وفاء الفتلاوي
ينطلق العام الدراسي الجديد، وسط نقص حاد للمدارس واستمرار الدوام المزدوج وتأكيدات من وزارة التربية بتوزيع عادل وعاجل للمناهج الدراسية والتي لم تكتمل حتى اللحظة بسبب العوز المالي مع دخول العراق فصل الشتاء المحمل بالمفاجأت وتحذيرات منظمة الصحة العالمية من “اتجاهات مقلقة لمرض كوفيد-19”.
ومن المقرر ان ينطلق العام الدراسي الجديد في الاول من تشرين المقبل بحسب المألوف في كل عام، الا ان الوزارة لم تؤكد موعداً لقرع أجراس المدارس حتى اللحظة، وهناك توقعات بتأجيل الدوام نظراً لتزامنها مع العطل الرسمية.
وفي هذا السياق، اعلنت وزارة التربية انجاز أكثر من 1463 مدرسة ومؤسسة تربوية خلال هذا العام بين ترميم وبناء استعداداً لانطلاق العام الدراسي، وعدد المدارس الجديدة المنجزة تجاوزت 450 مدرسة في بغداد والمحافظات، علماً ان العراق يشكو من نقص 8 الاف مدرسة.
في حين ترى نقابة المعلمين ان العام الدراسي الجديد شهد زيادة 400 الف طالب قياساً مع عدد المدارس المنجزة ستبقى مشكلة حل الابنية المدرسية قائمة، فاذا لم تحل بشكل كامل ستستمر المعاناة، ولا يمكن ان تطبق طرائق التدريس في العراق مالم تحل مشكلة البنى التحتية.
وتأمل وزارة التربية ان يكون هذا العام 2023-2024 هو عام حل مشكلة الابنية المدرسية وفك الاحتناقات.
ورغم أن عدد مباني المدارس قليل في العراق، يستعد نحو 12 مليون تلميذ للالتحاق بالعام الدراسي الجديد، وتشير إحصاءات الاخيرة الى أنّ البنية التحتية للعراق متهالكة في معظم مناطقه، وأنّ نصف عدد المدارس تضرّرت وتحتاج إلى إعادة تأهيل، بينما يطبق عدد منها نظام تعليم يتوزع على حصص عدة لمحاولة استيعاب أكبر عدد من التلاميذ.
وتفيد تقارير بأنّ نسبة 35 في المائة من المدارس في العراق لا تتضمن مباني خاصة بالمراحل الابتدائية، وأنّ 30 في المائة منها لا تحتوي على مبانٍ خاصة بالمراحل المتوسطة.
كما تكشف التقارير أنّ أكثر من 4500 مبنى خاص بمدارس ابتدائية و1280 مبنى تابع لمدارس ثانوية تحتاج إلى إعادة تأهيل، في حين يعتبر أكثر من 1800 مبنى مدرسي غير ملائم لتقديم أي خدمات تعليم على الإطلاق.
كذلك، تعاني المناطق الريفية من نقص حاد في عدد المدارس والمدرسين، وتفتقد الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه، فيما تضم بعضها 6 صفوف دراسية فقط.
من جهته، يلفت احد المدرسين، إلى مشكلة تسرّب الطلاب، ويقول: كلما تقدمت المرحلة الدراسية تدنى عدد التلاميذ، لذا نجد أنه بين 20 و30 في المائة من التلاميذ الذين كانوا في المرحلة المتوسطة لم يواصلوا تعليمهم الثانوي، ولا يرغبون في إكماله لأن كثيرين منهم لا يجدون حوافز لمتابعة دراستهم، أو يعملون من أجل إعالة أسرهم، أو يعانون من ظروف النزوح وغيرها التي تدفعهم إلى ترك التعليم.
وعلى ضوء ذلك أعلن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، إطلاق الستراتيجية الوطنية للتربية والتعليم 2022- 2023، مؤكداً أن “الستراتيجية ترسم خارطةَ طريقٍ لإصلاح المنظومة التربوية والتعليمية، بما يتطابقُ مع المعاييرِ الدولية، وترفع جودة وكفاءة نظامنا التربوي والتعليمي”.
