رحيم الخالدي
تتفاخر الدول المتحضرة بتضحيات شهداءها، الذين ضحوا بالغالي والنفيس، وأعظم تضحية هي الروح وليس هنالك أكبر منها، ولنا شاهد في سيد شهداء أهل الجنّة، “الامام الحسين” (عليه السلام) عندما ضحى بأغلى ما يملك في سبيل نهضة ورفعة الدين الاسلامي الحنيف، وقد بقي الدم ليومنا هذا شاهد على تسلط الطغمة الأموية وسقوطها، وإرتفاع وإنتصار الدم على السيف مهما بلغت قوته .
إمتلأت اراضي الجنوب وخاصة الصحراوية منها بالمقابر الجماعية، من الابطال الذين ثاروا ضد الظلم والجور البعثي الماسوني، الذي لم يترك ركن من أركان القتل والترهيب الا وسجّل له بصمة فيها، وبقيت وصمة عار في جبينهم، وما أن تمر سنة أو أكثر الا ويتم العثور على مقبرة جديدة تضاف لسابقتها وآخر ذلك قبل يومين، حيث تم إكتشاف مقبرة جديدة في “النجف الاشرف” ليتم تسجيلها مع أخواتها دون تغطية إعلامية تساوي تلك التضحية، وكأن هؤلاء المغدورين ليسوا من البشر .
ما تم إكتشافه من تلك المقابر يكاد يكون أقل من النصف، مقارنة بحجم التضحيات، ولم تخلوا أيّ مؤسسة أمنية في زمن البعث منه، فقد جعل نظام القهر البعثي كل الأرض مقبرة مع تغييب الأسماء، وهنالك الكثير من العوائل لم تستطيع إيجاد رفات أهلهم ليومنا هذا، لكن المدهش والذي يدعوا للتساؤل غياب الدور الإعلامي وخاصة الحكومي، عن هذه الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية، بحق أناس سواء ثاروا بوجه الظلم أو عبروا عن إمتعاضهم عن ظلم وجور البعث الصدامي .
المأمول والمطلوب من الجهات التي تدعي الإنسانية إظهار مظلومية هؤلاء المغيبين، الذين تم القاء القبض عليهم تحت جنح الظلام، ليتم دفنهم أحياء! ولا نريد تحميل المؤسسات الإنسانية غير العراقية مسؤولية التقصير، لأنها ومن خلال النتائج الأخيرة، أظهرت أنها تتعامل بفوقية! وحسب لون البشرة، وأوكرانيا مثال لذلك، لان بشرتهم بيضاء وعيونهم زرقاء، وكأن الباري عندما خلق الناس قد خلقهم بطبقات، وليسوا سواسية حسب مزاج من يدعون الإنسانية .
مقبرة أبي غريب تعج بالقبور غير المعروفة ولا تحمل سوى ارقام يعرفها من عمل تلك المجزرة وكان الاحرى بالحكومة منذ تأسيسها العمل على كشف كل الاسماء مهما كانت ديانته أو قوميته ليكون الرأي العام على علم سيما عوائلهم وشرح حجم التضحية التي فقد اؤلئك الشهداء حياتهم لقاء ذلك .
تستأجر الدول للكشف عن الآثار خبراء للكشف عن المواقع الآثارية، وهم بدورهم يعطون نتائج تكون أقرب للحقيقة، من خلال الاثار التي يحصلون عليها، بل وصل العلم لتحديد العمر والجنس وطريقة الموت، مع ذكر موجز بسيط عن مخطط للرفات .
اليس الأجدر بالحكومة سواء التي مضت أو الحاضرة، إستدعاء أولئك الخبراء بالكشف عن المقابر الجماعية، التي إرتكب نظام البعث جرائمه بحق أؤلئك الذين غيبهم النظام، مع شروحات بسيطة عنهم مع حجم التضحية، كذلك تكريم عوائلهم، وليس كما حصل كثير من المجرمين والذين سجنهم النظام سجناء سياسيين! وقبضوا مكافآت جراء جرائمهم، مع الفاسدين الذين تبوأوا مناصب كان الأجدر إسنادها لعوائل الضحايا .