تمكين صحة المرأة العراقية

د. أيسر عبد الرحمن محمد

التمكين بصورة عامة هو عملية زيادة قدرة الأفراد أوالجماعات على اتخاذ خيارات وتحويل تلك الخيارات إلىالأفعال والإجراءات وصولاً إلى النتائج المطلوبة. والتمكين هو مجموعة من التدابير التي ترمي إلى زيادة درجةالاستقلال الذاتي ليحقق الأفراد من خلالها السيطرة علىظروفهم وتحقيق أهدافهم الخاصة، وبذلك يكونون قادرينعلى مساعدة أنفسهم والآخرين وتحقيق أقصى قدر منقيمة حياتهم. وهناك عدة أنواع للتمكين منها السياسي،الاقتصادي، التعليمي، التربوي، الصحي..الخ.

أما تمكين المرأة تحديداً فهو أحد افرازات النِسْوية (Feminism)‏ والتي هي مجموعة من الحركات الاجتماعية والسياسية والأيديولوجيات التي تهدف إلى تعريف وتأسيس المساواة السياسية والاقتصادية والشخصية والاجتماعية بين الجنسين. وطالبت الحركاتالنسوية ولاتزال تطالب بحقوق المرأة، منها: حق التصويت، شغل مناصب عامة، العمل، المساواة في الأجور، الملكية، التعليم، المشاركة في العقود، الحصول على حقوق متساوية في الزواج وإجازة الأمومة. والدمج الاجتماعي، وحماية النساء والفتيات من الاغتصاب والتحرش الجنسي والعنف الأسري. 

إذن تمكين المرأة هو مدى وصولها إلى المهارات والفرصلتشارك بمساواة في المجتمع (تغطي مقاييس حولالتحصيل العلمي والمشاركة الاقتصادية والمشاركةالسياسية والخيارات المتعلقة بالصحة والانجاب)، وذلك يعني توسيع دائرة الحرية والاختيار والتصرّف، التي منشأنها زيادة سلطة المرأة وتحكمها بالموارد والقراراتالخاصة بحياتها.

أما فيما يتعلق بالتمكين الصحي فهو يشكل ضرورة للإنسان (وللمرأة خاصة) لضمان تمتّع الجميع بأنماطعيش صحية، والجدير بالذكر أن الصحة الجيدة والرفاه والتمكين الصحي هي إحدى أهداف التنمية المستدامة 2030 برعاية الامم المتحدة.

وتمكين صحة المرأة يعتمد على عدة عوامل ومقدمات لابد أن تتحقق لضمان حصولها على صحة نفسية وجسدية سليمة أهمها:

أولا: التمكين الاقتصادي ويتحقق من خلال:

1. الاستقلال المالي للمرأة يؤمن قدرتها على الوصول إلىخدمات الرعاية الصحية والتغذية الجيدة.

 وهناك دراسة نشرتها هيئة الصحة العالمية ذكرت أن مؤشر تمكين الصحة مقارنة مع الناتج المحلي الإجماليللفرد يشير إلى أن تمكين صحة المرأة يتماشى مع التنميةالاقتصادية، وتم احتساب نتائج الدول استناداً إلىبيانات نشرتها هيئات متعددة الأطراف بما في ذلك، البنكالدولي، ومنظمة العمل الدولية، ومنظمة الصحة الدولية، إذ كان أدنى مؤشر في بنغلادش وباكستان بينما كان أعلىمؤشر في سويسرا، مما يؤكد وجود علاقة وطيدة بين الوضع الاقتصادي للفرد والدولة وبين التمكين الصحي.

2. الانفاق الحكومي العام على الرعاية الصحية من خلال بناء المستشفيات وتوفير اللقاحات والأدوية.

