وفاء الفتلاوي
يسعى العراق للتوجّه نحو اقتصاد السوق وتنوّع الإيرادات غير النفطيّة من خلال تفعيل القطاع الانتاجي من الزراعة والصناعة وكذلك تفعيل قطاع السياحة والتكنولوجيا؛ للخروج من اقتصاده الريعي الذي يعتمد كلياً على القطاع النفطي حيث يمثل مانسبته 95% من إجمالي دخل العراق من العملة الصعبة.
وللخروج من الدولة الريعية الى الإنتاج المطلوب من الدولة الاهتمام بالقطاع الصناعي لوجود المؤهلات والاستفادة منها ببناء صناعة وطنية من أجل امتصاص البطالة وتوفير الاكتفاء الذاتي للشعب العراقي والمحافظة على الأمن الغذائي وكذلك الزراعة حيث توجد جميع مستلزماتها من الأرض والأيدي الفلاحية بعد الاهتمام والاستفادة من تنظيم المياه لسقي المزروعات وكذلك الاهتمام بالسياحة حيث يعتبر العراق من حيث مراقد الأئمة الأطهار وكذلك التاريخ الزاخر بالحضارات القديمة.
حيث دعا صندوق النقد الدولي الحكومة العراقية إلى إجراء ضبط لأوضاع المالية العامة، وفاتورة أجور القطاع العام، وزيادة الإيرادات غير النفطية لتحقيق استقرار اقتصادي.
حيث اكد صندوق النقد الدولي حاجة العراق إلى نمو أعلى وأكثر استدامة في القطاع غير النفطي لاستيعاب القوى العاملة سريعة النمو وأن نمو القطاع غير النفطي في العراق قد انتعش بقوة عام 2023.
وعلى هذا الأساس، دعا عضو مجلس إدارة المجلس الاقتصادي العراقي باقر المشاط، إلى ضرورة اتجاه الحكومة نحو الاقتصاد الحر من خلال تفعيل بيئة استثمارية رصينة وبالتعاون والتنسيق بين القطاعين العام والخاص.
واقترح المشاط، استحداث شعبة خاصة في امانة مجلس الوزراء خاصة بمتابعة خطوات الانتقال والتعاون بين جميع الاطراف لانجاح هذه الانتقالة.
ودعا المشاط، القطاع الخاص، لاسيما المصرفي إلى “دعم هذه التوجهات من خلال توفير الضمانات المالية لجذب الشركات والمستثمرين الأجانب.
وتابع قائلاً، أن الآن افضل توقيت لدعم هذه التوجهات الحكومية، خصوصا ان المواطن بدأ يتناغم مع هذه الاجراءات التي تصب في النهاية بصالحه.
فيما، قال المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، إن العراق استطاع أن يتجاوز الظروف الصعبة التي مر بها والتي خلفتها المشكلات بسبب سنوات الحرب والحصار الاقتصادي قبل العام 2003، واستطاعت البلاد بعد تغيير النظام السابق من إدارة الملف الاقتصادي بشكل قاد الى تغيرات كبيرة في الرفاهية الفردية التي ابتدأت بإطفاء الديون الخارجية المترتبة على العراق وهي ديون قبل العام 1990 والتي كانت تزيد على ست مرات الناتج المحلي الاجمالي قبل العام 2003 إزاء المقياس العالمي الذي لا تزيد الديون الخارجية بموجبه على 60% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأضاف أن “حقبة الحصار الاقتصادي قبل العام 2003 تسببت بأضرار إنسانية فادحة تحملها الشعب العراقي، إذ هبط متوسط دخل الفرد السنوي الى أقل من 670 دولار ما جعل العراق يدخل حينها منظومة البلدان الفقيرة التي خضعت لأمد طويل من الصراعات الداخلية والخارجية ودمار البنية التحتية التي قدر الخراب حينها في مؤتمر مدريد للمانحين للعراق في تشرين الأول من العام 2003 قرابة 58 مليار دولار”، مبيناً أنه “وبالرغم من ذلك الإرث الاقتصادي الثقيل، فإن متوسط دخل الفرد العراقي ارتفع بعد العام 2003 تدريجياً ليبلغ بالمتوسط بين 4000 دولار كحد أدنى صعوداً الى 6000 دولار سنوياً، كذلك انخفض التضخم السنوي من متوسط نمو لم يقل عن 50% قبل العام 2903 الى معدل لا يتعدى اليوم 4% سنوياً.
