الإعــلام البديل 

د. محمد وليد صالح

أكاديمي وكاتب عراقي 

يعد الإعلام البديل في الألفية الجديدة النافذة التي تطل منها الغالبية العظمى من الأفراد, والأقليات، والشعوب المحرومة من التمثيل والتعبير عن رأيها وتطلعاتها نحو الحرية في وسائل الإعلام، وهو معني في ايجاد وسائل وأساليب وسياسات اتصالية بديلة عن الإعلام السائد، لكونه اصبح جزءاً مهماً من الحياة اليومية لهذه الغالبية. 

أولجا جوديس بيلي، وبارت كاميرتس، ونيكوكاربنتيير، يشيرون في كتاب (فهم الإعلام البديل) إلى جملة من تطبيقات النشر الإلكتروني والاتصال الرقمي، فضلاً عن التطبيقات اللاسلكية والاتصال عبر الأقمار الاصطناعية في سياق التزاوج بين تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، إذ يتم من طريقها تشغيل الصوت والفيديو واجراء الاتصال الهاتفي وارسال رسائل البريد الالكتروني, وهناك العديد من المعاني المتعارف عليها لتفسير الإعلام البديل وفهمه، منها ان يكون في مقابل الإعلام المسيطر إذ يعد مكوناً اساسياً في ترسيخ مفهوم المواطنة وقيم المجتمع المدني ووسيلة مهمة للوجود والتمثيل بالنسبة للمجتمعات المحلية والاقليات في تحديها لهيمنة وسطوة الرقابة الشديدة المفروضة عليها من النظم الشمولية. 

وهناك مساران لإستقراء الإعلام البديل وهما (الجوهري) التي ترى الهويات على انها مستقلة ومستقرة وذات جوهر حقيقي، وهذا بدوره يعطي هوية مستقلة لوسائل الإعلام المجتمعية، للعمل في خدمة المجتمع المدني إذ تتم المشاركة الفعّالة من جمهوره في النقاشات العالم لحل القضايا والمشكلات بواسطة الحوار، وثم مرحلة جيل الحقوق المدنية وفي مرحلة أخرى وصف المجتمع قائماً على التفاعل، وفي مرحلة ثالثة توسيع الانتخابات البرلمانية وشموليتها. 

أما المسار الآخر (العلاقاتي) الذي يرى ان الهويات تعتمد على بعضها البعض بشكل متبادل، على وفق الصوت المعبّر عن المجموعات المختلفة سواء أكانوا مجموعات عرقية أم اجتماعية أم ثقافية غير ممثليين بدرجة كافية في وسائل الإعلام السائد، وكذلك الإعلام الجذموري بوصفه مفترق طرق يلتقي عنده الجمهور مختلف التوجهات لتعميق مفهوم الديمقراطية والمدنية، ويتطلب مرونة واحتمالية المؤسسات الإعلامية, ويجعل من الصعب التحكم في وسائل الإعلام البديل وتحجيمها ويضمن ذلك استقلالها. 

ومن أبرز أشكاله الصحافة الإلكترونية، والمجلات والمنشورات والملصقات، والمدونات ورسائل صفحات مواقع التواصل الاجتماعي وبرامج السخرية السياسية والنكت الشعبية، وكتابات الجدران والاشاعات، والرسائل القصيرة والبريد الالكتروني والمنتديات ومجموعات وفرق الدردشة التفاعلية ذات الوسائط المتعددة، فضلاً عن وسائطه التي تشمل على بوابات الأخبار، والاذاعات المحلية والقنوات التلفزيونية الفضائيات الخاصة، والمواقع الإعلامية الشخصية, والمراصد الإعلامية. 

وان عرض محتوى المادة الإعلامية يستلزم أسلوباً معيناً لتقديم الموضوع إلى الجمهور المتلقين يعمل أساساً للتأثير والاقناع، من طريق نوعيات المحتوى والأسلوب الإعلاميين تتضح أهمية ذلك، ولذا فإن التأثير يكون كبيراً والاقناع يكون مؤكداً، لو ان المادة الإعلامية تضمنت معلومات تتفق مع الرأي المعارض أو رأي الأقلية، فإن مؤيديها أو المقتنعين بفحواها سوف ينعدمون، أو يقل عددهم، فالجمهور يعتنق بعض الآراء لأنها تؤمن ببساطة بأن تلك الآراء تتفق مع رأي الأغلبية أو الرأي السائد.

شاهد أيضاً

ازمة لبنان تعبر خطوط الإنذار

العاصمة بيروت تتعرض للقصف الجوي من العدوان الإسرائيلي ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى َوتهجير …

error: Content is protected !!