتمع الرجال كانت ضيقة في هذا الجانب إلى أقصى حدّ ، لذلك كان عدد النساء دائما أقل من عدد الرجال فيقع مثل هذا الزواج بسبب القلة العددية في النساء .! ولكن عندما جاء الاسلام قد ألغى هذا النوع من الزواجات وأعطى

مكانة متميزة للمرأة ، وهذا ما ربما سنتعرف عليه في مقالات أخرى ..!

شاهد أيضاً

العراق وطن القلوب والحضارة

اللواء الدكتورسعد معن الموسوي أنا دائمًا ما أبتعد عن الحديث في السياسة وعراكها، لكن عندما …

error: Content is protected !!