اكرام المحمدي
نالت اسراء حميد (٢٤ سنة)، شهادة البكالوريوس في الاعلام عام ٢٠١٠، لتتزوج ككثير من النساء العراقيات زواجا تقليديا، اذ خطبها والد من أصبح زوجها فيما بعد، دون ان يكون بينهما معرفة سابقة او تفاهم، لينتهي بها الحال فيما بعد أماً لطفل سعت اسرة زوجها الى التخلص منه ليكون رفضها سبب في طلاقها.
وتقول اسراء، إن “القسوة بدأت منذ اليوم الأول الذي دخلت فيها على اسرة زوجي، كان متعكر المزاج دوما، لم اشاهد يوما منه ابتسامة، يتعامل معي الجميع كجارية، وغيرة الام هي السبب فيما اتعرض له من تعنيف يومي”.
في أحد الأيام دخل الزوج الى غرفتها مستهترا، بادر الى ضربها بقسوة دون ان تعرف السبب، استنجدت اسراء بأسرتها، لتقرر الانفصال عن زوجها لتتخلص من التعاسة التي عاشتها لشهرين، قبل ان تستشعر اعراض الحمل، لتتراجع عن قرارها راجية في ان يكون المولود سببا في استقرار حياتها.
وتوضح اسراء، أن “ردة فعل زوجي كانت صادمة اذ خيرني بين التخلص من الجنين او العودة للحياة معه، فتيقنت ان لا مجال للبقاء معهم، وقررت الاستمرار بإجراءات التفريق، لكن زوجي ساومني بين التنازل عن حقوقي شرط موافقته على الطلاق”.
استمرت معاناة اسراء حتى بعد قرار المحكمة بالتفريق مقابل التخلي عن حقوقها ونفقة صغيرها، بل ازدادت حين حصلت على فرصة عمل في احدى الشركات الخاصة، صغر سنها جعلها عرضة للبحث في ماضيها على الرغم من سعيها لاخفائه، وبعد معرفة زملائها بقصتها من خلال متابعتها في منطقة سكنها، بدأت تتعرض للابتزاز والتحرش كونها مطلقة، أي انها فريسة سهلة المنال في نظر المجتمع، لتعاني حملة تشهير بين الموظفين ليصل الحال الى فصلها من العمل..
يعامل المجتمع المرأة المطلقة بصورة سلبية، فغالبا ما توجه أصابع الاتهام الى المرأة ، ويتوجب عليها تحمل كل ما تتعرض له في الحياة الزوجية من مشاكل، وان تتنازل وتسامح وتعطي فرصا للرجل مهما كانت اخطاءه، ما اجبر الكثير من النساء الى الانتحار جراء الضغط الذي يتعرضن له دون ان يكون لهن متنفس، خاصة في مجتمع ذكوري يتعامل بتناقضات تجاه ما يتعلق بمشاكل المرأة المطلقة لتكون عرضة للتقولات كما ترى الباحثة الاجتماعية براء الاحمد.
واجازت التشريعات الاسلامية حقا للنساء في طلب المرأة للطلاق من زوجها، ان لم تستطع الاستمرار معه، كما جاء في عدة آيات قرانية وأحاديث نبوية، بينها (وَإِذَا طَلقْتُمُ النسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُن فَأَمْسِكُوهُن بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرحُوهُن بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُن ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ).
الطلاق في التشريعات القانونية
تعاملت التشريعات القانونية مع الطلاق على عدة أسس يمكن ان تضمن حق المرأة في تقرير المصير، فعدم قدرة الزوج على تحمل مصاريف ومتطلبات الزوجة، والخيانة بعدة طرق بينها استخدام منصات التواصل الاجتماعية، وعدم توافق الزوجين الذي يؤدي الى لجوء كلا الطرفين الى علاقات بديلة تؤدي الى التفكك الاسري تتسبب في الخيانة ثم الانفصال، ناهيك عن المشاكل الناتجة عن الزواج المبكر كما يوضح المحامي مصطفى العبيدي.
ونص قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 المعدل، في المواد (٤٠، ٤١، ٤٢، ٤٣) على ان (لكل من الزوجين طلب التفريق عند توافر أحد الأسباب الآتية:
إذا أضر أحد الزوجين بالزوج الآخر أو بأولادهما ضرراً يتعذر معه استمرار الحياة الزوجية،
ويعتبر من قبيل الأضرار الإدمان على تناول المسكرات أو المخدرات على أن تثبت حالة الإدمان بتقرير من لجنة طبية رسمية مختصة ويعتبر من قبيل الأضرار كذلك ممارسة القمار ببيت الزوجية.
وتشير احصائيات مجلس القضاء الاعلى لشهر اب من العام الحالي 2021، ان حالات تصديق الطلاق الخارجي 4557 حالة اما التفريق بحكم قضائي بلغت 1660 حكما، مقارنة بإحصائيات شهر تموز من نفس السنة حيث بلغت حالات تصديق الطلاق الخارجي 1552 وتفريق بحكم قضائي بلغ 455 حالة.
تم تغيير بعض الاسماء في التقرير حفاظا على سرية المتحدثين