د. نبراس المعموري
عملت المرأة طيلة السنوات الماضية على الخروج من نفق العزلة والانغلاق، فكان نضالها من اجل نيل الحقوق متسارع الخطى، واتخذ اشكالاً متعددة منها المشاركة في التظاهرات والتجمعات والملتقيات الدولية والندوات والسعي للمشاركة الجادة في ميادين العمل كافة.
وبالرغم من ان النصوص الدولية والقانونية انصفت هذا النضال مثل الاعلان العالمي لحقوق الانسان مروراً بالعقد الدولي للمرأة ، واتفاقية سيداو للقضاء على جميع اشكال التمييز ضد النساء ، و دساتير وقوانين بعض الدول العربية التي اشارت الى المساواة والمشاركة وعدم التمييز، لكن العبر ليست بسن المواثيق والاتفاقيات الدولية والقوانين بل بمدى تطبيقها ! و للاسف كان نصيب المرأة من هذا التطبيق لا ينسجم مع حجم الحقوق الكبيرة والمهمة الممنوحة لها في تلك المواثيق والقوانين، فقد ظلت مشاركتها قليلة ومحدودة بالنسبة لحجم تمثيلها في المجتمع بل ومهددة بالتراجع.
ان ابقاء المرأة تعاني من عدم التوازن والانصاف بين حقوقها المعترف بها دولياُ ووطنياً وحقوقها المهملة فعلياً سيترتب عنه احباط نفسي ينعكس على مجمل انشطتها المجتمعية والوطنية، ومدى شعورها بالمواطنة الحقيقية، خاصة اذا ما قارنا مستوى التوازن بين الحقوق والواجبات داخل مصطلح المواطنة فالنتيجة ستكون خطيرة وغير عادلة في ظل المعوقات التي تحول دون ذلك والتي من اهمها نقص في سد حاجاتها وحاجات أسرتها الأساسية من الغذاء والدواء والملبس والمسكن وبقاء قطاعات كبيرة من النساء محرومة من التعليم او الاستمرار فيه كما مازالت المرأة سجينة الأعراف والتقاليد العشائرية البالية التي اثرت على حجم مشاركتها السياسية التي ظلت محدودة في كثير من البلدان ومحاطة بقيود وموانع اضافة الى التمييز على اساس النوع الاجتماعي.
لقد صار بديهياً ان قضية المرأة بكل ابعادها هي قضية سياسية وطنية من الدرجة الاولى والنهوض بها لا يتم الا بنهوض الاسس التي يرتكز عليها المجتمع بكل برامجه ومؤسساته من اجل طرح فلسفة جديدة في مجالات التربية والتعليم والتنشئة الاجتماعية والاعلام بميادينه كافة، وان تحقيق مواطنتها لا يمكن ان تتم في فراغ ، وإنما تتأتى من خلال نضال سياسي تشترك فيه القواعد العريضة من الرجال والنساء كما ان تأكيد ذات المرأة وتعليمها وعملها لا يعني الانفصال عن الرجل ، فعلاقتهما تشكل ثنائية أساسية ومنسجمة وليست ثنائية ضدية قائمة على التنافس والتناقض، وهذا ما يحمِّل الرجل مسؤولية تفهم الدور الذي سيقع على عاتقه مع المرأة جنبا الى جنب في التسريع على منح المرأة حقوقها.
وعليه فان الارتقاء بمواطنة المرأة لا يمكن ان يتحقق الا من خلال ..
- شعورها بالاستقرار وتحررها من خوف المجهول ، ومن أهم هذه الاحتياجات السكن والغذاء والملبس والتعليم والخدمات الصحية.
- تغيير ثقافة المجتمع من خلال خطط واستراتيجيات على المستويين الثقافي والاجتماعي تتبناها الحكومات والمنظمات الدولية .
- تعزيز مشاركتها في التنمية وصنع القرار و تقليص الفوارق القائمة على اساس النوع الاجتماعي.
- تمكين المرأة عن طريق الاعتماد على الذات من اجل القضاء على كل أنواع التبعية والاستكانة اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً.
- توفير فرص التأهيل والتدريب واتاحة فرص الترقية الوظيفية امام الموهوبات من النساء للوصول الى ميادين العمل كافة.
- تمكينها اقتصاديا واتاحة فرص المشاريع الصغيرة لغرض الاكتفاء المادي والذاتي.