ألاِختلاف ونتائجه السيئة التي جربناها

سلام محمد العبودي

” ألاستشارة عين الهداية, وقد خاطر من استبد برأيه” قول منسوب لأمير المؤمنين علي عليه وآله الصلاة والسلام.

طبيعي جداً أن تختلف الرؤى والأفكار, والاختلاف لا يعني أن الاجتماع على الرأي مذموم, إنما هو لإنضاج الفكرة, واتخاذ قرار واضح, وبذلك يتفق على رأي واحد, لدرء فتنة ما فلا يحصل الصد والجفاء.

التشاور يوصِل للرأي الصائب, كل شخصٍ يرى فيما يطرحه, أنه الحق بعينه, وهو الرأي الحصيف, الذي لا كلام بعده, إلا أن المشورة والنقاش, قد تُظهر عكس ذلك, والعجالة والاستبداد بالرأي, قد توقِعَ الفرد ومن يتبعه, في منزلقات خطيرة, فتكون فتنةٌ تفضي إلى ما لا تُحمد عقباه.

ثَبَتَ بما لا يقبل الشك, هشاشة العملية السياسية في العراق, وذلك لعدم الأخذ بالمشورة, من قبل أغلب المتصدين للحكم, فقد كان تفكيرهم ولازال محدوداً, مُنصَبا على الحكم وحصولهم على المناصب, من أجل الحكم والتَحَكم وإزاحة الآخرين, باتخاذ شتى الوسائل, ومما قاله العرب” لا تشيرن على عدوك وصديقك إلا بالنصيحة؛ فالصديق يقضي بذلك حقه, والعدو يهابك إذا رأى صواب رأيك.”

عند وقوع الأزمات جَرَّب ساسة العراق, أنَّ من يمتلك الرأي الصائب, هم علماء المرجعية العليا, ولكن يرى بعضهم, أن ما يصدر عن المرجعية للاستئناس, وليس لتطبيق ما تدعوا له بحجة واهية؛ فقد صرح أحدهم, أنه لا يوجد سند قانوني, يجعل الساسة تطبق ما تقوله المرجعية! وكأن القانون قد تم تطبيقه بحذافيره, متناسين وقفاتها الوطنية, التي حافظت على كيان العراق وأمنه.

تَمُرُ السنون وتجري انتخابات تلو الأخرى, دون خدمة حقيقية, ويبقى الهدف الوحيد تكوين حكومة, بالرغم من الوصايا المتكررة للمرجعية, وما يقدمه حكماء السياسة من حًلولٍ, ليصل الوضع الداخلي لحافة الهاوية, فتظهر عبارة/ انسِدادٌ سياسي/ على الساحة, فلم يحصل أي كيان انتخابي, على أغلبية تؤهله للحكم, ليُعاد سيناريو 2010, في ظل صراعٍ وخلاف عميق.

بالرغم من التحذيرات الكثيرة والمركزة, بعدم الاشتراك في الانتخابات, وعد الإنصات الشعبي لما يُقال, بأن لا تغيير وأن الفساد, لا يمكن تحديه والقضاء عليه, إلا أن موجة الإحباط كانت كبيرة, فما بين التظاهرات المُخترقة, من جهات داخلية وخارجية, والترويج المخالف للقانون, ظهرت نتائج هزيلة, لا يمكن الوثوق بها.

هناك مثل عربي يقول” لا تبصق في البئر, فقد تشرب منه يوماً” وهذا المثل القديم, ينطبق على التحالفات السياسية, التي تكونت في العراق, مِن أجل المشاركة في الحكومة, حيث اعتادت في ترويجها, على تشويه الشركاء, واستعمال جيوش الكترونية لتبييض صفحتها, ولم تحسب حساباً, أنها ستحتاج لهم يوماً ما.

ضمن قانون الانتخابات البرلماني العراقي, لا يمكن لقائمة واحدة, الاستحواذُ على تكوين الحكومة, إذ أن العدد المحدد من المقاعد, لا يمكن أياً منها من ذلك, وعليه يجب العودة, للتحالف وفي حال عدم ردم الفجوة, فستكون النتيجة الحتمية, أزمات كبيرة قد تًسقط الحكومة.

هل حسب الفائزون حساباً للنتائج الوخيمة, التي ستنتج عن الاختلافات, والاستبداد بالرأي واتخاذ القرارات الفردية, دون الرجوع للشركاء؟

” أن تكون على حق, لا يَستوجِبُ أن يكون صوتك مرتفعاً” مثل ياباني, فهل يستوعب الساسة هذا القول, ليصلوا برامجهم بكل هدوء؟     

شاهد أيضاً

(الاولاد تحت رحلة التكنلوجيا الحديثة)

نورا النعيمي التكنولوجيا الحديثة لها تأثير كبير على الأطفال، سواء كان ذلك إيجابياً أو سلبياً. …

error: Content is protected !!