وأشار صالح الى أن “التشغيل الحكومي الواسع على الرغم من اشكالياته إلا أنه وفر متوسط دخل للموظف الحكومي لا يقل اليوم عن 8000 دولار سنوياً، وهو بالتأكيد يفوق متوسط الفرد من الناتج المحلي الاجمالي علماً أن هناك قرابة عشرة ملايين مواطن يتلقون دخلاً حكومياً من رواتب ومنح ومعاشات تقاعدية ورعاية اجتماعية ما يعني أن غالبية الأسر العراقية تتمتع بالدخل النقدي الحكومي الا استثناءً، وأن مفهوم الإعالة لكل متلقٍ دخل حكومي لا يقل عن 4 أفراد، ما يضع البلاد فوق خط الفقر.
صالح دعا، الى ضرورة أن تذهب خطة الدولة في دعم المصنع العراقي الى توفير ضمانات سيادية بما لا يقل عن 85% من قيمة المشروع الصناعي الأهلي وحسب الأولويات، لاسيما الصناعات التي تتوافر مدخلاتها ولوازمها محلياً وترتبط بتطوير البنية التحتية للعراق وإدامة بناء السكن والمشاريع العمرانية التي تشهد اليوم انطلاقة فريدة حقاً.
بدوره عد الأكاديمي والباحث الاقتصادي، عبد الكريم العيساوي، التنويع الاقتصادي يسهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية والمحلية المباشرة، إذ تلعب سياسة التنويع دوراً كبيراً في جعل قطاعات الاقتصاد غير الرئيسة تسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسب كبيرة تصل إلى 50 بالمئة.
وبين، أنَّ اتباع هذه السياسة يحتاج إلى بيئة ملائمة من خلال التشريعات والقوانين التي تسهل عملية دخول المستثمرين، وبالتالي حماية الاقتصاد الوطني من الصدمات الخارجية، إذ تتجلى هذه الأهمية بشكل خاص في الدول النامية النفطية التي تعتمد مدخولاتها الرئيسة على أسعار النفط في الأسواق العالمية حسب آلية العرض والطلب إضافة إلى مجموعة من العوامل السياسية والطبيعية.
وذكر العيساوي، أنَّ سياسة التنويع الاقتصادي تسهم أيضاً في دعم القطاع الزراعي وتحقيق التنمية، وتهدف إلى دعم أسعار المنتجات الزراعية التي تدخل كمواد أولية لبعض الصناعات المهمة كصناعة النسيج والسكر والزيوت النباتية وصناعة التعليب.
الى ذلك قالت عميد كلية اقتصاديات الأعمال في جامعة النهرين الدكتورة نغم حسين، إنَّ سياسة التنويع الاقتصادي تسهم بمواجهة التقلبات في أسعار النفط وحصيلة الصادرات التي تؤثر في معدل الإنفاق الجاري للموازنة العامة، وبالتالي تنعكس سلباً على مستوى نمو الناتج المحلي الإجمالي.
وأضافت أنَّ سياسة التنويع الاقتصادي تعمل أيضاً على تطوير التكامل والروابط بين القطاعات المختلفة، داعية في الوقت ذاته إلى تبني إجراءات ملموسة لدعم القطاع السياحي وزيادة الاستثمار في المشاريع السياحية، مع الأخذ بعين الاعتبار محاربة الفساد من خلال إيجاد بيئة آمنة للاستثمار ومنع الاستحواذ غير الشرعي على العقود والمشاريع الاستثمارية.