كيف يسردُ أطفالنا القصص ويتعلمون كتابتها؟

أوس ستار الغانمي

عندما يتعلق الأمر بالتنمية في المراحل المبكرة للأطفال، فإننا جميعًا نرغب بتوفير أفضل الفرص نمو وتطور ونجاح أطفالنا. وبهذا، نريدهم أيضا أن يكتسبوا مهارات متعددة، وأن ينموا خلال رحلتهم المتمثلة في الالتزام بالتعلم والمرونة والتصميم والتواصل والكتابة.

يمر الأطفال بمراحل متعددة خلال سنواتهم الأولى، بدءًا من الخربشة والرسم. ونحن كأهل ومسؤولين، فإن دافعنا هو أن يتعلموا قدر المستطاع، بينما ما زال عقلهم الإبداعي يفيض بالأفكار الهائلة والقصص الغريبة.

ولكن لماذا يجب أن يبدأ الأطفال الكتابة في سن مبكرة؟

عادة، يميل الأطفال نحو الفضول للتعلم وتجربة جميع أنواع السيناريوهات. وهنا الكتابة لا تعني تعلم اللغة لأغراض التواصل الأساسية ولأغراض أكاديمية فحسب، بل يجب أن تكون لدى الطفل رؤية ثاقبة ليسكب قلبه على قطعة من الورق قد يتبين أنها سحرية.

أتذكر في طفولتي، كنت أكتب قصصًا متعددة، بما في ذلك طفل يطير بعيدًا في السحاب، وآخر خارق ينقذ أخته، وقصة حارس المدرسة، والأخوات السبعة، وغيرها الكثير. فعندما نكون صغارًا، ليس لدينا حدود تفصل بين الخرافات والعالم الحقيقي، وبالتالي تتوسع آفاقنا بطرق متعددة، مما يوفر لنا الفرصة للتعلم بأنفسنا. لذا فمن المهم خلال مراحل النمو أن يعرف الأطفال مهاراتهم التي ستساعدهم لاحقًا بشكل أكاديمي ومهني في حياتهم.

ولأن الكتابة جزءٌ مهمٌ من حياتنا، أليس من الأفضل أن نتشرب المهارات في البداية للتغلب على العقبات في مراحل لاحقة؟ يطور الأطفال اهتمامًا كبيرًا بالأشياء التي يرونها من حولهم، ويمارسون الهوايات التي يحبونها أثناء نموهم. ويواصل العديد من هؤلاء تحقيق أهداف أكبر في حياتهم، ويصبحون مؤلفين مشهورين، ويباركون العالم بقصصهم المذهلة والمسلية.

من هنا، فإن “قراء اليوم هم قادة الغد”. ونحن لا نتحدث عن القراءة العشوائية مرة واحدة في الشهر، بل عن تلك القراءة التي تعد عادة منتظمة. حقيقة محزنة أن الكثير من أطفالنا لا يقرؤون حتى بهذا الحد الأدنى من الانتظام!

إن فوائد عادة القراءة في مرحلة الطفولة موثقة جيدًا، ولكن يجب غرسها بعناية. ويزداد الأمر سوءًا عندما يتعين عليها التنافس مع الهواتف المحمولة والتلفزيون والكمبيوتر المحمول. ويشمل ذلك عدم إجبار الطفل على القراءة، وتحديد وقت محدد كل يوم مع إتاحة الحصول على مجموعة من الكتب المناسبة لهم.

فوائد مذهلة

ويعد سرد القصص طريقة ممتازة لإلهام الأطفال وتعليمهم الأخلاق والشخصية. كما ويوفر سرد القصص أيضًا العديد من الفرص للتعرف على عالمهم، حيث يكتشف الأطفال الثقافة والتاريخ والمبادئ التي تجمع الناس معًا.. فالقصص تقدم الكثير من الفوائد التعليمية والنفسية. وعندما يتعرض الأطفال لمجموعة متنوعة من القصص، فإن ذلك يسهم في توسع مداركهم وخيالهم وكذلك مهاراتهم في استخدام المفردات. علاوة على ذلك، كلما زاد عدد الأطفال الذين يسمعون القصص، كلما تعلموا الأدوات اللازمة للتواصل الفعال.

وربما من الفوائد الأساسية لسرد القصص هي أنه يمكن أن تساعد في تعليم الأطفال دروسًا مهمة حول الصواب والخطأ، والخير والشر، وغيرها من الفضائل. على سبيل المثال، عندما تقرأ قصصا ما قبل النوم لطفلك، يمكنك دمج الشخصيات والحبكة لمساعدتك في مناقشة أهمية الأخلاق الأساسية (مثل الصدق واللطف والكرم). يمكن أيضا أن تساعد القصص على تطوير مشاعر الطفل بالتعاطف مع الآخرين، وكيفية حل النزاعات بشكل فعال.

