الجيوبوليتيك الشيعي صعود ام انهيار

المهندس : عــمــاد صــقــر

كان التاسع من أبريل/نيسان 2003 زلزالا سياسيا لا يزال العراق يعيش توابعه حتى الآن وربما لسنوات طويلة قادمة.. في ذلك اليوم سقطت بغداد واحتل العراق وزال نظام الحكم وتغيرت في البلاد أشياء أخرى كثيرة.. مقاومة اندلعت ومجلس للحكم تشكل ودستور مؤقت صدر ومطالب للطوائف والقوميات برزت وخدمات سيئة لا تزال تسبب للإنسان العراقي انتهاكا لأبسط حقوقه في الحياة.
تحت عباءة رجل الدين، زعيم سياسي شيعي جذب إليه ملايين العراقيين خلال مسيرته السياسية التي أعلن الإثنين عن نهايتها. ومقتدى الصدر الذي يتزعم “التيار الصدري”، مولود بالكوفة في مدينة النجف جنوب بغداد في 1973 لأسرة شيعية محافظة. وهو الابن الرابع للزعيم الشيعي محمد الصادق الصدر الذي اغتيل في عام 1999 بعد انتقاده الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. وورث مقتدى شعبية والده حيث أصبح زعيما بارزا في عراق ما بعد حزب البعث.

صعود الجغرافيا الشيعية.. التحول من الجيوبوليتيك الإيراني إلى الجيوبوليتيك الشيعي
إن الجيوبوليتيك الشيعي هو حالة معبِّرة للمجتمعات الشيعية بطبيعة جيوسياسية، فهو تعبير عن الجغرافيا الشيعية المؤثرة في علاقات القوة الدولية، عن طريق الدفع بالمجتمعات الشيعية إلى الارتباط بالمركزية الإيرانية، ومن ثم تشكيل قوة دولية صاعدة،
بدأ تشكيل حركة شيعية عابرة للحدود الوطنية وتعظيم المجالات الجيوستراتيجية للجيوبوليتيك الشيعي بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، أجبرت إيران على تسخير مقدراتها الوطنية لتحقيق وجود خارطة شيعية متمايزة عن الخارطة السنية في العالم الإسلامي
ويرتبط مفهوم الجيوبوليتيك الشيعي بالعديد من المجالات الجيوستراتيجية الحيوية التي تحيط به، والتي تشكِّل امتدادات جغرافية للمجال الحيوي الإيراني، ويمكن تصنيفها إلى خمسة مجالات جيوستراتيجية، هي: “دول المحيط الشيعي، دول المجال الحيوي الشيعي، دول خاضعة لتأثير سياسة التشيع، دول خاضعة لتأثير العلاقة بين إيران والطرق الصوفية، دول الشتات الشيعي”، ولكل مجال من هذه المجالات الجيوستراتيجية أبعاد جغرافية محددة ومتداخلة في بعض الأحيان.
بعد أيام ساخنه من المواجهات المسلحة والتوترات الأمنية التي شهدها العراق، على إثر قرار زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، اعتزاله العمل السياسي، وفي ظل القرارات المشابه العديد التي سبق واتخذها رجل الدين الشيعي بمناسبات سابقة قبل أن يعود مجددا للمشهد السياسي، ظل الباب السؤال مفتوحا حول إذا ما كان قرار الصدر هذه المرة قطعيا أم مناورة سياسية جديدة.

عندما أعلن علن مقتدى الصدر مشروعه السياسي الجديد، والذي كما يزعم هو مشروع إصلاح سياسي، بتشكيل “حكومة أغلبية وطنية”، وبعد رفض خصومه الشيعة في الإطار التنسيقي الشيعي لهذا الإعلان لجأ مقتدى الصدر إلى العديد من المناورات السياسية لتحقيق رغبته، وكان من أهمها دخوله في تحالف ثلاثي، مع تحالف السيادة الذي يجمع الحزبين السُّنين الأبرز في الانتخابات الأخيرة (“عزم” بزعامة رجل الأعمال السني خميس الخنجر، و”تقدّم” بزعامة رئيس البرلمان الحالي محمد الحلبوسي)، بالإضافة إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي فاز بأغلبية الأصوات الكردية في البرلمان العراقي (32 مقعداً
{ما الهدف من انسحاب مقتدى الصدر}

نوري المالكي أم مصطفى الكاظمي.. رئيساً للحكومة؟
وفي مناقشة قادة الإطار التنسيقي لخطوة تشكيل الحكومة المقبلة دون التيار الصدري، برزت مسألة هامة، مَن سيكون رئيس الوزراء القادم؟

تشكيل حكومة من دون التيار الصدري؟
بينما يبدو قادة الإطار التنسيقي الشيعي متفقين على أنه من الصعب تشكيل حكومة جديدة من دون التيار الصدري، فإنهم يحاولون البحث عن مقترحات لحل هذه المسألة.

حلفاء مقتدى الصدر

إن مقتدى الصدر قد دخل في تحالف ثلاثي باسم “إنقاذ وطن”، مع كل من تحالف السيادة السني، والحزب الديمقراطي الكردستاني (الحزب الحاكم في إقليم كردستان العراق)، فما مصير حلفاء مقتدى الصدر بعد قرار استقالة نواب الكتلة الصدرية من البرلمان؟

هل يمكن أن يتراجع الصدر عن قراره الأخير؟

اختار مقتدى الصدر توقيتاً مهماً لأمر نواب الكتلة الصدرية بتقديم استقالاتهم، وهو التوقيت الذي تبدأ فيه العطلة الصيفية لمجلس النواب، ما يؤجل عملية استبدال نواب الكتلة الصدرية.
ولذلك، لم يعد أمام القوى الوطنية العراقية إلا أن تعود إلى وعيِـها وحسّـها الوطني بإعادة ترتيب أوراقها، للتأثير في مُـجريات الأحداث في العراق في المستقبل القريب، بعد أن استنفذت سنوات العُـنف الأربع الماضية أغراضها ووصلت إلى طريق مسدود. ولا تعـد العملية الانتخابية بظهور قيادات قادرة على التغيير المطلوب ولم يعُـد أمام تلك القوى الوطنية العراقية إلا العمل على تشكيل كُـتلة وطنية تقود عملية الدفع باتِّـجاه وحدة العراق كوطن للجميع والتوصّـل إلى مخرج من المأزق الحالي، الذي نتج من أخطاء وتدخّـلات من القوى الإقليمية والعالمية.
المملكة الأردنية الهاشميّة, عمان.

حمى_الله_الأردن_وطناً_وشعباً_ومليكاً

شاهد أيضاً

العراق وطن القلوب والحضارة

اللواء الدكتورسعد معن الموسوي أنا دائمًا ما أبتعد عن الحديث في السياسة وعراكها، لكن عندما …

error: Content is protected !!