هل تستطيع الحكومة اسعاد المواطنين؟

محمد عبد الجبار الشبوط

(١) قد يثير القاريء سؤال اخر في الرد على هذا السؤال الذي جعلته عنوانا، وهو: هل من واجب الحكومة اسعاد المواطنين؟ والجواب: نعم، من واجبها اسعاد المواطنين بصورة مباشرة او غير مباشرة، حسب الحالة.

وهذه هو الثمن الدي يتعين على الحكومة تقديمه مقابل طاعة المواطنين لها. سُئل الامام الباقر عليه السلام ما حق الامام على الناس؟ قال: “حقه عليهم أن يسمعوا له ويطيعوا”، ثم سأله الراوي: فما حقهم عليه؟ قال: “يقسم بينهم بالسوية ويعدل في الرعية”. والمساواة والعدالة من مقومات السعادة، ويُضاف اليها غيرها بطبيعة الحال مثل الحرية والامن وتسهيل فرص العمل وحماية الجهد الخاص الخ.

فالمواطن يطيع الحكومة ما دام يجدها جادة في اسعاده وعدم التقصير في بذلها هذا الجهد.

فان قصرت او قامت بعكس ذلك سقط حقها في الطاعة، واصبح من حق المواطن الاحتجاج و نزع ولايتها والثورة عليها واسقاطها بالطرق المقرة دستوريا وقانونيا في البلد. وفي الدول الديمقراطية يحصل ذلك في البرلمان اذا توفر نواب ممثلون حقيقيون للشعب، او في الانتخابات التالية.

وهذا ما لا يتوفر للمواطن العراقي بشكل كبير بسبب طبيعة النظام السياسي الحاكم في العراق، وهيمنة طبقة سياسية معينة على الدولة. ولا يمكن القياس على استقالة حكومة عادل عبد المهدي لان ذلك كان موضوعا اخر. واذاً فمن واجب الحكومة السعي لاسعاد المواطن العراقي. وهنا يأتي السؤال الاهم، وهو: كيف يتم ذلك؟ يتحقق ذلك عبر الكثير جدا من الامور اذكر قسما منها فيما يلي: اولا، الرزق: ولعل هذا هو المطلب الاول لكل انسان والطريق المستقيم الى سعادته.

ويستغرق الانسان من ١٨ سنة الى ٢٢ سنة من اجل ان يكون مؤهلا للعمل اما في القطاع الخاص او العام. وتتحمل الحكومة مسؤولية تاهيل الفرد لدخول سوق العمل.

وتخضع هذه المسؤولية لحسابات كثيرة معقدة تشمل النظام التربوي، والجامعات، وحاجة السوق، والقطاع الخاص، والصناعة، والزراعة، والخدمات، والتجارة الداخلية والتجارة الخارجية، والبنى التحتية، والنظام المصرفي، والبيئة التشريعية والقانونية، وتيسير الاجراءات، والقدرة الشرائية، وقيمة العملة، والتضخم، والضمان الاجتماعي، والعلاقات الدولية وغير ذلك مما له علاقة برزق المواطن. ويظهر من تعداد هذه المفردات الكثيرة ان عملية توفير او تسهيل الرزق للمواطنين بحاجة الى عقلية قيادية وادارة علمية للموارد واحاطة شاملة بمستلزمات الرزق.

وهذه كله لم تتوفر في الحكومات الايديولوجية التي تعاقبت على حكم العراق منذ عام ١٩٦٣ على الاقل. وكان من النتائج المباشرة لذلك: ازدياد عدد الفقراء والعاطلين عن العمل واختناق السوق بخريجي الجامعات وتخمة الدوائر الحكومية بالموظفين الزائدين عن الحاجة وعدم ازدهار الصناعة والزراعة وضعف القطاع الخاص وتعاظم دور الدولة الريعية وارتهان الدولة بعائدات النفط وغير ذلك.

ولا اتردد من القول ان الطبقة السياسية الراهنة لا تملك وعيا عميقا وشاملا لمسألة الرزق في المجتمع، بل لا تفكر بها بهذه الرؤية المترابطة والمتكاملة لسبب بسيط وهو ان اسعاد المواطن وهمومه المرتبطة بذلك هي اخر ما يفكر به سياسيو هذه المرحلة، ولهذا نجد ان صراعاتهم تدور حول مسائل اخرى لا علاقة لها برزق المواطن.

للتاريخ اذكر ان رزق الموظف كان على رأس اهتماماتي حين توليت رئاسة شبكة الاعلام العراقي. وقد سعيت بجد، بالتعاون مع المعنيين من قيادات الشبكة انذاك، الى وضع سلم مريح للرواتب، بموجب القانون، وقد توّج رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي هذه المساعي بالموافقة على سلم الرواتب الجديد، حسب الصلاحيات القانونية.

ثم حاول رئيس الوزراء اللاحق حيدر العبادي الغاء هذا السلم، لكني قاومت هذه المحاولة طيلة وجودي في الشبكة.

يتبع

لا يتوفر وصف.

شاهد أيضاً

ازمة لبنان تعبر خطوط الإنذار

العاصمة بيروت تتعرض للقصف الجوي من العدوان الإسرائيلي ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى َوتهجير …

error: Content is protected !!