د. نبراس المعموري
بلغ مؤشر التحول الديمقراطي في العراق 2021 – 2022 (3.9) درجات من مجموع عشر درجات، و وفق هذه النتيجة فأن العراق يصنف ضمن الانظمة (السلطوية جزئيا)، ما يؤشر سمة الركود واستمرار تراجع التحول الديمقراطي فيه.
ان نتائج استطلاع الرأي الذي أنجزه مركز حوكمة للسياسات العامة مؤخرا بعد دراسة المؤشرات العالمية ومحاولة توطينها ، تعد ليست مفاجأة، وهي تُعيد إنتاج المطالبات باهمية التغيير والاصلاح الديمقراطي خاصة مع بقاء مؤشرات التنمية المستدامة 2015-2030 دون مستوى الطموح وتراجع امكانية بناء مؤسسات قوية في العراق والتي كانت سببا رئيسيا وراء الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في اكتوبر 2019 .
و وفق نتائج الاستطلاع فقد أعلن ما يُقارب 50 ٪من العراقيين والعراقيات عدم ثقتهم بالعملية السياسية بسبب الفجوة التي خلفها الاداء الحكومي وان القوى السياسية الحاكمة لا يتسمون بالخبرة والكفاءة ومن الضروري اعادة الانتخابات خاصة بعد ما ترتب عنها (الانسداد السياسي ) وعدم الاتفاق على تشكيل الحكومة الذي افضى الى تراجع واضح في تلبية متطلبات احتياجات المواطنين/ات المعاشية والصحية.
طوال السنوات التي اعقبت تغيير النظام السياسي في العراق بعد 2003 كان هناك جدل حول ماهية التحول الديمقراطي وامكانية تحقيق ذلك بعد حقبة مليئة بالتجاذبات وعدم الاستقرار على صعيد وطني واقليمي، وكان ملاذ الاجابة لاغلب القوى والاحزاب التي تصدرت المشهد السياسي في العراق الاشارة الى الدستور العراقي النافذ 2005 وما تضمنه من ادوات لتحقيق الديمقراطية خاصة المواد المتعلقة بالترشح والانتخابات والتصويت .
لكن بالمقابل ليست كل الانتخابات التي يتعكز عليها السياسيون سواء في العراق او في البلدان الاخرى ديمقراطية، إذ طور الحكام والقوى النافذة أساليب عدة للتلاعب في الانتخابات لتحقيق مقاصد غير تلك التي ترجى من وراء الانتخابات الديمقراطية ، وهذا ما حصل في العراق وفق التجارب الانتخابية الوطنية والمحلية السابقة .
وبهذا الصدد عكست نتائج استطلاع قياس مؤشر التحول الديمقراطي بان هناك عدم ثقة في نزاهة الانتخابات وان 16% فقط من المبحوثين/ات يجدون ان الدائرة الانتخابية الصغيرة التي اعتمدت ضمن الية الدوائر المتعددة في انتخابات 2021 قربت بين المرشحين وناخبيهم وهذا يعكس عدم ثقة الناخبين بهذه الالية ، كما أفاد 61% من العراقيين/ات بان المال السياسي اثر في الانتخابات .
استطلاع رأي مؤشر التحول الديمقراطي في العراق 2021-2022 والذي حمل عنوان ((تصدع الديمقراطية) فيه تفاصيل كثيرة تستحق أن تقرأ وتراجع بعناية من قبل اصحاب القرار و المعنيين ، في محاولة لاستخلاص الدروس المستفادة لتصحيح المسار خاصة انه تضمن مؤشرات عدة من بينها الاستقرار الاقتصادي والحقوق والحريات وحكم القانون .