د. محمد وليد صالح
أكاديمي وكاتب عراقي
الأيام العالمية التي أنشأتها الأمم المتحدة لتكريم المرأة ودعم إنجازاتهنَّ المعرفية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية المتحققة واحترام ادوارهنَّ في بناء المجتمع، ومنذ ثمان وستون عام على المؤتمر المرأة الأول المحتفى بها في مدينة باريس الفرنسية عام 1945، وانبثاق أهمية عصرهنَّ بواسطة رمزية الشرائط الوردية وإدانة العنف ضدهنَّ بأشكاله كافة.
إذ يقف السبب وراء إختيار شعار الاحتفاء بيوم المرأة العالمي في هذا العام وتميّزه تبعاً للظروف المحيطة بحياة المرأة، بالتزامن مع المتغيرات العالمية ذات الإيقاع المتسارع، بوصف هذا اليوم مناسبة تحتفل بها الدول بالنساء العاملات وغير العاملات من اجل تمجيد مساهماتهنَّ وتمتّعهنَّ بحقوقهنَّوتأكيد مساراتهنَّ نحو تطوّر العالم، فضلاً عن منحهنَّ فرص المشاركة العامة المختلفة في ميدان الأعمال والاقتصاد والعمليات الانتخابية كالترشيح والتصويت، واصبحت سمة العدالة العصرية في السلطة عبر أدوار الرجال والنساء وتقريب الرؤى، مع مراعاة العالم مبدأ النوع الاجتماعي والمساواة والامتناع عن التمييز بينهما، فالتحيًّز والعنصريّة أدّت إلى خلق فجوة كبيرة من الخلافات والنزاعات بين المجتمعين الذكوري والأنثوي، الأمر الذي ينعكس تأثيره السلبي على تحسين الحياة العلمية والعملية وسوء الفهم بين الجنسين وتدهوره.
فالمرأة أساس تقدم المجتمعات وارتقائها الحضاري وهي مدرسة إذا أعددتها أعددت جيلاً طيب الأعراق، فتجدها مجتمعات ساعية إلى تمكين المرأة من شغل المراكز العليا والبحث عن بناء السلام وتغيير العالم، فالخطط المحلية والأممية تهدف إلى توفير الاستشارات الستراتيجية للإدارة العليا حول التقدم في المساواة بين الجنسين وضمان المساءلة والامتثال من جميع الأفراد، وكذلك بناء القدرات لإدارة التحليل السياقي الجنساني الذي يقدم المعلومات اللازمة للمراحل المتنوعة من أعمال تخطيط حفظ السلام وتوجيهه في المراحل الانتقالية من الصراع بهدف تقوية المؤسسات الحكومية وغير الحكومية.
ان ضمان تبوء المرأة لمكانتها يتطلب العمل على مواجهة العوائق الاجتماعية والثقافية والسياسية ومخاطر الحماية التي تحدُّ من مشاركتهنَّ في صناعة قرارات السلام والأمن وحفظه، ومن المعروف أن النزاعات التي تنطوي على عنف تلقي بتأثيرها غير المتكافئ على المرأة، وتضاعف من حدة عدم المساواة والتمييز بين الجنسين القائمة، وكما أنهنَّ عوامل فاعلة في إحلال السلام وفض النزاعات، لكن أدوارهنَّ كلاعبات أساسيات ومؤديات للتغيير لم يعترف به بشكل كافي، بمعنى إن الإقرار بالفهم المختلف للنساء وخبراتهنَّ وإمكانياتهنَّ وادماجهنَّ في مستوياة الإدارة المختلفة أمر جوهري لاستدامة أدوار النوع الاجتماعي.
والمتابع لمستقبل المرأة ودورها في المجتمع لا يتعلق بمباراة استعراضية رقمية بقدر ارتباطه بمدى إفادتها من تفعيل هذا الدور على الواقع الفعلي، أو يصعب تنفيذ وتعزيز ذلك من طريق أجندات عامة قد لا تكون على معرفة كافية بخصوصيات المرأة في كل دولة وكل مجتمع، فالنهوض يبنى بالقضاء على أشكال الانتقاص من الكرامة الإنسانية والعنف والفقر للإناث منطريق تأمين حقوق المواطنة الكاملة لهنَّ، والتركيز على ضرورة وضع برامج الارتقاء بأوضاعهنَّ، وصياغة السياسة التعليمية ومحو الأمية وتمكينهنَّ الاقتصادي ودخول سوق العمل والإنتاج لتحقيق التكافؤ في الفرص، لخلق حالة من مستويات العيش الملائمة للمرأة، وتوسيع نطاق الخيارات المتاحة أمامهنَّ، لكونهنَّ متلقيات ايجابيات وعامل نشط وفعّال للتغيير ودافع قوي للتحوّل الاجتماعي.