الإعلام وثقافة السلام

آية غانم

ثقافة السلام (Peace Culture) مفهوم ظهر حديثاً عبر مبادرة الدبلوماسي أنور الكريم شودري من بنغلاديش واعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع في 13 أيلول/سبتمبر في العام 1999 فهذه الثقافة تشتغل ضمن مساحة العلاقات الشخصية بين أفراد المجتمع وتوظيف معطيات القيم والعادات والحكايات والأساطير والنكات والأغاني والفلكلور والتراث لتوظيف ثقافة التكافل والتسامح واحترام الآخر بين أفراد المجتمع وحرية المرأة وحرية التعبير ورفض العنصرية والتمايز باللون والشكل والدين…  ومسؤولية نشر هذه الثقافة تضطلع بها وسائل الإعلام بالدرجة الأساس إلى جانب التربية والتعليم، والمؤسسات الدينية وغيرها، مما يساهم برفع وعي أفراد المجتمع بهذه الثقافة الذي ينعكس بشكل ايجابي لتغذية المجتمع بجميعالممكنات المناسبة التي حتماً ستنعكس ابداعاً وتطوراً في مجالات الحياة كافة سواء كانت على الصعيد الاقتصادي أو الثقافي أو الفكري…

الناتج عن تبادل الآراء وتنوع الثقافات والتعايش معهابشكل طبيعي، وهذا الحال من المستحيل ان نجده فيحالات الصراع والنزاع والحروب. ولما كان الإعلام اليوميشكل السلطة الرابعة في الدولة إلى جانب السلطات الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية ولقدرته على تحقيق التواصل بشكل قوي ومباشر، فإن الإعلام المرئي والمقروء والمسموع يمكنه تحقيق دوراً ايجابياً في بناء السلام . وذلك عن طريق خدمته لتحقيق المواطنة في المجتمع، فغاية التلفزيون أو السينما أو المسرح أو الموسيقى .. السامية هي تحقيق بيئة آمنة وتوظيفها في المجتمع ويمكن تحقيق غرس قيم المواطنة بوساطة طريقتين: (مباشرة وغيرمباشرة) فالطريقة غير المباشرة، هي عندما تتمسك وسائل الإعلام بدورها السامي وبموقفها الحيادي والمهني في ظلال الأزمات والمشاحنات والآراء المختلفة، فهي بدورها الحيادي هذا ستعزز ثقافة السلام وتدعمها بشكل غير مباشر، أما بالنسبة للطريقة المباشرة، هي عندما تتمتع وسائل الإعلام كافة بحريتها ومنحها الآمان في تسليط الضوء على القضايا التي تهدد الآمن داخل المجتمع، والوقوف بوجهها ومحاسبتها بشكل مباشر وصريح، وتسليط الضوء على القضايا التي تكون بحاجة إلى وقفة من الرأي العام، وعلى العكس من ذلك فقد تُوظيف وسائل الإعلام لخلق الأزمات،وخلخلة الأمن والسلام، وحرمان المجتمع مما كان يتوخاه ويرغبه منها. وذلك يحدث عندما يكون الإعلام مُسيساًوتابعاً إلى فئات أو أحزاب معينة، ولا ترى أي شيء منه سوى أن يكون قد نال رضا هذه الجهة أو تلك وفي هذهالحالة يكون الإعلام قد لعب دوراً ضد المواطنة سواءبتجاهل القضايا المجتمعية المهمة أو تسييره تجاه أبعاد قد تأخذ الإعلام نحو جعل ذاته أداة للصراع.

ولعل أهم ما يميز الإعلام هو مساندته إلى الرأي العام وهذاهو هدفه وغايته الحقيقية، أما إذا كان تابعاً لنظام سياسيمُستبد، فهنا هو شريك للنظام يقمع المجتمع و الآمنالمجتمعي غالباً.

ولاسيما عندما يلعب دوراً في الحرب النفسية والإشاعة، إذ تعد هذه الوسائل من أخطر الأسلحة استخداماً في الحروب النفسية التي توظف عن طريق رسم الخبر بشكل مُتقن وبطرق احترافية لتضليل المتلقي ولغايات تهدف الى إرباكه، أو المساهمة في زعزعت قناعاته من أجل تحقيق الغايات المرادة، ويمكن تفادي ومواجهة هذه الإشاعات بالإعلام الحر غير المؤدلج والذي يسعى جاهداً الى نقل الحقيقة وبشكل محايد. ولعل أهم ما يمكن فعله لمواجهة الإشاعات التي لا تتكئ على أدلة أو قرائن، هو مواجهتها الإعلام الحقيقي، ونقل الأخبار الحقيقية وبأدلة تؤكد مدى مصداقيتها، وكذلك تعزيز لغة الحوار والمصارحة، وهذا ماذكره الدكتور عامر حسن فياض في كتابه (مقدمة منهجية في الرأي العام وحقوق الإنسان).

شاهد أيضاً

(الاولاد تحت رحلة التكنلوجيا الحديثة)

نورا النعيمي التكنولوجيا الحديثة لها تأثير كبير على الأطفال، سواء كان ذلك إيجابياً أو سلبياً. …

error: Content is protected !!