رقمنة العنف الاتصاليَّة والمساواة الجندريَّة

د. محمد وليد صالح

أكاديمي وكاتب عراقي 

استعملت قوة التقانة الرقمية التحويلية بالنسبة إلى النساء والفتيات للدفاع عن حقوق الإنسان والحركات النسوية من أجل التواصل مع الآخرين وتعبئة الموارد وإحداث تغيير اجتماعي، منذ صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قبل خمسة وسبعين عاماً لحمايتهنَّ بشكل جماعي والتصدي للخطابات المناهضة للحقوق والنوع الاجتماعي، فيما يكافحنَّ تضليل المجتمعات والتقويض المستمر لحقوق المرأة والمساواة بين الجنسين، بهدف تحقيق العدالة ومنع التطرّفالعنف الجنساني والاستبعاد في الفضاء الرقميوفرصه الهائلة وردوده المعاكسة أحياناً.

ومنذ ذلك الحين تُرجِم التقدم على المستوى العالمي إلى تغييرات إيجابية طبعت حياتهنَّ فشغلنَّ اليوم مناصب في هياكل صنع القراروقيادة الحكومات وانتخبنَّ في عدة قارات، والعمل على تعزيز وحماية السلطة سواء أكان فردياً أم جماعياً ودعم الحيّز المدني المخصص لهنّ وتوسيعه ووصولهنَّ المتكافئ والعادل إلى المعلومات ومشاركتهنَّ الهادفة

ووفقاً لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، شهدت 85 في المئة من النساء عنفاً رقمياً يُمارَس ضد نساء أخريات، بوصفه عالمي وعابر للحدود فهذا النوع يتسم بتجاوز حدود المكان أو الزمان، كما يستعمل التقــدم التكنولوجي فى تنويع شكل ومحتوى الممارسات العنيفة والعدوانية وغير المشروعة فى أيوقـت وبدون أى قيود، في حين أن 38 في المئة من النساء تعرضنَّ شخصياً للعنف عبر شبكة الإنترنت كما أنّهنَّ أكثر عرضة من الرجال للاعتداءات عبر الإنترنت بمقدار 25 في المئة، ويأتي بالتزامن مع احتفاء العام الحالي يحمل عنوان (الرقمنة للجميع: الابتكار والتكنولوجيا من أجل المساواة بين الجنسين). 

فالفهم الصحيح والموضوعي للمساواة بين المرأة والرجل لن يؤدي إلى تدمير مؤسسة الزواج ولاالأسرة ولا الدين، فالأمر يساهم في الواقع في إثراء كل جانب من جوانب الثقافة والمجتمع، ولا تزال تلهمنا وتتحدّانا وتقودنا إلى الأمام.

مما يتطلب التخفيف من التحديات المختلفة مثل صعوبة تبوّئهنَّ لمراكز صنع القرار وتراجع حجم مشاركتهنَّ العامة على الصعيد المحلي والدولي، وزيادة فرص بناء القدرات وتنميتها المستدامة ومنحهنَّ فرص كافية، والتغلّب على المضايقات وضعف أدوات التمكين بمختلف انواعه، والتعامل بمعايير التوظيف المنصفة على أساس تعدد أدوارهنَّ النمطية، مع تنامي المؤشرات الذاتية والمؤسساتية كشرط معيار النوع الاجتماعي والكفاءة والتدرج الوظيفي لاختيار المراكز القيادية العليا، من طريق تقديم فرص جديدة وإتاحة إمكانية بذل جهود متنوعة للتصدي لهذه الظاهرة كمشكلة عالمية ذات آثار خطيرة على المجتمعاتوالاقتصادات في جميع أنحاء العالم، وتحديد اجراءات لدعم سلامة المرأة في الفضاء الإلكتروني ومناصرتهنَّ فيما يتعلق بالعنف الرقمي في وضع حلول على المدى القصير والمتوسط والطويل.

شاهد أيضاً

ازمة لبنان تعبر خطوط الإنذار

العاصمة بيروت تتعرض للقصف الجوي من العدوان الإسرائيلي ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى َوتهجير …

error: Content is protected !!