واوضح رئيس الوزراء، نهدف إلى وضع نظام تعليمي وتربوي يسهم في ترسيخ مفاهيم التآخي والتعايش والقبول بالآخر، ونستهدفُ قيام المؤسسات التعليمية ببناء أنظمة تعززُ التفكير الإبداعي، وأن تنسجم مخرجات التربية والتعليم مع متطلّبات خطط التنمية المستدامة التي أقرتها الأممُ المتحدةُ حتى عام 2030.
وتزيد من عبء المشاكل على الطلاب والتلاميذ دخول فصل الشتاء مع مخاوف من تصاعد حدة الاصابة بفيروس كورونا وكذلك الاصابة بالانفلونزا الموسمية نتيجة لانخفاض درجات الحرارة.
حيث أطلقت منظمة الصحة العالمية نداءً تحذيرياً، شدّدت فيه على “اتجاهات مقلقة لمرض كوفيد-19” تزايداً في العالم قبل حلول فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي، وأشارت إلى ضرورة زيادة حملات التحصين وتعزيز عمليات المراقبة.
ولان العراق مازال قيد الانجاز والنهوض بمشاريع البنى التحتية وخاصة فيما يتعلق بالجانب الصحي تخشى العوائل على ابنائها وبناتها من الاصابة بهذا الوباء.
حيث اعلنت هيأة العامة للأنواء الجوية والرصد الزلزالي، موعد دخول البلاد فصل الخريف فعلياً، تبدأ مع نهاية شهر أيلول وتتسبب بتغيير في الحالة الجوية فضلا عن حدوث تقلبات وتغيرات مناخية.
بيد ان لجنة الصحة النيابية طمأنت العراقيين بوجود جميع اللقاحات الخاصة بفايروس كورونا والانفلونز، وان اجراءات وزارة الصحة ومديرية الصحة العامة مستمرة ومسيطر عليها بشكل كامل، اذا ما استجد الوضع بشأن فيروس كورونا او الانفلوزا.
ويشهد العراق منذ أكثر من 3 عقود تراجعا واضحا في القطاع الصحي بسبب الحروب العديدة التي خاضتها البلاد والحصار الاقتصادي الدولي بين عامي 1991 و2003، ثم الغزو الأميركي والتدهور الأمني الذي تبعه في مختلف المحافظات
اللجنة اكدت ان الواقع الصحي العراقي متهالك نتيجة تراكمات وإخفاقات وفساد على مدار عقود، وهناك مشاكل تزيد الوضع تعقيداً، أولها قلة مخصصات القطاع الصحي قياساً بالمطلوب، ما ينعكس سلباً على الخدمات المُقدمة، ويجعل الكثير من المواطنين يفضلون القطاع الخاص، إضافة إلى قلة عدد المستشفيات قياساً بأعداد السكان.
وصنف موقع “نومبيو” الذي يعنى بالمستوى المعيشي لدول العالم وجودة الرعاية الصحية، العراق بالمرتبة الثالثة كأسوأ دولة في مجال الرعاية الصحية الأولية بالعالم، وذكر الموقع في تقريره لعام 2023 أن “العراق جاء بالمرتبة الثالثة بأسوأ رعاية صحية بالعالم من أصل 94 دولة مدرجة بالجدول، حيث حصل على 43.46 نقطة فقط متقدما على فنزويلا وبنغلاديش”.
الا ان المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة الاتحادية سيف البدر وصف التصنيف الأخير لموقع نومبيو بأنه “مجاف للحقيقة ولا يستند لمعايير علمية”، مشيرا إلى ضرورة النظر لمجمل الخدمات الصحية في البلاد والصعوبات التي واجهتها، لا سيما الضرر الكبير الذي لحق بالمنشآت الصحية خلال الحرب على تنظيم الدولة بين عامي 2014 و2017 في العديد من المحافظات.