الفتوى دلالات وحقائق

يوسف السعدي

في الثالث عشر من حزيران من عام 2014 ، ومن العتبة الحسينية المقدسة، انطلق نداء المرجعية الدينية العليا وفتواها الشهيرة، بوجوب الدفاع الكفائي، وغرضها حفظ العراق وشعبه ومقدساته، بمجموعة كافية ويسقط عن الباقين.. دعت العراقيين القادرين على حمل السلاح، للانخراط في القوات الأمنية، للدفاع المقدس عن العراق وشعبه ومقدساته، والتصدي لارهابيين معتدين، ومنهج ظلامي بعيد عن روح الاسلام،  و أكدت على إن مسؤولية التصدي لهم ومقاتلتهم واجب الجميع، ولا يختص بطائفةٍ دون أخرى، أو بطرفٍ دون آخر.
هبّ رجال العراق الابطال شيباً وشباناً، ومن مختلف الشرائح الاجتماعية، واندفعوا الى ساحات القتال، بحماس منقطع النظير وهمّة لا توصف وخاضوا لأزيد من ثلاثة اعوام، عشرات المعارك الضارية بكفاءة عالية، تجلّت فيها البطولة بأروع صورها وأسمى معانيها، وقدّموا في هذا الطريق، الآلاف الشهداء وأضعاف ذلك من الجرحى والمصابين، انقاذاً للوطن الغالي وفداءً للحرمات والمقدسات، حتى منّ الباري عليهم بالنصر المؤزر، وتمكنوا من دحر الإرهابيين وتخليص الاراضي المغتصبة، من رجس المعتدين والقضاء على دولتهم المزعومة.
لم يكن ليتحقق هذا الانجاز التاريخي العظيم، لولا تكاتف العراقيين وتلاحمهم وتوحيد صفوفهم، وتجاوز القوى السياسية لخلافاتها وصراعاتها، وتعاليهم على المصالح الشخصية والفئوية، أمام المصلحة العليا للوطن والناس.
هذا النصر التاريخي العظيم قدم درسا بليغا، عن أهمية الوحدة والتكاتف بين ابناء الشعب، من اجل حفظ البلد وصيانته من جميع الاخطار، وأوضح انها السبيل الوحيد لتحقيق ازدهار البلد وتوفير الحياة الكريمة لمواطنيه، إنه أعاد اللحمة الوطنية للشعب العراقي، بعد الشرخ الكبير الذي أحدثه الإرهاب، والأداء السياسي الفاشل للطبقة السياسية.
هذا الامر توضحه كثير من المواقف والقصص، ونجاح “الحشد الشعبيّ” الّذي انضمّت إليه جماعات مجاهدة، في تحرير مناطق عدّة كانت تحت سيطرة “داعش” في جنوب بغداد وديالى وصلاح الدين، وتم تحرير كثير من المناطق السنية بواسطة المتطوعين الشيعة، وساهم  من السنة في صلاح الدين من خلال الحشد العشائري..
الدعم اللوجستي الكبير للحشد الشعبي وقواتنا المسلحة، كان يعتمد اعتمادا” كبيرا” على التبرعات والدعم الذي يأتي من عموم الشعب العراقي، وكذلك استقبال اهالي وسط وجنوب العراق، للنازحين من مناطقهم التي احتلها داعش، واحتضانهم في منازلهم، تمثل صورة عظيمة للتكاتف، بين ابناء الشعب العراقي ووحدته.
 اصرار المرجعية على أن “الحشد الشعبيّ” قوّة وطنيّة تشارك فيها كلّ مكوّنات المجتمع، ارتباطها الوحيد بالدولة العراقيّة، والتطوّع للقتال يتمّ عبرها وليس خارجها. كما أنّ إدارة الحشد تتمّ من خلال مؤسّسات الدولة الأمنيّة، كل هذه المواقف أعطت درسا عن أهمية التمسك بوحدة العراق وأمنه، وأدت إلى تماسك النسيج الاجتماعي العراقي، وإعادة اللحمة الوطنية، لتكون مثالاً يحتذى به في وحدة الصف والوطن.
هذه الفتوى المباركة وما حققته من نتائج، اظهرت للقاصي والداني الدور الكبير للمرجعية، في دعم استقرار الوضع الأمني والسياسي في البلاد، التي كانت تعصف بها رياح العنف من كافة الاتجاهات، وأكدت أنها قلب العراق النابض، وأب لكل شعبه وناصحه الامين، وأنها الجهة القادرة على أن تضع النقاط على الحروف، وتحديد المسار النجاة، الذي يحطم صخور الفتن.
أفلا يجب أن نفكر دوما في سماع رأي ونصيحة، هذا الرجل العظيم الذي هو أب لنا جميعا!

شاهد أيضاً

ازمة لبنان تعبر خطوط الإنذار

العاصمة بيروت تتعرض للقصف الجوي من العدوان الإسرائيلي ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى َوتهجير …

error: Content is protected !!