مجتمعاتنا بين (التصنيم) و التقزيم !!

كاظم البيضاني

هل دخلنا ( الحداثة ) فعلا؟
تتغير طبيعة المجتمعات تبعا لتغير الزمن. لكن مجتمعاتنا لازالت تعيش حالة ( القداسة ) والتصنيم منذ عشرات القرون. وبنفس الوقت تعيش حالة الضيق بالراي الاخر وعدم تقبله بل ومعاداة صاحبه.
-الحاكم والوزير والمسؤول لا يصبح طاغية ولا ينتفخ الا عن طريق الجماهير. المجتمع نفسه هو الذي ( ينفخ ) الشخص ويعطيه اكبر من حجمه. كمية التملق والتزلف لا حدود لها , كما ان عدد المنافقين بازدياد.
هذه الثقافة ليست جديدة بل اكتسبت قوتها وديمومتها من التراث نفسه .من تقديس الاشخاص , و تحريم توجيه النقد لهم , الى التملق للحاكم وترسيخ فقه المصالح المرسلة وطاعة اولي الامر….الخ.

  • يقول نيتشه : ( القوة هي المبدأ الوحيد في الحياة , والبقية كلها شكليات ). فالقوي: صاحب السلطة والنفوذ والمال , هو محط احترام الجميع بغض النظر عن كم النقد الموجه له بانه لص او حرامي او ديكتاتور , بل هو محترم والجميع يتمنى التعرف عليه والتواصل معه بل والناس تفتخر بمعرفته.
    -في مجتمعاتنا , كلها بما فيها دول الخليج المليئة بالعمران والتطور , يحظى الشيخ او صاحب المعالي او الحاشية بالقاب عظيمة , وتصبح امنية المواطن البسيط هي التقرب من هذه الشخصية والتعرف عليها لانه ( شرف ) لا يدانيه شرف بل هو فخر يتناقله الابناء والاحفاد!
    -بنفس الوقت , صاحب الراي المخالف , يصبح منبوذا , لانه خرج عن ثقافة القطيع , فيبصح تقزيمه من ضرورات الحياة!!!
    لانه خطر على المجتمع والسلامة الفكرية!!
    اسرع طريقة للكراهية في مجتمعنا هو ان ياتي الشخص براي مختلف! ليتفاجأ بحجم العداء والكراهية.
    -مجتمعاتنا , كلها وبضمنها الاكثر تحديثا وعمرانا , لم تدخل عصر ( الحداثة ) بعد. لان الحداثة ليست بناء وتكنولوجيا , بل عقلية اولا واخيرا.

شاهد أيضاً

العراق وطن القلوب والحضارة

اللواء الدكتورسعد معن الموسوي أنا دائمًا ما أبتعد عن الحديث في السياسة وعراكها، لكن عندما …

error: Content is protected !!