(قصة قصيرة)
د. زينب ساطع
دكتوراه لغة عربية، أدب حديث.
مررت به فناداني باسمي، استغربت إنه يعرفه، أخبرني إنه يريد قراءتي، يريد أن يغوص في عالمي ويحلق في سماواتي، أخبرته ان عالمي يملؤه الضباب ولا يصلح للواضحين أمثاله.. فكان رده إن سحر النساء يكمن في غموضهن.. ناولته كفي وراح يقرأ راحتي بعينين حاذقتين..
قال هنا طير جريح، وهناك قلم مكسور..
وهنا دواة فارغة، وهناك بيت مهجور..
وهنا قصيدة صماء، وهنا نص مبتور.
وهنا فرشاة بلون بنفسجي، وهناك خيط مقطوع..
وهنا صبر نافد، وهنا حلم ممنوع..
وهنالك دمع مخفي وهاهنا ابتسامة كاذبة..
وهنا كذلك شجر وفسيلة.. ونار وبنزين وفتيلة..
للحظة خلته قارئ الفنجان بصيغة العصر وبلون العراق الرمادي الجميل..
واصل النظر بكفي واسترسل:
كلماتكِ من بحر خطوط يديك تولد..
وحروفكِ من هاتين الراحتين تتجدد..
ليس لحزنك انتهاء لكن الفرح آت بلا تردد..
ابتسمت وأنا استمع لجملة السجع التي يخدع بها هؤلاء السحرة المتذبذبين في حياتهم.. الذين يهرعون للنفاثات وصاحبات العقد.. ظنا إن المنجمين لهم وشيجة مع الجان..
الذي أثار استغرابي انه تحدث بكل شيء في يدي، ورأى بقايا الرمل الذي علق فيها بسبب الأزهار التي بذرتها قبل سنوات وأخفيت سرها عن جميع الناس خوفا من الحسد، تلك الازهار التي لم تنبت بعد قد رآها بوضوح وشدد على كتمان سرها..
وحين هممت بالإشادة بذكائه، وإنه رأى كل شيء في يدي حقا بعينين لا تخطآن وكلام مختصر مختزل، فوجئت إنه (أعمى)…!!!!