كذلك، عندما يستمع الأطفال للقصص، فأنهم سيتعرفون على أنواع مختلفة من الأشخاص والأماكن والأحداث. يمكن لسرد القصص أيضًا أن يفتح عالمًا جديدًا من الاحتمالات، ويظهر للأطفال أن كل شيء ممكنا إذا كانت أحلامهم كبيرة.

على سبيل المثال، عندما تقرأ قصصًا عن مخلوقات سحرية، مثل الجان والجنيات، فإنك ستسهم في توسيع خيال طفلك، أما إذا كنت تقرأ قصصًا عن أحداث تاريخية أو ثقافات مختلفة، فتأكد إنك تعلم طفلك كيف يبدو العالم من حوله. التفكير الإبداعي أحد الفوائد الرئيسة التي تسلط الضوء على أهمية رواية القصص للأطفال. يعد سرد القصص طريقة رائعة لتشجيع الإبداع لدى طفلك عبر منحه االحرية في التوصل إلى النهايات الخاصة، وتساعده أيضا على ممارسة خياله ومهاراته في سرد القصص. فضلا عن امكانية سرد القصص مساعدة الأطفال على تعلم التفكير النقدي.

ومن خلال تحليل القصص واستكشاف التفسيرات المختلفة، يمكن للأطفال تعلم كيفية حل المشكلات والتفكير بشكل إبداعي.. على سبيل المثال، يمكنك أن تطلب من طفلك أن يتخيل أنه في مكان إحدى الشخصيات، وشجعه على التوصل إلى حل للمشكلة.

كما وتعد القصص مصدرًا غنيًا ومتنوعًا لفرص تعلم اللغة. يمكنها مساعدة الأطفال على تعلم كلمات جديدة وتحسين النحو وتطوير مهارات القراءة. فالقصص لا تقدم مفردات جديدة فحسب، بل إنها تمنح الأطفال فرصًا لاستخدامها في سياقات مختلفة.

يمكن لسرد القصص أيضًا أن يساعد الأطفال على تعلم كيفية التعبير عن مشاعرهم بطريقة صحية. من خلال سماع قصص عن شخصيات تشعر بالخوف أو الحزن أو السعادة، يمكن للأطفال اكتشاف كيفية التعرف على مشاعرهم والتعامل معها.

وربما من أفضل الأشياء في رواية القصص هو أنها غالبًا ما تؤدي إلى حب القراءة. عندما يتعرض الأطفال لمجموعة متنوعة من القصص في سن مبكرة، فمن المرجح أن يصبحوا قراءً مدى الحياة، فضلا عن مساعدة الأطفال على تطوير فهمهم بشكل أفضل للعالم من حولهم، يمكن أن يكون سماع القصص أمرًا ممتعًا أيضًا. من خلال قراءة القصص معًا، يمكنك أنت وطفلك مشاركة تجربة ممتعة تدوم مدى الحياة.

يمكن للقصص أن تساعد الأطفال على تحديد مشاعرهم وتنظيمها، وتعلم كيفية التعامل مع المواقف الصعبة. عندما يسمع الأطفال قصصًا عن شخصيات تواجه ظروفًا صعبة، يمكنهم تعلم كيفية التعامل مع مشاكلهم.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن لسرد القصص أن يساعد الأطفال على تعلم كيفية فهم مشاعر الآخرين أيضًا. من خلال الاستماع إلى قصص عن الشخصيات الطيبة والمفيدة والمتسامحة، وكيفية التعاطف مع الآخرين.

وأخيرًا وليس آخر، تعتبر القصص طريقة ممتعة لتعلم الأطفال. من خلال إشراك مخيلتهم وتوسيع آفاقهم، يمكن للقصص أن تساعدهم على اكتشاف أشياء جديدة عن العالم من حولهم.

ولأن الكتابة هي واحدة من أعظم متع التعبير عن الذات والخيال، لذا فمن الضروري أن تجهّز قلمك وورقتك، للتعرف على طرق رائعة لتشجيع طفلك على الكتابة:

  • اقرأ معهم.
  • أكتب قائمة بأفكار القصة.
  • لا تكن متذمرًا بشأن القواعد النحوية.
  • إنشاء الشخصيات.
  • إنشاء مذكرات شخصية.
  • أدخل مسابقات الكتابة.
  • الثناء والنقد.
  • اكتب بالألوان.
  • أدوات الكتابة الصوتية.
  • تدرب على اللعب بالكلمات.

شاهد أيضاً

ازمة لبنان تعبر خطوط الإنذار

العاصمة بيروت تتعرض للقصف الجوي من العدوان الإسرائيلي ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى َوتهجير …

error: Content is protected !!