ثانياً: سن قوانين أو تفعيل قوانين تدعم صحة المرأة:

نحتاج إلى سن مجموعة من القوانين أو تفعيلها تدعم صحة المرأة مثل:

1. قانون الحماية من الإيذاء الذي يجرم العنف العائلي،بما في ذلك العنف الجسدي والنفسي والجنسي. 

2. قانون يجرم عمل الفتيات دون سن 18 في المقاهي والنوادي الليلية.

3. متابعة قضايا الادمان والمخدرات والحد منها، فالمرأة متضررة سواء كانت هي المدمنة أو من حولها مدمنون بالتالي ستكون هي الضحية.

ثالثاً: دور وزارة الصحة:

1. تقوم وزارة الصحة وبالتعاون مع منظمة الصحةالعالمية والجهات الحكومية والشعبية والأهلية بإعدادبرامج لمكافحة الإيدز أو الأمراض المستعصية أوالفيروسات المستجدة مثل كوفيد ويعمل هذا المشروع علىتقديم الخدمات اللازمة وإقامة ندوات توعية وإصدارنشرات صحية.

2. تخصيص خط ساخن لتلقي التساؤلات وطلبالمشورات ومخابر مركزية لرصد الحالات. 

3. اعادة التأهيل النفسي خاصة لسكان المناطق التيشهدت نزاعات وحروب.

رابعاً: دور منظمات المجتمع المدني:

يزداد نشاط الجهات غير الحكومية في نشر الوعيالصحي كوسيلة هامة من وسائل الوقاية من الإصابة،وكمثال على هذا النشاط المستمر عقد العديد من الندواتلنشر التوعية بقضايا الصحة الإنجابية، وأهمية الأكل الصحي وممارسة الرياضة، وأهمية الفحوصات الدورية وإقامة الورشات التدريبية التي تستهدف الفتيات والنساء في مختلف الفئات العمرية.

خامساً: دور الجانب الاعلامي ومواقع التواصل الاجتماعي:

الدور التوعوي والتثقيفي والوقائي في غاية الأهمية لغرض تعريف النساء بأهمية التغذية الصحية والرياضة والفحص الدوري والتحاليل الدورية.

وعلى سبيل المثال نذكر حراك التمكين الصحي للمرأة السعودية والذي حقق قفزات كبيرة، مع انتشار حملات التثقيف والتوعية بحقوق المرأة في المنشآت الطبية، إذ أطلقت وزارة الصحة السعودية أواخر شهر مارس (آذار) الماضي حملة توعوية بعنوان «يحق لك»، أكدت فيها أن للمرأة الحق في التوقيع على العمليات القيصرية وغيرها من التدخلات الطبية المهمة دون الحاجة إلى توقيع ولي الأمر الذي أصبح ماضياً مندثراً، ولم يعد معمولاً به في كل مستشفيات البلاد.

سادساً: دور المناهج التربوية والتعليمية:

1. اصدار كتاب التربية الصحية وادخاله ضمن مناهج الدراسة الابتدائية لخلق جيل واعي يدرك أهمية الجانب الصحي وكيفية الحماية والوقاية الصحية.

2. ضرورة رفع الوعي بين الممارسين الصحيين أنفسهم، والأهم بين الطلبة والطالبات لجميع الفئات العمرية.

سابعاً: العناية بالبيئة:

الاهتمام بالجانب البيئي ضروري جداً لاسيما وأن بيئةالعراق تعرضت للقنابل والصواريخ، اضافة إلى انتشار أبراج الهواتف النقالة في المناطق السكنية، مما له ضرر مباشر على صحة المرأة، اذا نحتاج الى اعادة التوازن البيئي مما له أثر كبير على الصحة العامة والصحة الانجابية خاصة.

(أخيراً أحبي نفسك وأعتني بصحتك لا توجد لكِ قطع غيار).

شاهد أيضاً

ازمة لبنان تعبر خطوط الإنذار

العاصمة بيروت تتعرض للقصف الجوي من العدوان الإسرائيلي ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى َوتهجير …

error: Content is protected !!