ماذا تعلمنا من الجندر؟

د. عامرة البلداوي 

خطابي للذين شحذوا سكاكينهم وكل اسلحتهم  , بل وشحذوا هممهم  وانكبوا ايام في سبيل تحليل هذا المصطلح الشيطاني ..البسوه لباس الفتك بالمجتمع وتمزيقه ونسبوا اليه كل انواع الشذوذ والأنحراف الأخلاقي ..حولوه الى بطل الهدم والتفكك المجتمعي ..وماهو الا مصطلح يعرفه الغرب كما يحلو لهم ولثقافاتهم ولتوجهاتهم ..ونعرفه نحن بما يتلائم مع ديننا واعرافنا واخلاقنا وقيم مجتمعنا .. اذا اردنا ان نغرق في تحليل المصطلح وفتح القواميس ومعاجم اللغة فهذا جهد لاقيمة ولاثمرة ترتجى منه ..وبما ان اكثر من اتهم بترويجه هم منظمات المجتمع المدني اذن فأسمعوا منهم كيف اشتغلوا واستفادوا من الجندر , بل وحتى مؤسسات الدولة استفادت من الجندر وسأمنحكم مثالا ساطعا .. وزارة التخطيط –الجهاز المركزي للأحصاء اصدر تقريرين ضخمين عن احوال التعليم الأبتدائي  والثانوي  وبين بدون ذكر اسم الجندر او النوع الأجتماعي الفرق بين التلاميذ (الذكور والأناث) في التحاقهم بالتعليم وفي تسربهم وعدد الهيئة التعليمية من الرجال والنساء وعدد مدارس البنات وعدد مدارس البنين . مئات المؤشرات التي يمكن ان نحصل عليها ونتابعها ونناقشها وعلى اساسها نطور حالة التعليم من خلال بيانات  جندرية (بيانات الذكور والأناث ) ومن خلالها تعلمنا وعلمنا بأن هناك فرق  وفجوة واضحة مابين البنات والبنين في اكمال التعليم الثانوي مثلا وخاصة في بعض المحافظات . ان هذه البيانات المصنفة جندريا (اي حسب اوضاع الذكور والأناث) تساعد المخططين على وضع سياسات للمستقبل تشمل حلول ناجعة فيما اذا كان الفرق كبيرا وواضحا . ان المنظمات اشتغلت مبكرا على رفع قدرات النساء (خاصة الأرامل والنازحات واللواتي لامعيل لهن ) وتدريبهن على مهارات حرفية على وسائل عمل يشتغلن بها ويعشن معززات مكرمات , بعد ان أظهرت دراسات جندرية ان مساهمة النساء في سوق العمل واطئة , المنظمات فتحت مشاغل الخياطة ووجهت النساء للعمل من المنزل وبيع منتجاتهن عبر الفيسبوك دون الحاجة لمغادرة المنزل , المنظمات قامت بتوعية النساء على المسار القانوني للحصول على منحة شبكة الحماية الأجتماعية وغيرها من حقوق متاحة لايعلمن بها بل ويتعرضن لآنتهاك كرامتهن بالتسول او طلب المساعدة من الناس , المنظمات وقفت بجانب النازحين رجالا ونساءا ووفرت الكثير من مستلزمات العيش الكريم ولم يكن ذلك عبثا بل على اساس المناطق الأكثر حاجة والمصنفة جندريا فأينما تكون نسبة النساء والفتيات اعلى تتركز جهود المنظمات لمد يد العون . لايتسع الحديث  لكل ما تعلمنا واستفدنا ووظفنا الجندر لمصلحتنا ولبناء مجتمعاتنا وسنستمر لأن هذه الفورة ستنتهي عندما يسود الفهم الصحيح وتتبنى الجهات الحكومية ذات العلاقة تعميم تعريفا وطنيا للجندر لمنع الأساءة او هدم كل الجهود التي بذلت لرفع مستوى مشاركة النساء في مجالات الحياة  فضلا عن حقها في الحصول على الخدمات التي تحفظ كرامتها  والفرص التي تعينها على التطور  كما  يحصل عليها الرجال وكل حسب قدراته ومستوى تعليمه ومهاراته.

شاهد أيضاً

(الاولاد تحت رحلة التكنلوجيا الحديثة)

نورا النعيمي التكنولوجيا الحديثة لها تأثير كبير على الأطفال، سواء كان ذلك إيجابياً أو سلبياً. …

error: Content is protected !!